إن كنت مقيما على الضفة الأخرى من الخليج، وغبت وغاب ممثلوك عن المنامة وعرضتها السعودية البحرينية عصر الأمس، ورأيت الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ملتحفا بعلم البحرين الأحمر، والملك حمد بن عيسى آل خليفة ملتحفا براية التوحيد السعودية الخضراء، يرفعان السيوف ويرقصان على قرع الطبول وإنشاد راشد الماجد.
وإذا استمعت جيدا إلى الكلمات المتبادلة بين الزعيمين، ولاحظت عبارة خادم الحرمين "تأتي زيارتنا هذه لا لتضيف جديدا بل لتقول للآخر إننا وطن وشعب واحد في السراء والضراء". ثم فهمت أن الرياض ترسل تحذيرا لكل من تحدثه نفسه بتهديد البحرين اليوم أو غدا أو ساعة تفريغ شحنة غضب، نتيجة سياسة ما خرقاء، فاعلم أن ما قرأته وسمعته صحيح.
السعودية وملكها وشعبها، قوم لطفاء، يحبون الحياة والسلام، ولكنهم يفخرون بماضيهم، وأيام الشدة والنزال، سيف وساعد تحولا عندهم إلى رمز للقوة والثبات، السيف ليس مهما ولكن الأهم منه الساعد، والسيف السعودي موجود، وكلما دعت الحاجة إلى استخدامه فعل، حصل ذلك في الثمانينات في وسط الخليج العربي على تخوم خط فهد الجوي، وحصل مرة أخرى في جنوب البلاد، بل حتى داخل اليمن. يعتقد البعض أن الحرب الحوثية انتهت، ولكنها لم تنته حتى يعود من غوى في اليمن إلى قاعدته العريضة وهي الدولة الشرعية والمذهب السائد. ومثلما ترفض المملكة تهريب المخدرات إلى جزيرة العرب، ترفض تهريب الأفكار، فتتصدى للاثنين بحزم.
أمس أضحت البحرين سعودية، وأمس امتدت الجزيرة الصغيرة بعيدا إلى عمق الجزيرة، فانتهت حدودها عند ساحل البحر الأحمر وعند جبال عسير.
ما أجمل القوة عندما تقترن مع الحق. تأملوا مرة أخرى صورة الملك عبدالله وهو يتسلم "الأجرب" سيف جده، هل شعر بقشعريرة تسري في جسده مستحضرا صبر وجهاد الإمام تركي بن عبدالله بن سعود مؤسس الدولة الثانية، في زمن صعب، اختلفت فيه الأنفس، وغدر حتى القريب، وضعف الرجال، فصمد الإمام تركي وحده في برية.
إن صمد الجد وهو وحيد، فماذا يفعل الحفيد وهو عزيز بأهله وإخوانه وشعبه والمسلمين؟ لا نريد تحديات جديدة وفتناً ولكن الساعد السعودي هو الذي يصنع الفرق.