آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

"مراد هاشم.. الجزيرة.. صنعاء"!

عشر من السنوات هي العقد الاول من القرن الاول في الألفية الثالثة قضاها الزميل مراد هاشم متنقلاً في خارطة الوجع اليمني مراسلاً ومديرا ًلمكتب قناة الجزيرة في اليمن والقرن الافريقي..

وبحكم موقعه كان من أوائل من يصله خبر الفجائع في بلاده التي لم تتفتق عن خبر سار طيلة هذه السنوات.. انفجار هنا واغتيال هناك وحروب في الشمال وشغب في الجنوب وقاعدة في الشرق واختطاف في الوسط واختلاف بين الساسة وتعاطٍ حكومي ملغزٌ مع كل هذه الاحداث يجعل المهمة صعبة على كل من يناط به نقل هذه الصورة بكل مهنية إلى ألوان الشاشة ومسامع الأنام.

عشر من السنوات لم يقفل مراد هاشم فيها تلفونه قط، حتى أثناء النوم الذي لم يهنأ به كبقية الناس وغالبا ما يصحو على اتصال يدعو الله قبله مرارا: "اللهم أسمعنا خيرا".

كذلك، فإنه في عمل كهذا ليس ثمة جُمعة ولا عيد.. ولا فرق بين ساعة متأخرة في الليل أو باكرة في الصباح.. الأيام كلها سواء والأوقات كلها دوام.

وفي زحمة هذا كله؛ تتعدد الأهواء والأنواء ويصعب الإرضاء. إذ هناك من يطالب المرآة أن تعكس خلاف الصورة الأصل، وهناك من يعتب لماذا يتم (أو لا يتم) التركيز على هذا الخبر أو ذاك.. وهناك من يريدك أن تتحول إلى نسخة من "افتتاحية الثورة" و"قناة اليمن". وهناك من يريدك نافذة لبثّ رؤاه التي توغل في الشرخ والتمزيق.

يحدث هذا مع مراد هاشم وحمود منصر وأحمد الشلفي ومحمد صدام وفيصل مكرم وأحمد الحاج وخالد الحمادي وصادق ناشر ومحمد القاضي وكل زملاء المهنة من المراسلين الذين تؤرقهم معرفتهم الدقيقة للخيوط الفاصلة بين حنانهم الوطني وانتمائهم المهني مدركين أن إظهار الحقيقة دونما تهوين ولا تهويل هو الطريق الأمثل لزرع المسؤولية العامة تجاه ما يدور، ذلك أن دقة التشخيص هي السبيل الأمثل لنجاعة العلاج. وعدا ذلك فإننا نخادع أنفسنا ونتواطأ ضد هذا الوطن العليل الذي نحبه وننشد رفعته وعُلاه.

اليوم؛ وبعد هذا العقد من السنوات الملأى بكثيف المواجع قرر الأستاذ القدير والمهني المتمكن مراد هاشم أن يستقيل عازما السفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية ليكمل دراساته العليا في الإعلام تاركاً وراءه حباً غامراً وتقديراً عميقاً، ووطناً لا سبيل أمامه إلا التماثل للشفاء.

وفقك الله يا مراد.. ونسأل من الله القدير التوفيق للأستاذين أحمد الشلفي وحمدي البكاري، ولسوف يظل صوتك يا صديقي العزيز جرساً يتردّد في مسامع الفؤاد: "مراد هاشم.. الجزيرة.. صنعاء".

زر الذهاب إلى الأعلى