ليست زيارة تقليدية تلك التي قام بها الرئيس العراقي جلال طالباني إلى الرياض أمس.
فالرجل كسياسي عراقي كردي لم يسبق أن زار المملكة من قبل، وقد يكون للرجل رأي فينا، أو أن لنا رأيا فيه، المهم أن جل السياسيين العراقيين المعارضين للنظام السابق زاروا المملكة وأجروا محادثات سياسية فيها، إما قبل سقوط النظام أو بعده. لكن لا نذكر أن طالباني كان من بين الزوار.
من هذه الخلفية تأتي أهمية زيارة طالباني، ليس لكونه قائدا في الائتلاف الكردستاني فحسب، إنما لكونه رئيسا لجمهورية العراق الجارة الشقيقة. وقد قام بزيارة مفاجئة وصادمة لإيران أثناء انعقاد القمة العربية أحدثت جروحا في المشاعر العربية. فكان من الذكاء السياسي أن يعالج ما تركته زيارته الطهرانية بمناسبة عيد النيروز من مرارات في النفس العربية. وليس أفضل من الرياض محطة لاستخلاص ترياق التوجس العربي.
الأمر الثاني أن الانتخابات النيابية الأخيرة في العراق أفرزت وضعا دقيقا للغاية. فالعراقيون العروبيون المنضوون تحت لواء القائمة العراقية بقيادة إياد علاوي التي تبوأت المقدمة لا يمكن تجاهلهم لحساب حكومة موالية لطهران، تتكون من ائتلافات عربية طائفية وعنصرية كردية. لأن القفز فوق العروبة في العراق خطوة لا يمكن التنبؤ بعواقبها. خصوصا أن السنة وهم من أهم المدافعين عن عروبة العراق كانوا يلامون في السابق لعدم اكتراثهم بالعملية السياسية وعدم اشتراكهم في الانتخابات، وبعد أن انخرطوا في العملية السياسية وأسهموا في فوز قائمة وطنية عروبية يكافؤون بالتجاهل.