آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

في ذكرى الوحدة اليمنية (2)

في احتفال اليمن بالعيد العشرين لإعلان الوحدة، ما يدعو جميع العرب إلى النظر بعمق إلى واقعهم، فهم منقسمون ومشتتون وضائعون في مهب رياح التحولات الدولية،

وهم يعانون من الأمية والبطالة والفقر وغياب العدالة الاجتماعية، ومن التبعية للقوى العظمى، ومن الخضوع للواقع الجديد الناتج عن ظهور بوادر الفتنة المذهبية والطائفية بسبب التدخل الإيراني والتمدّد الشيعي في ظل انهيار نظرية التوازن الاستراتيجي مع الجار الفارسي بعد احتلال العراق.

ومن يعمل على استقراء الواقع العربي، يلاحظ أن البعض يحاول أن يجعل من اليمن مخبرا لكل سلبيات الأمة، ففي اليمن خلايا إرهابية، وفي اليمن تحرك طائفي، وفي اليمن حراك انفصالي، وفي اليمن ظروف اجتماعية صعبة، وكل ذلك ناتج عن أوضاع إقليمية وقومية ودولية ليس لشعب اليمن ولا لقيادته دور في تكريسها، وإنما كتب على اليمنيين تحمل نتائجها في غياب النظرة المتبصرة من قبل الأشقاء..

خلال قمة سرت الماضية، تحدث الرئيس المناضل علي عبد الله صالح عن الإعلام العربي الذي يعمل على تأجيج الواقع في بلاده، وعلى تشويه صورة اليمن، وكاد يوجه أصابع الاتهام مباشرة إلى فضائيات عربية بعينها تتحكم فيها إرادة أقطار خليجية من المفترض أن تكون مع الشعب اليمني لا عليه..

ولسائل أن يسأل هنا: ما الذي ستجنيه قناة مثل "الجزيرة" من الدفع إلى إحداث الفوضى في اليمن؟ والجواب واضح، وهو أن "الجزيرة" تنتمي إلى حلف عقائدي وسياسي لا يريد أن يرى في الجمهورية اليمنية إلا ساحة للصراع المباشر الهادف إلى إسقاط أنظمة عربية ودعم أنظمة إقليمية أخرى..

ورغم أن الأنظمة المستهدفة تعرف هذه الحقيقة إلا أنها لا تتخذ الإجراءات المناسبة؛ وهي، وبدل دعم اليمن ومساعدته اقتصاديا وفتح المجال أمام فائضه من العمالة ودعم نظامه الوطني ماديا ومعنويا، تحاول القفز على الواقع والحقيقة بالتحالف مع الدول البعيدة، جغرافيا وعقائديا، والتي لا يهمها في الأخير إلا أن تخدم مصالحها وأهدافها الاستراتيجية القابلة للتغير والتكيّف حسب مستنجدات الظرف الإقليمي.

هنا، يحق للشعب العربي، من المحيط إلى الخليج، أن ينطلق في مسيرة تضامن وتأييد لدعوة الرئيس علي عبد الله صالح بتحقيق مشروع الاتحاد العربي، الكفيل لوحده بحماية الأنظمة القائمة، وبترسيخ سياسة قومية واحدة وبالتخطيط لاستراتيجية عربية قادرة على حماية حصون الأمة، وأولها الحصن اليمني المستهدف من قبل كل من لا يريدون خيرا للعرب.

وإذا كانت قمة سبتمبر القادم بالجماهيرية العظمى مهيأة للإعلان عن قيام الاتحاد العربي الذي دعا إليه الرئيس علي عبد الله صالح، فإنها مطالبة بإقرار خطة عمل عربية شاملة لدعم التنمية في اليمن عبر الاستثمار المباشر وتمويل المشاريع الاقتصادية والاجتماعية والاستفادة من الإمكانيات الكبرى المتوفرة لدى شعب اليمن وفي أرض اليمن.

ولا شك أن القائد معمر القذافي الذي كان من أول المناضلين من أجل الوحدة اليمنية والساعين إلى تحقيقها والمدافعين عنها، والفخور دائما بأن جذور العرب والبربر تعود جميعها إلى جنوب الجزيرة العربية، قادر على طرح المسألة بأكثر عمق، وهو المعروف بخبرته السياسية ووعيه الاستراتيجي والاستشرافي للأحداث..

زر الذهاب إلى الأعلى