[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

ماذا يريد حزب الله من اللبنانيين..؟؟

في الوقت الذي تؤكد فيه الحكومة السورية التزامها بالتعاون مع المؤسسات الرسمية اللبنانية فيتم توقيع اتفاقيات عديدة خلال زيارة الوفد الحكومي برئاسة الرئيس الحريري إلى دمشق، ويعلن حينها الوزير السوري وليد المعلم موقفاً لافتاً أكد فيه على استعداد سوريا لمعاقبة أي مواطن سوري يصدر عن المحكمة الدولية إدانة واضحة له في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.. تتعاظم وتتفاقم التصريحات المتشنجة في لبنان التي تأتي بعد أيام من خطاب حسن نصرالله الذي وصف فيه المحكمة الدولية بالمشروع الإسرائيلي، حيث يطالب وئام وهاب الناطق الرسمي باسم حزب الله في هذه الأيام الرئيس الحريري بوقف التعاون مع المحكمة الدولية، حيث أعلن .. (وئام وهاب أن رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري "يملك من الوعي ما يمنعه من الانحراف إلى الفتنة"، وان "لا خيار أمامه إلا إن يقول انه لخيارات لبنانية تتعلق بالسلم الأهلي والوحدة الوطنية فقد أوقفنا التعامل مع المحكمة الدولية وخصوصاً أنها إسرائيلية ظلمت الناس وتعدت على كراماتهم" ورأى أن "هذه المحكمة تستحق الإعدام"؟ كما حذر "كل مؤسسة أمنية ورسمية ستتعاطى مع قرار الفتنة الذي سيصدر عن المحكمة.. وقال: "إذا كانوا لا يملكون أي 5 أيار جديد فكل شيء سيبقى طبيعياً)"..

وكان الصحافي إبراهيم الأمين وهو من المقربين جداً من حزب الله قد نشر مقالاً له في جريدة الأخبار في 17 تموز/يوليو، يقول فيه... (جوهر المسألة أنّ نصر الله حسم تعريفه لما يُعدّه خصوم المقاومة وأعداؤها داخل لبنان وخارجه، فهو أعطى جميع هؤلاء هوية إسرائيلية، أي هوية العدو، وبالتالي، لمن يعرف الحزب أو تعرّف إليه، فإن الرد على هذه الخطوات متى تحولت وقائع تهدّد المقاومة، سيكون شبيهاً بأيّ رد تقوم به المقاومة ضد العدو. وساعتئذٍ يصبح الكلام عن التوقعات والتقديرات من دون فائدة، أو لملء هواء الشاشات. والكل يتذكر أنّ الخامس من أيار إياه، سبب ما حصل في السابع منه. إلا أنّ لكل مقام مقالاً، وهو الفارق بين مؤامرة حكومة فؤاد السنيورة على المقاومة، ومؤامرة المحكمة الدولية على المقاومة)....

هذا الكلام الصادر على لسان مقربين من حزب الله بشكل تفسير أو توضيح أو شرح وتبيان، ويحمل في طياته المعنى والغاية والهدف نفسه، وهو التهديد بعظائم الأمور، وبتكرار مشهد السابع من أيار/مايو 2008، السيئ الذكر... وهذا الكلام ليس أكثر حدةً من كلام نصرالله نفسه خلال خطابه الأخير ولكنه أكثر وضوحاً وصراحةً من حيث توصيف القوى السياسية الأخرى المعارضة لسياسات حزب الله، وأهدافه وطموحاته وتوجهاته وارتباطاته.. وقضية المحكمة الدولية واحتمال توجيه الاتهام من قبلها لبعض عناصر حزب الله كونهم مشاركين مفترضين أو سوى ذلك في جريمة اغتيال الرئيس الحريري، تؤرق حزب الله وقياداته بشكل يدفع حزب الله والقوى الملحقة به إلى التهديد المباشر، لا إلى رفض الاتهام .. وكلام وئام وهاب حين يطالب الرئيس الحريري أن يعلن انه من باب الحرص على السلم الأهلي والوحدة الوطنية فقد أوقفنا التعامل مع المحكمة الدولية..هذا الكلام يحمل في طياته الإدانة أكثر مما يحتمل معاني الحرص على الساحة الوطنية والسلم الأهلي، وهذا يذكرنا بكلام وليد جنبلاط حين أعلن انه يسامح ولا ينسى ثم عاد ودعا للنسيان حرصاً على الساحة الدرزية...

كلام وهاب فيه دعوة مشابهة تؤكد التورط ولا تنفيه بل وتدعو للتناسي والنسيان وهذا الموقف برسم حزب الله ليعلن موقفه من كلام وئام وهاب نفياً أو رفضاً أو تصحيحاً.. ولكن كلام نائب حزب الله حسن فضل الله الأخير والذي يقول فيه.. (هناك مشروع إسرائيلي يحضر، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي تحدث في هذا السياق، وهو عندما يتحدث إنما يتحدث ويبني موقفه بناء على معطيات ومعلومات ولا ننسى ما ورد في مجلة "دير شبيغل"، و"الفيغارو". وأضاف: "ليدِن البعض ما صدر في "الفيغارو" و"دير شبيغل" وليعلنوا في الصالونات أنَّ هذه مؤامرة إسرائيلية وعندها نقول إنَّ لا مشروع إسرائيليا، ولكن الرهان على "دير شبيغل" وما نشرته، ومعروف من هي هذه الجهات التي سربت هذه الأمر فيعني أن هناك مشروعاً إسرائيليا"). هذا الكلام الصادر عن نائب حزب الله في البرلمان اللبناني يتمم ما أعلنه وئام وهاب والصحافي إبراهيم الأمين... أن المطلوب من ذوي الضحايا اللبنانيين جميعهم، الرفض المسبق لكل ادعاء ظني أو قرار اتهامي صادر عن المحكمة الدولية بحق متهمين مفترضين، وبالتحديد في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري تجنباً للفتنة وحتى لا يتهم الفريق المظلوم والمعتدى عليه وذوى الضحايا بأنهم فريق إسرائيلي يستهدف المقاومة... ولم يذكر لنا حسن نصرالله ووئام وهاب وإبراهيم الأمين، كيف إذاً سوف تتحقق العدالة وعلى يد من..؟؟ أليس حسن نصرالله الذي يقول نحن قوم لا ننسى شهداءنا ولا أسرانا ولا جرحانا..ماذا لو تم تعميم هذا الشعار على كافة الطوائف والمذاهب والأحزاب لتحقق عدالتها بيديها وعلى يد أبنائها.

ترى أين سيصبح الاستقرار والسلم الأهلي في لبنان...؟؟ أم أن حزب الله يعتبر أنه يستند إلى منظومة تسليح ضخمة وميليشيا متفرغة لممارسة أشكال متنوعة من نماذج السابع من أيار/ مايو...؟ بحيث يطلب من اللبنانيين أن ينسوا ويتناسوا ويتجاهلوا وإلا..؟؟ وماذا لو وافق الرئيس سعد الحريري على هذا الكلام وأعلن ما يريده حزب الله على لسان وئام وهاب..؟؟ هل سيوافق أهالي الضحايا (الرائد وسام عيد ووليد عيدو وبيار الجميل وسمير قصير وأنطوان غانم وجورج حاوي والجنرال فرنسوا الحاج وجبران التويني) والأحياء مروان حمادة والياس المر ومي الشدياق..؟؟ وماذا عن ذوي الضحايا من المدنيين الذين صدف وجودهم لحظة وقوع كل جريمة من هذه الجرائم.؟؟ هل من يملك السلاح والصوت المرتفع والنبرة العالية والجمهور المطيع بحكم التوجيه الديني، يحق له أن يتهم بالعمالة كل من يسعى لإحقاق الحق ورفع الظلم...؟؟ وان يتهم بالعمالة والخيانة من يشاء ويريد..؟؟

بداية الأمر وعقب وقوع جريمة اغتيال الرئيس الحريري رفض حزب الله تشكيل محكمة دولية، مقترحاً محكمة عربية بديلاً..؟؟ ولكن حزب الله ومع مرور الوقت نراه يطلق الأحكام بحق الأنظمة العربية الواحدة تلو الأخرى، فهو يهاجم مباشرة أو مداورة من خلال أبواقه وملحقاته النظام المصري متهماً إياه بالعمالة ومهاجماً جهازه القضائي بعد كشف شبكة حزب الله في مصر والتي لم يحرك القضاء اللبناني والأجهزة الأمنية فيه ساكناً لكشف كيفية تزوير جوازات السفر اللبنانية بأسماء أشخاص متوفين توجه بها بعض عناصر شبكة حزب الله إلى مصر.. والنظام السعودي متهم بأنه ينفق المليارات على حلفائه في لبنان لهزيمة حزب الله كما روج إعلام حزب الله..

فحين نشرت صحيفة أميركية (نيوزويك) هذا الخبر تبناه حزب الله مباشرةً ونشرت جريدة السفير بقلم عماد مرمل الصحافي الملتزم بقضايا وثقافة حزب الله وكذلك بسياسته محضر الاجتماع بين وزير الخارجية الفرنسي ونواف الموسوي ممثل «حزب الله» وهذه بعض المقتطفات التي جاءت في المقال المحضر: في بداية الجلسة، تطرق كوشنير إلى تجربة الانتخابات النيابية الأخيرة، فقال إنها جرت في أجواء جيدة وبالتالي فإن نتائجها كانت جيدة... وأجابه الموسوي، قائلاً: "السيد الوزير، هذه الانتخابات شابها الكثير من العيوب والنواقص، ليس أقلها الإنفاق المالي الكبير الذي فاق ما أنفق على حملة أوباما الرئاسية، وبلغ قرابة 776 مليون دولار كما أوردت مجلة نيوزويك الأميركية...". فقد تبنى حزب الله بالكامل وعلى لسان أكثر قادته التزاماً بمهاجمة الصحافة الأجنبية كل حرف ورقم ورد في المجلة الأميركية مع ما يحمله هذا الكلام من تجريح بكرامة الناخب اللبناني وحريته في ممارسة الديمقراطية وبالعملية الانتخابية برمتها.. ولما لم يطالب النائب فضل الله زميله الموسوي بإدانة هذا الكلام فلماذا يطالب القوى الأخرى بإدانة ورفض أي كلام ورد في الصافة الأجنبية الأخرى يتعلق بالمحكمة الدولية تحت طائلة التخوين والارتباط بالمشروع الإسرائيلي، مع أن أحدا من هذه القوى لم يؤيد ما ورد في هذه الصحافة لا من قريب ولا من بعيد.. اللهم إلا إذا كان حزب الله يشعر بأنه مخطئ في مكان ما...؟؟ لم يطلعنا كما لم يعلن حزب الله عن الدول العربية التي يوافق على أن تتشكل منها المحكمة العربية لتحقق في جرائم الاغتيال وتصدر أحكامها... ؟؟ اللهم إلا إذا كان المطلوب أن لا تتشكل المحكمة وان لا يتم التحقيق وان لا تصدر الإدانة.. لأنه بات من المؤكد أن المحكمة العربية سوف يكون مصيرها لدى حزب الله كمصير هذه المحكمة الدولية موضع اتهام وتشكيك وتخوين لارتباط أنظمتها الحاكمة بالمشروع الأميركي في المنطقة وبالتالي لا حقيقة ولا محكمة ولا عقاب بل مسلسل متمادي ومستمر من التهويل والتهديد ممن يرى في نفسه القدرة على التعطيل والترهيب والتخوين بحكم امتلاكه السلاح والعتاد والعناصر تحت شعار وعنوان المقاومة...

هذا يقودنا للتساؤل ماذا يريد حزب الله من اللبنانيين..؟؟ اللبنانيون يريدون الاستقرار وبناء مؤسسات الدولة وتفعيل المؤسسات الأمنية والقضائية وعودة المهجرين إلى منازلهم وتامين فرص العمل وتعزيز السلم الأهلي والعيش المشترك، والمحكمة الدولية والقوات الدولية هي إحدى هذه الأدوات التي تساعد الدولة اللبنانية على تحقيق هذا الواقع، ولكن اليوم ومع الأسف يستهدفها حزب الله في الجنوب اللبناني وفي مدينة لاهاي.. باسم الأهالي في الجنوب وباسم السلم الأهلي في لاهاي.. ما يريده حزب الله من اللبنانيين هو الخنوع والخضوع بالكامل لإرادته والالتزام الدقيق بأجندته وأن يكون له اليد الطولى في تحديد المسارات السياسية والاقتصادية والأمنية التي تخدم مشروعه في السيطرة على الكيان اللبناني، وما استخدام عبارات التخوين والاتهام بالعمالة إلا من باب الرغبة في منع الرأي الحر والكلمة الصادقة وإلغاء حرية التعبير والتصريح ليكون لبنان ساحة مستباحة...

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى