قضية دارفور في السودان لم يسمع عنها احد قبل عقد من الآن، لكنها ظهرت فجأة في بداية الألفية أو بداية القرن الواحد والعشرين واكتسحت الإعلام العالمي.
هذه الإشارة لا نقصد بها التقليل من حق الدارفوريين ونحن الأحوازيين مع الحق ضد الباطل اين ما كان وعلى أي بقعة من بقاع الأرض، وإشارتنا لقضية دارفور، ليس المقصود منها الاستهانة بقضيتهم أو التقليل من أهميتها، أو نكران الظلم المفروض على شعبها مع كل احترامنا لنضالهم ولقضيتهم، لكنا جئنا بدارفور كمثل بسيط على كيفية التعامل مع قضايا حقوق الإنسان وإهمال قضية الأحواز الذي عانى ومازال يعاني شعبنا منه منذ 1925 أي منذ بدايات القرن الـ20 الماضي التي احتلتها بلاد فارس على يد رضاخان البهلوي عسكريا بإسناد كامل من قبل بريطانيا.
قضية دارفور وجنوب السودان بعد ما ارتكبت السلطات السودانية مجازر بشعة بحقهم، دعمها وساندها الإعلام العالمي والعربي والمجتمع الدولي ومنظماته الانسانية بشكل قوي جدا، ونحن مثل ما ذكرنا في البداية، اننا مع الحق ضد الباطل، لكن اليس غريب هذا!؟ في دارفور تتحرك المنظمات الدولية والمحلية والمجتمع الدولي لانقاذ الشعب هناك، وفي كوسوفو وتيمور الشرقية و... فعلو نفس الشيء ايضا، لكن لم يحصل هذا للأحوازيين، لماذا؟ الم يموت شعبنا جوعا وقتلا؟ الم تنهب ثرواته ومياهه؟ الم تسلب أراضيه ويهجر شعبه وتشيد مئات المستوطنات فيه لجلب الفرس من العمق الفارسي إليه ويحرم أبناءه من ثرواته؟
و في طهران وحول أحداث طهران، نعم تتحرك المنظمات الانسانية، تدين وتطالب وتضغط يوميا، لكن في الأحواز لا، لماذا!؟ الا تعرف المنظمات الدولية ان حصارها هذا يعتبر مشاركة لسلطات الاحتلال الإيراني والشوفينيه الفارسية بحصارهم وجرائمهم بحق شعبنا؟ أم ماذا نفسر هذا الصمت الرهيب وغير المبرر تجاه قضيتنا الأحوازية العادلة؟ هل تنتظرون حتى تتكرر المجازر التي ارتكبت في دارفور حتى تتحركوا، هل قتل المئات من الأحوازيين في مجازر عام 1979 و1985 و2005 التي شملت أكثر من ألف شهيد غير كافية للتحرك؟ هل الموت بقلة الدواء والغذاء والبطالة والأمراض والمياه الملوثة اليس قتلا جماعيا؟
نتساءل هنا ونريد الإجابة من منظمات حقوق الإنسان الدولية بدءاً من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي وحتى منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش، الم تصلكم البيانات والتقارير التي تكتب وترسل إليكم من منظمات إنسانية وأحزاب احوازية؟ المناشدات تلك التي تتعلق بجرائم السلطات الإيرانية والتي تمارس يوميا بحق شعبنا المظلوم في الأحواز؟ أم أنها ليس في حساب مصلحة هذه المنظمات وترمى في سلة المهملات؟ أم سكوتكم هو مراعاة لمشاعر الفرس العاملين في منظماتكم؟ أليس هم الذين منعونا من ان نصل إلى مستوى العمل معكم بظلمهم وقهرهم وحرمانهم لنا حتى من الدخول في الجامعات؟ أم من اجل مشاعر المجتمع الفارسي يتم السكوت عن تلك الجرائم بحق أبناء شعبنا العربي الأحوازي؟ أم ماذا؟ أم ان طرح قضية الأحواز لا ترضي قيادات الدول الكبرى ولهذا يتم السكوت عليها؟
ان الجرائم اليومية التي ترتكبها سلطات الاحتلال الإيراني، من قتل ودمار، وحرمان الأحوازيين من ابسط الحقوق الإنسانية، الم تكن هذه جرائم؟ الم تستحق الوقوف عندها؟
تعطيش الأحوازيين وتقسيم مياه الأنهار الأحوازية العذبة بين كافة المدن الإيرانية دون الأحواز وعبادان والمحمرة وحرمان أكثر من ثمانية ملايين عربي من شرب الماء، الم تكن هذه جرائم بحق الإنسانية، يتوجب على المنظمات الإنسانية الدولية التحرك بكل ما تملك لوقفها؟
بناء آلاف المستوطنات وجلب آلاف العائلات من الفرس وإسكانهم وتوفير فرص عمل لهم في الأحواز بينما العائلات الأحوازية تعيش جوعا وجورا وقهرا وبطالة، الم يكن هذا تعسفا وإجراما يمارسه النظام الإيراني المحتل في الأحواز؟
الم يستحق هذا الشعب بملايينه الثمانية ان تقف المنظمات الإنسانية الدولية والمحلية والمجتمع الدولي وقفة إنسانية شريفة إلى جانبه مثلما حصل لقضية دارفور وغيرها من القضايا التي وقفت معها المنظمات ورفعت صوتها إلى العالم حتى اقتربت من حقوقها الإنسانية والقومية؟
لماذا لا تتحرك المنظمات الإنسانية الدولية بشكل جدي وفعال وعملي لتحرك المجتمع الدولي مع قضيتنا لإنقاذ الشعب الأحوازي من الاحتلال الإيراني؟ بدل الاكتفاء ببيان كل بضعة شهور يطالب النظام الإيراني بإطلاق سراح معتقل ما في خارج الأحواز، مع غض النظر عن الاستيطان وجرائم الاحتلال الإيراني البشعة التي تمارس يوميا ضد الشعب العربي الأحوازي.
ما نتمناه من المنظمات الإنسانية الدولية ان تقوم بواجبها الإنساني، نتمنى التحرك والعمل الجاد والضغط على المؤسسات المدنية والحكومية والإعلام، وفي كل المجالات، ولا تكتفي هذه المؤسسات بإصدار بيان إدانة وتنهي الموضوع دون متابعة! نطالب بتحرك الآن قبل ان تصل الأمور إلى محنة دولية و إلى مجازر كبيرة ستكون نتائجها كارثية للجميع، اليوم وصولكم أو دخولكم للأحواز أسهل بكثير من وصولكم إلى دارفور إذا أردتم ذلك للإطلاع وكشف جرائم الفرس المتمثلة بسلطتهم أللاشرعية وكشف المجازر التي ارتكبت خلال 85 عاما من احتلالهم للأحواز وما زالت حتى اللحظة.
أما عن منظمات حقوق الإنسان الفارسية كما اشرنا سلفا ان هذه المؤسسات لا تختلف عن السلطة الحاكمة بعنصريتها وحقدها وتسترها لكل ما تقوم به سلطتهم الغاصبة ضد الشعب العربي الأحوازي. ان منظماتهم الإنسانية هي سياسية بحتة وتعكس العقل العنصري الفارسي فقط، لا بل هم شركاء في الجرم، نحن الأحوازيين نتحدى أحدا ان يأتي لنا ويقول ان منظمة إنسانية إيرانية ما إدانة مجزرة المحمرة على سبيل المثال أو إدانة ما تقوم به سلطاتهم الفارسية من بناء الآلاف المستوطنات وإسكان الفرس فيها وأبناء شعبنا يموتون جوعا وعطشا ويواجهون جرائم كثيرة وانتهاكات يومية ونحن شعب اعزل يعيش تحت الحصار الكامل بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى، وفي النهاية نطالب المنظمات الأحوازية الناشطة في مجال حقوق الإنسان والتنظيمات الأحوازية ان ترفع من مستوى نشاطها في الضغط على المؤسسات الدولية لقيامها بواجباتها تجاه شعبنا.