ستظل قضية صعدة رهن المفاجآت غير السارة طالما ظلت جماعة الحوثي تنظيماً مسلحاً يسعى بكل ما أوتي من قوة لبسط الهيمنة والسيطرة على ما يعتبرها مناطق التخصيب التقليدي لمذهبه السياسي الذي يفضي له بالزعامة.
وستظل أية إتفاقات هدنة أو سلام رهن الخروقات المتكررة من قبل الحوثيين طالما ظلت الدولة زاهدة في التواجد داخل مناطق صعده وسفيان والجوف وبالتالي فإن تعامي الحكومة وبقية الاطراف الفاعلة في اليمن وخارج اليمن عن هذه الحقيقة يطيل من أمد الأزمة ويزيد من إمكانية تكرر الحروب التي أنهكت أبناء صعدة واليمن عموماً وطرحت عند البعض في اليمن والسعودية، علامات إستفهام كبيرة حول كفاءة الجيش ونوايا القيادة السياسية وحقيقة وجود خلافات تغذي هذه الحرب وتجار حروب يعتاشون على هامشها.
لقد راح الحوثي كعادته بعد كل هدنة يعيد ترتيب وضعه في المحافظة ولم يصطدم هذه المرة بإرادة الحكومة بسط حضورها بل اصطدم بأبناء القبايل الذي يرفضون الخضوع لجماعة الحوثي ومنهم الشيخ صغير بن عزيز الذي أصبح اليوم في الخيال الشعبي رمزاً للأنفة والإباء واستطاع أن يكسر شوكة التفوق الحوثي وهذا لا يعني على الإطلاق أن تتخلى الحكومة عن واجبها في حماية مواطنيها أو أن تتركهم فريسة سهلة بيد المتمردين.
وفي هذا السياق نعجب من اصرار بعض الصياغات الإعلامية التي تصور القبائل التي ترفض الخضوع للحوثيين بأنها قبائل موالية للدولة إذ واقع الحال يقول بأن هؤلاء الصامدين في وجه الحوثي هم في حقيقة الأمر يذودون عن أنفسهم وأعراضهم وديارهم وقد يكون في قلوبهم عتب كبير للحكومة جراء زهدها في بسط نفوذها وحماية مواطنيها. وأحيانا يتواطأ بعضهم مع هذا التوصيف (موالية للحكومة) أملا في الحصول على شيء من النجدة. لكن مثل هذا التوصيف قد يفضي إلى اعتبار المواجهات بين طرفي الحوثي والحكومة وليس عدوانا من الحوثيين على القبائل، كما أنه يفقد هذه القبائل المتعرضة لعدوان الحوثيين تعاطف أطراف محلية مناوئة للحكومة.
ولنا هنا أن نزجي التحية لكل أعضاء مجلس النواب (وفي مقدمتهم النائبان عثمان مجلي وفايز العوجري) الذي أعلنوا تضامنهم مع النائب صغير بن عزيز وقاموا بخطوة سياسية هي الأولى من نوعها في هذه الأزمة الممتدة والتي قلَ فيها الفعل السياسي الداعم لإنها التمرد والحروب.
كما أنه من المؤمل اليوم أن يؤدي الإتفاق السياسي بين المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك هذا الإتفاق الذي باركه الجميع في الداخل والخارج .. من المؤمل أن يؤدي إلى وجود إجماع وطني تجاه أزمة الحوثي الإمامي في صعدة الذي يصب في أجندة إيران، لما من شأنه تسريع الخطوات باتجاه إنهائها بشكل جذري يمنع نشوبها من جديد ويحقن دماء المواطنين وابناء القوات المسلحة والامن ليفرغ الجميع بعد ذلك للتنافس في معركة البناء التي يبدو انها سقطت اليوم من قائمة الاحلام الراهنة جراء تكالب المعضلات.