لماذا يفجر شاب صغير لم يتجاوز عمره الـ18 أو اقل أو أكثر من ذلك نفسه ويبدد حياته هباءً منثوراً دون أي هدف أو غاية فيها أي شيء من الدين أو الوطنية أو المنطق أو العقل؟!
ولماذا يقع بعض الشباب خاصة صغار السن في "شرك" بعض المتطرفين والمهووسين بالقتل بهذه السهولة فيتخلون عن أسرهم وطموحاتهم وتعليمهم ومستقبلهم بل عن وجودهم ويخوضون مغامرة مدمرة ليس من ورائها سوى الفناء لأنفسهم والدمار لوطنهم والإضرار بدينهم وأمتهم وإزهاق الأرواح البريئة وإلحاق الأذى بالآخرين سواء من أبناء جلدتهم وأخوانهم في الدين أو من غيرهم من الأبرياء من بني البشر؟!.
أي هدف أو غاية يريد هؤلاء الشباب أو من يحرضونهم على هذا الفعل الشنيع تحقيقها من وراء هذه النظرة العدمية الكارثية التي ترتكز على مفاهيم القتل والدمار ولمجرد القتل والدمار فحسب! وأي وسائل شيطانية جهنمية ماكرة يلجأ إليها أولئك الذين يخطفون مثل هؤلاء الأطفال وصغار السن من النشء والشباب من بين أحضان أمهاتهم ومنازل أسرهم ويقومون بعمليات غسيل خبيثة لعقولهم ووجدانهم واستغلال حماسهم واندفاعهم للدفع بهم إلى التهلكة ومحارق الموت في الوقت الذي يحجم هؤلاء من "الشياطين الآدمية" عن القيام بأنفسهم بذلك الفعل الذي يدفعون غيرهم إليه ولكي يتمتعوا؟
هم وأهاليهم دون غيرهم بالحياة ومتاعها ويحافظون على أرواحهم وما يحصلون عليه من أموال أو منافع ومغانم على حساب دماء الضحايا وأشلائهم التي تتناثر عقب كل عملية إرهابية إجرامية ينفذونها بهؤلاء الشباب المغرر بهم من قبلهم وما يلحقونه بجرائمهم من أضرار فادحة بسمعة الوطن والإسلام والمسلمين ولكن ذلك هو أخر ما يمكن أن يفكر فيه هؤلاء المجرمين القتلة أو يضعون له اعتباراً أو يراعون في الله إلاً ولا ذمة!
وهم للأسف وبأساليب مدروسة وبارعة يدربون عليها على أيدي خبراء ومتخصصين يخدعون هؤلاء الصغار من الشباب أو الجهلة أو إنصاف المتعلمين ويحشون عقولهم وأفئدتهم بشعارات زائفة مخادعة عن انتصارهم المزعوم للدين وإعلاء رايته ومحاربتهم للكفار وإتباعهم بحسب زعمهم الكاذب في الوقت الذي يعلم الجميع حقيقة هؤلاء ونواياهم السيئة وأنهم ليسوا سوى صنيعة لأولئك الذين يسمونهم (كفاراً) وعملاء مجندين لأجهزتهم الاستخبارية وأدوات منفذة لمخططاتهم في بلاد المسلمين ..
ولنسأل أنفسنا من أين جاء متطرفو القاعدة وإرهابيوها؟! أليس من ساحات القتال في أفغانستان التي أعدتها تلك الأجهزة لمواجهة ما أسمته بالمد الشيوعي في أفغانستان وجعلت من هؤلاء وغيرهم من الشباب المسلم وقوداً لحرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل ولكنها ظلت مستعرة بنيرانها وشررها ودخانها حتى اليوم لا من اجل الدفاع عن راية الدين أو القيم الإنسانية المثُلى ولكن من اجل تحقيق مصالح هؤلاء الطامعين في نهب الثروات والمصالح واستلاب إرادة الشعوب والأوطان وقرارها وكما نشاهد اليوم في أكثر من مكان.
إن الأمر لجد خطير حين نشاهد شبابنا يموتون وهم في عمر الزهور دون هدف أو غاية نبيلة تستحق ذلك فهم لا يدافعون عن دين كما يتم إفهامهم خطأ وعن سبق إصرار وترصد بل يسيئون إلى الدين ويضرون بكل أخوانهم المسلمين في كافة بقاع الأرض الذين أصبحوا مشبوهين ومتهمين بالإرهاب والتطرف ويعانون من قوائم الانتظار والتحريات وطوابير التفتيش المذل والمهين في المطارات والمنافذ البرية والبحرية في العديد من دول العالم بسبب هؤلاء الذين صنع الأشرار منهم إرهابيين وقنابل بشرية متحركة تتفجر في كل مكان لتصنع الموت والأحزان..
وهم لا يدافعون عن وطن بل يضرون بوطنهم ومصالحه وعلاقاته مع الآخرين ويسيئون إلى سمعته وأمنه واستقراره وسكينته وحيث لا تنتج أعمالهم الإرهابية الطائشة سوى نفور المستثمرين والسياح وإحجامهم وتعطيل البناء والإعمار والتنمية في بلدانهم وإلحاق الضرر البالغ بمصالح الناس من أبناء جلدتهم وإخوانهم في الدين والإنسانية ويجعلون الحياة قافرة جدباء مشبعة برائحة الموت والدمار والفقر والبطالة نتيجة أعمالهم التي تتنافى مع كل قيم الدين والأخلاق والإنسانية والسلوك السويّ المستقيم.. وهم لا يتركون وراءهم من أثر سوى غضب الله عليهم ونقمة العباد منهم وسخطهم وزرع الحسرة والكمد والألم في قلوب أهاليهم وأصدقائهم وكل من يحبهم ويحبون!.
هل فكروا وهم يندفعون بهذا الجنون والحماقة والجهل في العواقب الوخيمة والنتائج المريرة التي يخلفونها وراءهم وهم يرتكبون تلك الأعمال الإرهابية دون بصيرة وفي ظنهم كما يوهمهم "شياطينهم" من بني البشر بأنهم يصنعون لأنفسهم مجداً أو يدخلون بها (جنة الفردوس) أو ينالون من خلالها (حور العين) .. وهم لا يدركون بأنهم بهذه الأفعال المشينة ليسوا سوى قتلة مجرمين أزهقوا أرواحاً بريئة حرم الله قتلها بدون ذنب وأراقوا دماءً زكية غالية دون مبرر وعاثوا في الأرض فساداً يوجب على فاعليه العقاب في الدنيا والآخرة ..
ألم يفكروا في خالقهم ودينهم وأنفسهم وأهاليهم ووطنهم وأمتهم وهم يستسلمون متبلدي الذهن ومسلوبي الإرادة لأولئك "المجرمين الأشرار" الذين نزعت من قلوبهم كل بواعث الرحمة والعطف والإنسانية والذين يسلبون منهم عقولهم ويغررون بهم ويلبسونهم الأحزمة الناسفة أو يركبونهم السيارات المفخخة ويطلقون ليدمروا ويشيعوا في الأرض الخراب..
ألم يقفوا مع أنفسهم وعقولهم وقفة تأمل وتدبر ليدركوا أي مصير هم إليه سائرون؟ وأي مآل خاسر سوف يلاقون به وجه ربهم الكريم!.
ويبقى السؤال ما هو دور المؤسسات التعليمية والإعلامية والثقافية والإرشادية ومنظمات المجتمع المدني ورجال الدين وخطباء المساجد والمرشدين وكل المستنيرين وكل أجهزة الدولة والمجتمع والأسرة في مواجهة ظاهرة الإرهاب وحماية الشباب والنشء من الوقوع في براثن وأفخاخ المتطرفين والإرهابيين صناع الموت؟!.
وكيف يمكن تجفيف منابع الإرهاب والسيطرة على تلك الروافد والبؤر التي لا تنتج سوى التطرف والإرهاب خاصة تلك المدارس والمعاهد التي أنشأت في غفلة من الزمن وخارج نطاق الرقابة الفاعلة والمسئولية القانونية والأخلاقية التي تحول دون ان تكون محاضن لإنتاج مثل هذا الفكر المتطرف المشوه للعقول والنفوس والمشحون بالسوداوية والظلامية والجهل الذي تعبئ به عقول ونفوس الشباب الملتحقين بها ليكونوا في نهاية المطاف مجرد مشاريع إرهابية متطرفة معبأه بالحقد والكراهية لكل من يخالفهم الرأي أو لا يشاطرهم سوء مقاصدهم مشاريع تخلف تعادي الحياة ونواميسها وقنابل موت موقوتة جاهزة للانفجار والانشطار في أي زمان ومكان لتحقيق غايات شريرة مدمرة ليس لها بالدين أو القيم أو الإنسانية أي صلة!.