أجمل ما ينعم به الإنسان هو أنه يستطيع التعبير عن مكنونات نفسه فقد حباه الله لسانا يتكلم به ويوضح به عما يجول بخاطره. وفي قديم الزمان كان الرقص والإشارات وسائل تعبير حتى تعلم الإنسان النطق والحديث وصارت هناك العديد من اللغات السامية الحديثة والقديمة التي وجدت ولا زالت.
وعبر العصور كان الإنسان يسير في خطى سريعة للاستفادة بهذه النعمة عبر منافذ عدة منها الجميل ومنها القبيح فكان الشعر والغزل والحكم والأمثال والغناء ومنها أيضا التعبير عن الرأي ونقد الأوضاع والاشارة إلى مكامن الخلل والفساد.
وبلادنا اليمن وبعد ميلاد دولة الوحدة انتهجت حرية التعبير وكان بندا أساسيا من الحقوق المكفولة دستوريا، فسار اليمنيون على هذا المبدأ، كلٌّ يعبر عن رأيه وعما يشعر به ملتزما بمبدأ النقد البناء، وكلّ تحت مظلة الدستور.
ورغم ما مضى إلا انه يسوءني كثيرا ما يتعرض له حملة الفكر والأقلام في اليمن من محاربة شديدة وقمع وإرهاب وذلك لكسر أقلامهم وإثنائهم عن ممارسة الحق الدستوري المكفول. فالحكم الذي صدر بحق الأخ حسين اللسواس كان جائرا جدا وشديد القسوة ومؤشر واضح على توجه مرفوض نحو قمع الحريات وتهديدها.
ماذا جنا اللسواس غير أن تحدث عما رآه واقعا أمامه؟ وماذا خط قلمه ليكون تقييد حريته لمدة عام هي الحكم؟ لا أرى إلا أننا في زمن المقاييس المغلوطة؛ ففي حين يترك القتلة والمجرمون والمرتدون أحرارا أمثال الحوثي والفضلى بل ويتم دعوتهم إلى خوض غمار السياسة كأن لم يفعلوا شيئا، كأن لم يقتلوا أحدا، كأن لم يخونوا وطنا.. ها نحن، وبكل ما أوتينا من قوة وعنفوان، نتوقف بحزم أمام ما كتبه اللسواس لنقاضيه ونحاكمه وندينه ونخرج مفتولي العضلات..
يا له من زمن العار فيه شرف والشرف فيه عار . هل أخطأ اللسواس أم لم يخطئ؟ لا يكون هذا الحكم سوى نوع من توجه جديد نحو القمع وتكميم الأفواه ومهما كان ما كتبه اللسواس لا يرقى أبدا إلى مستوى إصدار حكم بالسجن. وعليه أتمنى أن يقف كل صاحب فكر وقلم وقفة واحدة رافضة ومنددة بهذا الحكم الجائر وهذه السياسة الجديدة المرفوضة.
فقط أحببت أن يعلم الجميع أن كل ما جناه اللسواس ليحكم عليه انه أشار إلى أوضاع موجودة في المحافظة ومشاكل متراكمة ولربما لو أنه أجاد النفاق والمدح لكان نجا من سياسة التقزيم هذه ولكن الأقلام الصادقة لا تفرز سوى الحقيقة والحقيقة دوما عدوة المسئولين الفسدة لذا يسعون بكل ما أوتوا من قوة إلى حرمان المواطن البسيط من التعبير عن همومه ومشاكله فصارت الصحف وكتابها والصحفيين غريما سهلا يجب مطاردتهم وملاحقتهم فهم أكثر خطرا من الحوثيين والانفصاليين ولا عزاء لنا..
كل ما في الأمر أنني كنت أتمنى من أبناء المحافظة (محافظة البيضاء) رفض مثل هذا الحكم ويجب أن يشكر كلا من الأستاذين الإعلاميين عبدالله عاتق السوادي وعبدالسلام مطبق لأنهما سارعا إلى إعلان رفضهم واستنكارهم لهذا الحكم الجائر جدا وها أنا أضم صوتي إلى صوت كل من يرفض تكميم الأفواه واستخدام السلطة للتخويف.