اطلق الرئيس السوداني تصريحات نارية حول منطقة حلايب المتنازع عليها مع مصر سابقاً في غير وقتها. تلك المنطقة التي تخضع لجمهورية مصر إدارياً حاليا وبشكل كامل ومنذ عام 1992 . وبعد أن كانت تتبع السودان اداريا في زمن عهد الانجليز، ومن قبلها حددت اتفاقية الاحتلال البريطاني وجعلت حلايب جزء من مصر .
ولسنا بصدد الحديث عن ازمة حلايب حالياً، ولكننا نتحدث عنها في وقت السودان ومصر احوج ما يكونا إلى ما يجمعهما لا ما يفرقهما، فأمنهما القومي في خطر بسبب الاتفاقيات التي تبرمها دول منبع النيل والتي ينبع أو يجري بها نهر النيل، ولم تتوقف الامور هنا، ولكن ظهر جلياً تدخل اطراف خارجية بقصد الاضرار بمصر وامنها القومي ولا يخفى على احد ان اسرائيل ستكون وراء كل ذلك.
ويرى البعض ان البشير في الوقت الذي يجري فيه الترتيب لاستفتاء حول الجنوب قد يؤدي إلى تفتيت وحدة التراب السوداني (لا سمح الله)، يريد ان يوجه نظر السودانيين كافة في هذا الوقت نحو منطقة حلايب المتنازع عليها مع مصر ، في حين أن الأمن المائي للسودان مرتبطا بمصر وقوة التحالف بينهما ووحدة موقفهما، وان هناك ما هو اكبر من حلايب . فكان الاجدى بالرئيس السوداني ان يوجه السودانيين في الشمال والجنوب نحو الخطر المحدق بهم ان كان السودان موحدا أو مقسماً، ألا وهو الأمن القومي المائي متمثلاً في نهر النيل والذي تعتمد عليه الدولتان "مصر والسودان" بشكل رئيسي في الزراعة ومياه للشرب، وإن كانت الأخيرة بدرجة أقل.
ونحن لسنا هنا بصدد إدانة تصريحات البشير وتبرئة الدبلوماسية المصرية، ولا نعلم ما الذي يدور خلف الكواليس، وما هي الدوافع الحقيقة وراء إثارة السودان لهذا الملف، لكن مؤشرات عديدة تقول إن الأزمة مفتعلة، لكنه رغم تأكيد البشير على ان الحوار هو الوسيلة الوحيدة لحل المشكلة، يظل الوقت غير مناسباً للحديث عن هذا الخلاف مقارنه بما بتبعاته، وتعنت دول المنبع في السير وفقاً للاتفاقيات الموقعة أخيراً والتي ترفضانها مصر والسودان معاً..
والأزمة برمتها تفرض على جميع الدول العربية، القيام بدور إيجابي لإيقاف هذا الهراء، ودراسة تبعات هذا الخلاف ومن يقف ويستفيد من كل ذلك.. وكان الأجدى بالسودان ومصر الترفع عن هذه الخلافات الداخلية في ظل هذه التهديدات الاقليمية والدولية والتي تمس بالأمن القومي لمصر والسودان خاصة والعرب على وجه العموم.
*كاتب يمني