لا ينبغي لعاقل في اليمن أن يستهين بمجلس التضامن الوطني، ولا ينبغي لمجلس التضامن أن يستهين بما يمكنه فعله.
حقيقة تنبثق من غوغاء الصورة اليمنية المعقدة في هذا الزمن المضارع الذي لم يعد فيه أحد يعوّل على أحد، وليس ثمة في الكف ماء ولا يقين.
مدهش أن يتجمع هذا الحشد الكبير من أقيال اليمن في ظل عدم رضا السلطة عن المجلس، وكثير منهم هو الوقود الحيوي للحزب الحاكم الذي خذل أوفى أوفيائه وقاد الوطن إلى حيث أصبح خبراً يومياً على شاشات التلفزة.
بوجود المجلس أمكن لنا أن نتفاءل بواقع تتجلى فيه المبادرة الفردية وتتجسد فيه المسؤولية الاجتماعية وتموت فيه الأنانية الحزبية.. ويقول الأقيال كلمتهم الفاصلة في مجرى هذا الدوار المخيف الذي يعيشه الوطن..
ليس المقصود أن يتحول المجلس إلى أداة بيد ياسين سعيد نعمان وحميد الأحمر ضد صالح وهادي ومجور، أو بيد القبائل ضد الأحزاب أو بيد الجار ضد الدار.. أو بيد حسين الأحمر ومحمد عبداللاه القاضي ضد أحمد علي ويحيى بن محمد.. لا.. فاليمن اليوم بحاجة إلى كافة قواه وشرائحه وبحاجة إلى كافة أحبابه وذويه، وجيل الشباب مدعو، وبقوة، لأن يقول كلمته ويتحمل مسؤولياته من الآن تجاه الحاضر قبل المستقبل.. كما أن جيل الشيوخ بحاجة إلى ينقل أفضل ما لديه من مواهب بعضها عز أن تجد له مثيلاً.
وبالتأكيد فإن العودة لقيمنا الأصيلة التي يسود فيها التناصح والتحاب والايثار هي السبيل الأنجح للتخفيف من غلواء الانتهازية السياسية والتمترس الحزبي المجنون، والقروية الماحقة والمذهبية السامة.. وعليه فإن المجلس لا يزال يفتقر إلى الكثير من التقنيات الفنية التي تمكنه من بلورة نظرية وطنية ذات جاذبية وبريق وصدق. ولكي يتمكن كذلك من إيصال صوته الفيصل.. وهو بالفعل يضم جحفلاً جراراً من أقيال اليمن ومثقفيه بإمكانه أن يسهم بفعالية في تعديل موازين الأمور في اليمن.
ولدي همسة أريد إيداعها في مسامع قادة وأعضاء مجلس التضامن الوطني وهي أن المشاريع الخيرة في اليمن عادة ما تفقد بريقها عندما تقع فريسة للاستفزاز السياسي والإعلامي من قبل الآخرين..
لستم أعداء لأحد.. ولا حلفاء لأحد.. بقدر كونكم أعداء لكل مظاهر الخلل أينما وجدت وحلفاء لكل نوايا الخير أينما بدرت..
واليوم فإن اليمن يعيش مرحلة تمثل محك اختبار حقيقي لأي مكون وطني يريد أن يخلد اسمه في ذاكرة التاريخ، فالأزمة السياسية بين السلطة والمعارضة بإمكانها أن تكون أقل ضرراً إذا استطاع المجلس أن يكون ميزاناً لهذه العلاقة يحول دون وصول الخطو إلى طريق مسدود..
والأزمة في المحافظات الجنوبية بحاجة ماسة إلى شغل اجتماعي دؤوب يحترم الرجال ويعرف كيف يبلسم الوجع ويجبر القلوب ويعيد الألفة والثقة وهما مفتاح أي انفراج..
بإمكان مجلس أقيال اليمن أن يثبت للعالم أنه لم يزل في هذا الوطن رجال محال أن تتحطم البلاد وهم لا يزالون يتنفسون..