[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

أمريكا والحكم المحلي والقاعدة!

إن الوحدة اليمنية هي ثمرة نضالات الشعب اليمني ونخبه النظيفة، مثلها مثل الثورة الشعبية العظيمة سبتمبر و أكتوبر، لذلك فإن الوحدة هي حق مجتمعي وليست ملك هذا التيار أو ذاك يحدد مصيرها كما يشاء، وأي ما تيار سياسي يسعى للحفاظ على الوحدة الاندماجية سياسياً وثقافياً واجتماعيا وتعليمياً و اقتصادياً، فإن الشعب سيضع هذا التيار السياسي وقيادته في ناصية التاريخ .

واليمن اليوم توجد فيها أزمة اقتصادية حادة و كارثية، ولا يوجد في اليمن أزمة سياسية فكل الأحزاب ممثلة ولها أعضاء في مجلس النواب والمجالس المحلية، وحرية التعبير يمارسها الجميع، كذلك حرية تأسيس الأحزاب أو الانتماء إليها متاح للجميع، والدستور يكفل لكل مواطن يمني حق الترشح لرئاسة الجمهورية وعضوية مجلس النواب وكافة الحقوق السياسية .

لذلك فإن المجتمع الدولي و على رأسه أمريكا، بحكم تصدرها لقيادة العالم، يجب عليهم العمل من أجل الحفاظ على الاستقرار العالمي، فاليمن الذي يعاني أزمة اقتصادية حادة، بحكم قربه الشديد من منابع النفط الذي تعد الشريان الذي يمد الصناعة الحديثة بالحياة، وكذا إطلالة اليمن على طريق التجارة العالمية، فإن انهيار الوحدة الاندماجية و اضطراب الأوضاع الأمنية في اليمن..

سيؤدي هذا كله إلى جعل العالم يدفع ضريبة باهظة الثمن أكثر مما يتصور البعض، فلكي يتمكن العالم من حماية منابع النفط وكذا طريق التجارة الدولية وقطع الطريق على المشاريع الإرهابية، يجب على العالم أن يتقدم بخطة مارشال جديدة تتضمن 50 مليار دولار تقدم لليمن من أجل حل أشكلياتها وبالتالي الحفاظ على الاستقرار العالمي واليمني اليوم، 60% من سكانه شباب، ومن هؤلاء الشباب 80% يعيشون البطالة، والبطالة كما يعلم الجميع تدفع لأعمال بائسة، فالبطالة هي البيئية الخصبة التي تنمو فيها الجريمة والإرهاب والكراهية وكل المشاعر والمسليات السلبية المدمرة .

فلكي يتمكن اليمن والعالم من إغلاق مصنع الإرهاب (الفقر)، فإن الأمر يتطلب حلول اقتصادية ومشروع مارشال جديد، يطلق عليه مشروع أوباما كلنتون، أما الحلول الأمنية فتعتبر مهدئات وليست حلول جذرية، وليست هذه محاولة للابتزاز ولكنها نصيحة إستراتيجية، سيعرف العالم صحتها عند تطبيقها، وإن لم يعمل العالم بمحتوى هذه النصيحة سيعرف قيمتها حين لا ينفع الندم، وعندما تقع الفأس في الرأس، وحينها سيضطر العالم إلى دفع الضريبة وكذا بشكل مضاعف، فإذا كان الحفاظ على الاستقرار في اليمن بما يمثله في انعكاسات ايجابية على الاستقرار الدولي وسيكلف العالم 50 مليار دولار، فإن انهيار الاستقرار في اليمن – التي تتعزز أسبابه كل يوم – فد يكلف العالم في أفضل الأحوال 200 مليار دولار تدفع بعد انهيار الأوضاع في اليمن لذلك فإن الخطة الأمنية المدعومة أمريكياً لن تفلح في القضاء على الإرهاب في اليمن فإذا ما افترضنا أنه تم القضاء على أخطر الإرهابيين، فإنه سيأتي بدلاً لهم العشرات وقد يكونوا أشد فتكاً وحذراً، والذي سيأتي وبكامل طاقته التشغيلية، هذا المصنع هو (الفقر) الذي سيرفد الإرهاب بآلاف الشباب .

وبالإضافة إلى أن الفقر مصنع رئيسي للإرهاب في اليمن، هناك روافد سياسية غير مباشرة تتمثل في دعوات فك الارتباط، والفدرالية، والحكم المحلي، تلك الدعوات التي أخرجها دعاتها من المتحف الكهنوتي والمتحف ألمناطقي، والملفت للنظر أن عناصر الإرهاب ومنذ فترة ليست ببعيدة بدأت تعلن صراحة تأييدها للدعوات المنادية بفك الارتباط، لأن الإرهاب يعلم جيداً أن فك الارتباط والانفصال معناه تفكك اليمن إلى كيانات صغيرة متصارعة، وهذا ما يتمناه الإرهاب كي يتمكن من توسيع نشاطه ومحيطه ويمكنه من الظهور إلى العلن والسيطرة على كثير من المناطق و تجنيد الكثير من الأتباع الجدد كي يتمكن من تنفيذ إستراتيجيته والذي منها السيطرة على الممرات المائية المطلة على طريق التجارة الدولية، والزحف نحو منابع النفط.

والإرهاب الآن في اليمن يفرك أصابعه طرباً للدعوات المتمثلة في الفدرالية والحكم المحلي الذي معناه تحول اليمن إلى (300) دويلة، لأن الإرهاب يعرف أن الولاء القبلي في المجتمع اليمني ما زال أقوى من الولاء الوطني – باستثناء عواصم المحافظات التي قد يتدنى، وللأسف فإن تجربة المجالس المحلية التي كان من أوجهها الإيجابية جعل الشعب يساهم في الرقابة والإدارة، ولكن في المقابل فقد أيقضت الولاء القبلي بشكل كبير وسلبي.

وبالتالي فإن الفدرالية أو الحكم المحلي سيؤدي هذا في الأخير – وبموافقه ضمنية من الأحزاب باعتبار القبيلة قوة ناخبة وأصبحت تجيد ارتداء الثياب الحزبية – إلى سيطرة رؤوس القبائل على مقاليد القرار في الولايات الفدرالية أو المحليات ولا نعلم هل ستخضع بقية القبائل للسلطة هذه القبيلة أو تلك، وبطبيعة الحل ستميل القبائل إلى الأعراف أكثر من ميلها إلى القانون، ومن الأعراف أكرام الضيف وإجارة المستجير، والإرهاب سيستثمر هذا القانون العرفي ((إجارة المستجير)) من أجل إيجاد مخابئ لنشاطاته وكذا ملاذات آمنة لحمايته.

زر الذهاب إلى الأعلى