آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

عودة "السيف الأجرب"

«السيف الأجرب» الذي يعود إلى مؤسس الدولة السعودية الثانية الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود، كان هدية غير عادية من ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة لضيفه الملك عبدالله بن عبدالعزيز. فهو ذكّر بتاريخ الدولة السعودية ، وفتح عيون الجيل الجديد من السعوديين على تاريخهم الحديث على نحو غير مسبوق. فاسم السيف وحكاية وصوله إلى البحرين، على رغم أنها لم تخدم إعلامياً على النحو المطلوب، خلقت رغبة بمعاودة قراءة هذا التاريخ الذي ظل على هامش اهتمام التعليم والإعلام في السعودية، ولا يزال.

المتأمل للأسلوب الذي كتب فيه تاريخ الدولة السعودية بمراحلها الثلاث في المناهج الدراسية السعودية سيجد انه صيغ بطريقة سرد تقليدية جافة وغير مشوقة، حتى لا أقول إنها منفرة، فضلاً عن ان تاريخ الدولة السعودية يتساوى في الحجم والاهتمام مع تاريخ الدول الأخرى. وربما يتخرج الطالب السعودي من مراحل التعليم العام وهو يعرف عن تاريخ الدولة الفاطمية مثلاً اكثر مما يعرف عن تاريخ الدولة السعودية، على رغم أن التاريخ السعودي الممتد عبر قرون حافل بأسماء الأبطال والإثارة، لكن طريقة عرضه، واختصاره في شكل كبير، غيّباه عن ذكرى الأجيال السعودية، حتى صار مجهولاً.

لعل «السيف الأجرب» يعاود تحقيق انتصاراته في شكل معنوي هذه المرة، ويعطي للمتخصصين في تاريخ الدولة السعودية فرصة لمراجعة الطريقة القديمة التي غيبت هذا التاريخ. فكتابة رحلة هذا السيف بطريقة درامية مشوقة ستكون وسيلة ناجعة لنقل تاريخ الدولة السعودية إلى الأجيال الجديدة، وربما تحولت رحلة «الأجرب» إلى مسلسل تلفزيوني يروي هذا التاريخ. وأجزم أن الاعتماد على الأسلوب القصصي في رواية التاريخ هي الأسلوب الأكثر قدرة على توصيله للقارئ.

إن خير مثال على تحويل التاريخ إلى مادة مشوقة وممتعة، تجربة عبدالرحمن الشرقاوي في سيرة أئمة الفقه الإسلامي مثل مالك بن أنس، والإمام الشافعي، والإمام أحمد بن حنبل وغيرهم. ففي كتابه «الإمام الشافعي» استطاع الشرقاوي تحويل قصة هذا الإمام إلى رواية من الطراز الأول. وعلى رغم أن الكتاب نقل آراء الشافعي الفقهية، ومواقفه، إلا أن أسلوب الشرقاوي جعل من الشافعي بطلاً لرواية عظيمة تشدك حتى آخر كلمة. ولهذا فإن تاريخ الدولة السعودية ليس بحاجة إلى مؤرخين، بل إلى مبدعين على طريقة الشرقاوي. ولتكن البداية من قصة «السيف الأجرب».

زر الذهاب إلى الأعلى