[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

أين القضاء العراقي من محاكمة المالكي

تنشر قنوات التلفزة العربية والعالمية وبشكل يومي صورا توضح تعذيب المعتقلين في السجون السرية التابعة لرئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي.

ويؤكد المعتقلون أنهم تعرضوا لأبشع أنواع التعذيب في هذه السجون من ضمنها السجن الواقع في مطار المثنى في بغداد. وكانت صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية قد كشفت عن السجن الذي يحتجز فيه 431 شخصا كانوا قد اختفوا من محافظة نينوى شمالي البلاد منذ مارس الماضي عقب عملية استهدفت السنة في العراق.

وتضيف الصحيفة أن مئات من السنة الذين اختفوا خلال الأشهر الماضية قد تم العثور عليهم في معتقل سري نشأ ببغداد في ظل ولاية مكتب المالكي.. و يجب ان نشير هنا إلى أن ما نشرته هذه الصحيفة ما هو الا غيض يسير من فيض كبير وقد فاتها الكثير الكثير لتحظى بنشره.

وفي يوم 21 من أبريل الحالي كشف مصدر حكومي عراقي عن ثاني سجن سري في بغداد تحت امرة ألوية العاصمة التي يقودها رئيس الحكومة العراقية يضم نحو 700سجين مورست ضدهم شتى انواع الانتهاكات. فقد جاء الكشف عن السجن الجديد بعد يوم واحد من الكشف عن سجن المثني. ويتم الكشف يوميا عن سجون جديدة والفضائح مستمرة.

وحسب المصادر نفسها ان من بين الانتهاكات التي مورست ضد السجناء، الاعتداءات الجنسية وشتى عمليات التعذيب لاجبارهم علي الادلاء باعترافات مزورة.. مضيفا: ان المالكي على اطلاع كامل بما يجري داخل هذه السجون منذ اليوم الاول من إنشائها.

إن وحشية المعاملة للسجناء في السجون المكتشفة تثير مخاوف عدة وإن هذا الملف يعتبر أحد الملفات الخطيرة التي ما زالت تهدد حياة وحرية مئات الآلاف من العراقيين المدنيين والتي تحمل بين ثناياها انتهاكات شتى لحقوق الإنسان بشكل عام، وحقوق السجناء بشكل خاص ويعتبر أغلبية هؤلاء المعتقلين سجناء سياسيين تم اعتقالهم وفي اغلب الحالات تم خطفهم في ظروف غير قانونية ودون احكام صادرة عن المحاكم الخاصة بهذه الاعتقالات ولا توجد أوامر قضائية باعتقالهم وتعرض العديد منهم لتعذيب يومي منوع بواسطة الصعق الكهربائي والغرق الاصطناعي والجلد والحرق وتعرض الآخرون منهم للاغتصاب ولمرات متعددة! وهذه الاساليب نسخة مما يطبق في السجون الإيرانية وهذا لا يبقي شكا لدينا بأن من مارسوا التعذيب ومن أمر بهذه الممارسات هم ممن تعلموا وتلقوا هذه الأساليب في إيران.

يعرف الجميع أن مطار المثنى يستخدم جزء منه كمقر اساس لحزب الدعوة بزعامة المالكي ولا يمكن القول بأنه أو اعضاء حزبه لم يكن لديهم العلم بما يحدث بمسافة أمتار من مقرهم. حيث تعرب منظمة العفو الدولية عن ”بواعث قلقها حيال ادعاء نوري المالكي، بأنه لا علم له بالانتهاكات التي ترتكب في السجون!”.

والغريب في الأمر أن مستشار المالكي يقول ”إن الهدف من الكشف عن هذه السجون هو إسقاط حكومة المالكي”. ويتسائل المدعو علي الموسوي عن ”السر في الكشف عن السجن في هذا الوقت”. وعلى سعادة المستشار أن يتفضل بتقديم التوقيت المناسب للإعلان عن هذه الأمور ولا نعرف أي وقت سيكون ملائما بالنسبة لفخامة رئيس الوزراء في ”دولة القانون” للإعلان عما ارتكبه هو واعضاء في قواته المسلحة والأمنية من تعذيب والاغتصاب في اطار دولة التي قلب الدنيا واقعدها تحت هذا الشعار المسكين..!

وخلافا لما يطالب به البعض بان يقوم المالكي بمحاكمة من تورطوا بتعذيب وقتل المعتقلين، وبرأينا أنه من يجب محاكمته هو نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي نفسه حيث وبصفته القائد العام للقوات المسلحة رئيس السلطة التنفيذية ولكون المكتب الذي يدير هذه السجون هو المكتب العسكري التابع لشخصه ويتحمل كامل المسئولية تجاه المعتقلين تعذيبهم واغتصابهم والممارسات التعسفية الأخرى جرت ضدهم في السجون.

تقول منظمة العفو الدولية في تقريرها أن وجود السجون السرية في العراق تفيد أن الوحدات العسكرية في العراق مسموحٌ لها أن ترتكب انتهاكات لحقوق الإنسان دون أية رقابة. وإن حكومة المالكي وعدت اكثر من مرة أن تقوم بتحقيقات حول حالات التعذيب والانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان من قبل القوات الأمنية العراقية الا أنه لم تُعلن ولم تُنشر أية نتائج من هذه التحقيقات. ”وإن هذا الأمر روج ثقافة واسعة للحصانة غير الشرعية”.

و”الحصانة” هنا تعني أن المالكي يرى نفسه محصن من أي ملاحقة قضائية ولهذا يحب كثيرا أن يبقى في مقاليد الحكم. لماذا؟ السبب وبغض النظر عن أنه لا يريد أن يفقد رئاسة الوزراء، هو أنه وبعد تركه لهذا المنصب ستُفتح عليه نار حهنم وتُفتح عدة ملفات حول حالات التعذيب والرؤوس المقطوعة والسرقات وحالات نهب الثروة الوطنية العراقية التي ارتكبها هو واعضاء في حكومته وقواته المسلحة والأمنية. والقضاء العراقي مطالب وبدلا أن يبدي آراء حول اعادة فرز الاصوات التي من شأنها أن تجعل الموقف أكثر تعقيدا، مطالب أن ينظر في ملف المالكي ويبدأ بمحاكمته من الآن وقبل فوات الأوان..

*خبير في شؤون الشرق الأوسط

زر الذهاب إلى الأعلى