آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

الله أعلم!

دخول إيران على خط القرار الظني، الذي يُقال إن المدعي العام الدولي بصدد إصدار اتهام بموجبه لأعضاء في 'حزب الله' اللبناني بالتورط في اغتيال الشهيد رفيق الحريري، يُظهِر بل يؤكد أن هناك تصميماً على إبطال مفعول المحكمة الدولية المولجة بالتحقيق في هذه الجريمة، والحؤول دون معرفة الذين ارتكبوها، والذين وقفوا وراءهم لمنع استباحة لبنان مرة أخرى، وتمزيق أجساد أبنائه وقادته ورموزه بالمتفجرات والسيارات المفخخة.

ما علاقة إيران بهذه المسألة حتى يقول علي لاريجاني إن المحكمة الدولية تستهدفها وتستهدف 'حزب الله'؟ والمفترض لو أن جمهورية الوليّ الفقيه ليست متورطة، إن بشكل أو بآخر في جريمة الاغتيال هذه وفي جرائم أخرى سبقتها وأعقبتها، أن تكون طهران داعمة لتحقيقات هذه المحكمة، وخصوصاً أن وكيلها في لبنان، الذي هو حسن نصرالله، لم يتوقف منذ لحظة اغتيال رفيق الحريري عن اتهام 'العدو الصهيوني' بارتكاب هذه الجريمة.

لماذا يلجأ حسن نصرالله إلى كل هذه الحملة التي تستهدف المحكمة الدولية إذا كان عملاء المخابرات الإسرائيلية هم الذين ارتكبوا هذه الجريمة والجرائم الأُخرى التي أَودت بحياة كوكبة من خيرة أبناء لبنان من كُتّاب وصحافيين وسياسيين، كما كان ردَّد هذا وبعظمة لسانه أكثر من مرة...؟ ولماذا تُستنفر إيران لتتهم بدورها هذه المحكمة بأنها موظفة ضدها وضد 'حزب الله' إذا كانت قناعتها هي أيضاً أن الإسرائيليين هم الذين قاموا بعملية اغتيال رفيق الحريري؟!

قبل بضعة أعوام روى أحد كبار رجال الدين من الطائفة الشيعية اللبنانية الكريمة، وهو معروف ببعده عن الطائفية والمذهبية وباعتراضه على تصرفات 'حزب الله' وممارساته، أن السيد حسن نصرالله استدعاه لمقابلته، وأنه فوجئ لدى لقائه بأن 'سيد المقاومة' يريده أن يكون رأس حربة لمواجهة ما اعتبره المد السني الذي بدأ يتنامى بطريقة كاسحة بعد أن ارتفع نجم رفيق الحريري في سماء لبنان، بل وفي سماء المنطقة كلها، وبالطبع فإن جواب رجل الدين هذا كان الرفض، وحذّر من أن أي خطوة على هذا الطريق ستؤدي إلى كارثة محققة ستحل بالشيعة في العالم الإسلامي كله.

ولهذا فإن الخوف كل الخوف من أن يُفهم الهجوم الإيراني وهجوم حسن نصرالله على المحكمة الدولية ووصفها بأنها صهيونية وإسرائيلية، وهو سيفهم كذلك، على أنه لاغتيال رفيق الحريري مرة أُخرى، وعلى أنه يأتي في إطار المخطط الآنف الذكر الذي وُصِفَ بأنه لمواجهة المد السني في لبنان... والله أعلم... الله أعلم!!.

زر الذهاب إلى الأعلى