في اليمن اليوم، لو جئنا بأفضل القوانين المتبعة في اليابان أو الولايات المتحدة، وأصدرنا أفضل القرارات الناجعة في مختلف القضايا، وقمنا بتغييرات جوهرية في النظام السياسي والتجربة الحزبية والبرلمانية والقضائية.. فلن يتغير من الوضع شيء.. ذلك أن العقول المنفذة هي نفسها لم تتغير، والأشخاص أنفسهم لم يتغيروا..
اليمن ليس بحاجة إلى شيء من هذا، إنما إلى رجال أوفياء يتعاهدون بالعمل من أجل الوطن قاصدين بذلك وجه الله وحده لا شريك له.. رجال في قلوبهم جمرة الإبداع، ووهج التفكير، وجلال الصدق، ودفء الإيثار، ليس لأنفسهم من الأمر شيء.. بل كل ما يشغل بالهم هو هذا الزحام اليمني المؤجل منذ حين.. وما لم نصل إلى هذه القناعة فإن طريقنا نحو التغيير ستكون طويلة للغاية وشاقة ومليئة بالأشواك..
هنالك سبل عدة يرتئيها اليوم من يطيلون التفكير في أمر هذه البلاد، لكن أقصر الطرق ولاشك هو ذلك المؤدي إلى أشخاص يعرفون بالضبط ما هو وجع البلاد ولماذا نتأخر.. ويعرفون بالضبط كيف يصلون إلى ما يهدفون إليه..
ذات يوم، في أربعينيات وثلاثينيات القرن الماضي، توفر بضعة أشخاص من هذا النوع، وغيروا وجه اليمن، فهل ثمة اليوم من يستطيع ان يحذو حذو أولئك النفر ويواصل دربهم؟
الوضع اليوم مؤهل وبكل ما تعنيه الكلمة لظهور الأسماء وانجلاء الرموز.. الوضع اليوم لا يحتاج سوى إلى رجال.. فأين هؤلاء، ومتى سوف يجيئون؟ في اليمن اليوم فرصة لا تعوض، ونداء يبحث عن مجيب.
هذا ما يحسن بنا أن نفكر فيه، ذلك أن الأدوات المعطوبة لا يصلحها سلامة البرامج ولا نجاعة القوانين والقرارات.
ثمة عطب هائل أورث حيرة هائلة، هذه الحيرة قامت بدورها بإفساد القدرة على التشخيص، وماعت معها الإرادة، واضمحل الضوء الكامن في النفوس القادرة على التغيير.. وسادت الانتهازية وساد التراكن المخزي والمراء العقيم.. وفي ظل هذا الدوار توفر كل شيء وانعدم الرجال!!