تعكس زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، أمير البلاد المفدى، لليمن أمس موقف قطر الثابت، وسياستها المعهودة في دعم ومؤازرة الأشقاء، والوقوف إلى جانبهم في كل ما من شأنه زعزعة استقرارهم، أو إثارة البلبلة والتوتر مما يؤثر سلبا على الأمن الاجتماعي والتنمية في بلدانهم، ذلك أن قطر تعتبر، ومن منطلق رؤيتها للأمن القومي العربي، أن كل ما يهدد الأمن والسلم الاجتماعي في أية دولة عربية يمس أمنها القومي.
ولليمن مكانة خاصة لدى قطر، ومواقف الدوحة ظلت على الدوام داعمة ومساندة لصنعاء، ولعل الموقف من الوحدة اليمنية عندما اندلعت شرارة الانفصال عام 1994، خير شاهد على ذلك، ذلك أن قطر وبإيمان مطلق من حضرة صاحب السمو كانت ولاتزال تؤمن بضرورة الحفاظ على وحدة اليمن، وكانت الدولة العربية الوحيدة التي وقفت بكل صدق وإخلاص، وبشكل معلن، ضد انفصال اليمن عن شماله.
هذا الموقف القطري كل لا يتجزأ تجاه أي قطر عربي، ولعل ذلك واضح في تحرك الدوحة تجاه الوضع في السودان، والسعي لتحقيق السلام في إقليم دارفور، في ضوء التطورات الحاصلة في جنوبه هو الآخر، وما قد يترتب على الاستفتاء المقرر بعد ستة أشهر من نتائج لا ندري إن كانت ستصب في مسار الانفصال أم الاندماج.
تفادي الانزلاق إلى هذا الوضع، والعمل على تلافيه في اليمن كان واضحا في خطاب سمو الأمير عندما تحدث عن أي "أخطاء قد ترافق الوحدة"، لكنه مع ذلك كان واضحا في موقفه الذي ينبغي أن يكون موقف العرب جميعا، عندما أكد على أن "الوحدة اليمنية قامت على أساس اختيار الشعب اليمني". وتجلى حرص سموه على وحدة اليمن حين شدد على رفض تدويل أزمة الجنوب، مستشهدا بالوضع في السودان.
زيارة سمو الأمير فأل خير على أهل اليمن، لأنها وبدون شك، تحمل بشائر سلام ومؤشرات أمل للشعب اليمني سواء في الجنوب أو الشمال، وقد بدا الرئيس علي عبدالله صالح حريصا على تأكيد ذلك، عندما قال انه "تم الاتفاق على تفعيل اتفاقية الدوحة، النقاط الخمس"، في اشارة إلى الاتفاقية التي تم التوصل إليها عام 2008 برعاية قطر لتحقيق السلام في صعدة.
زيارة سمو الأمير فوق كل ذلك، رسالة نحتاج لتعميمها في الظرف الحالي الذي نتحدث فيه عن منظومة العمل العربي المشترك وتطوير أدائه على مستوى الجامعة العربية، ولليمن خصوصا وجهة نظر بهذا الشأن نرجو أن يتم تفعيلها والأخذ بمضمونها في القمة العربية الاستثنائية المقبلة.