آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

لماذا سلم الاحتلال أسرانا إلى حكومة المالكي؟

قامت قوات الاحتلال الأمريكية في العراق بتسليم 26 اسيرا من قادة العراق الشرعيين، والذين كانوا في سجن كروبر الأمريكي منذ اسرهم، وعلى راسهم عميد الاسرى العراقيين الاستاذ طارق عزيز إلى حكومة المالكي يوم الاحد الماضي، خلافا لما اعلنته مرارا من انها لن تسلمهم إلى الحكومة الاوفقا لتعهدا ت ملزمة، فما الذي حصل وجعل الحكومة الأمريكية تقوم بذلك ؟ للاجابة من الضروري توضيح ما يلي :

1 – ان الانسحاب الأمريكي من ا لعراق لن يتم وما ستجريه أمريكا هو عبارة عن عملية اعادة نشر القوات الأمريكية وتقليل عددها فقط، وتلك حقيقة ثبتتها الاتفاقية الامنية تحت بند تدريب القوات العراقية. ويترتب على ذلك ان القوات الأمريكية ستبقى مسئولة عن حياة الاسرى العراقيين مادامت هناك قوات أمريكية في العراق.

2 – وحتى لو صدقنا بانها ستنسحب فان موعد الانسحاب هو عام 2011 مما يجعل ابقاء الاسرى حتى ذلك التاريخ حماية للاسرى من التصفية الجسدية الحتمية.

3 – لقد اصبح معروفا على نطاق واسع ان إيران هي التي اعدمت الرئيس الشهيد صدام حسين على يد عملاءها في العراق، وان تسليمه إلى حكومة المالكي هو تعبير عن درجة تداخل المصالح الأمريكية والإيرانية وتوافقها حول امر رئيسي وهو تصفية قادة العراق الشرعيين والتخلص منهم، وبما ان أمريكا تريد ان تبدو وكأنها بعيدة عن هذا الاتجاه فانها تسلم من تريد إلى حكومة المالكي لانها تعرف انها ستقوم بتصفيتهم جسديا لا محالة تعبيرا عن احقاد معروفة لدى إيران ضد العراق وقادته.

ولقد تسربت معلومات مؤكدة من داخل حكومة المالكي تقول بان إيران اصدرت اوامرها للمالكي كي يقوم بتصفية الاسرى من القادة قبل ترك المالكي لموقع رئيس الوزراء لضمان تحقيق انتقام إيران منهم من جهة ولتغييب ذوي الكفاءات والخبرات العراقية من جهة ثانية ولمنع تحرريهم أو اطلاق سراحهم من قبل حكومة اخرى لعدم ثبوت اي تهمة ضدهم من ناحية ثالثة.

ويجب ان نذكّر بان لأمريكا ثأرا خاصا مع القائد الاسير طارق عزيز منذ عام 1991 حينما التقى بجيمس بيكر وزير الخارجية الأمريكية في اوربا من اجل محاولة تجنب وقوع الحرب، فقدم بيكر رسالة من بوش الاب إلى الرئيس الشهيد صدام حسين فيها لغة تهديد فرمى طارق عزيز الرسالة على الطاولة وقال لبيكر نحن لانقبل بالتهديد ولا نستلم رسائل التهديد وغادر القاعة، أعتبرت أمريكا ذلك الموقف الشجاع اهانة لها وهو امر يفسر سبب اصرارها على اغتيال طارق عزيز ولكن بيد المالكي.

5 – ان سجن الكاظمية الذي نقل اليه الاسرى يتميز بانه يفتقر إلى ابسط شروط التعامل الانساني خصوصا عدم وجود رعاية طبية وممارسة التعذيب بكافة اشكاله ضد الاسرى، لذلك فان نقل الاسرى إلى هذا السجن هو مؤشر قوي لوجود نية لاغتيالهم اما قتلا أو نتيجة عدم تقديم الدواء للمرضى منهم وهم كثر، مثل الاستاذ طارق عزيز الذي وصف له الاطباء وهو في الاسر 30 دواء ياخذها يوميا واذا توقف عن اخذها فسوف يموت حتما.

6 –تعهدت القوات الأمريكية بكتاب خطي للصليب الاحمر قبل ايام فقط بانها لن تسلم الاسرى لحكومة المالكي لذا فان التسليم السريع ينطوي على معنى محدد وهو وجود نية أمريكية لقتل اسرانا باياد تابعة لإيران.

أذن هناك اتفاق أمريكي – إيراني على اغتيال اسرانا وتصفيتهم كشرط مسبق من شروط تحقيق تقدم في العملية السياسية وهذا الاتفاق هو الذي يفسر ا لخطوة المشار اليها، ولذلك فاننا نحمل الادارة الأمريكية مسئولية اي خطر يتعرض له اسرانا حتى لو قامت به حكومة المالكي، فهي قانونا مازلت وستبقى المسئول المباشر عن حياة الاسرى مادامت لها قوات في العراق، ومحاولة تصوير العراق وكأنه اصبح سيدا ومستقلا فيسلم اليه الاسرى خداع ساذج ومكشوف لن ينطلي على احد لان السيادة تقترن مباشرة بوجود سند عراقي لها يجعلها قادرة على الدفاع عن الوطن وحمايته وبدون وجود اجنبي عسكري أو امني.

واذا تصورت الادارة الأمريكية ان هذه الطريقة في القتل تحررها من المسئولية فهي واهمة، فللعراق حقوق ثابتة في رقبة أمريكا وهي حتى لو تهربت من دفعها اليوم فسوف تدفعها غدا.

انا نتوجه بالنداء لكافة الوطنيين والمدافعين عن حرية الانسان وحقه في البقاء لادنة الخطوة الأمريكية هذه وممارسة كافة اشكال الضغك من اجل منع اغتيال الاسرى العراقيين بوسيلة الموت البطئء الناتج عن عدم توفير الدواء للاسرى.

تحية لاسرانا الصامدين في سجون الاحتلال، والعار لحكام إيران والادراة الأمريكية.

*كاتب وسياسي عراقي

زر الذهاب إلى الأعلى