التقارير التي تواترت خلال الأيام الماضية وتحدثت عن نشاط جديد ومنظم لحركة التمرد الحوثي ومحاولاتهم إعادة التمركز من جديد في مناطق قريبة من الحدود اليمنية السعودية واستحداثهم لنقاط جديدة في مرتفعات المنطقة يعكس حقائق جديدة على الأرض على الرغم من انتهاء الحرب السادسة التي خاضتها الدولة اليمنية لعدة شهور مع المتمردين في شمال اليمن.
بل إن بوادر تجدد الصراع في تلك المنطقة تكشف بجلاء طبيعة "العدو" الذي تقاتله السلطات اليمنية، والأصابع التي تعبث بأمن المنطقة. ولم يعد خافيا لأي متتبع النشاط الإيراني المتزايد في القرن الأفريقي بشكل خاص والبحر الأحمر بشكل عام، واستمراره في تقديم الدعم للحوثيين عبر أشكال متعددة.
ما جرى في اليمن العام الماضي، لم يكن مجرد مواجهة داخلية خاضتها الدولة ضد جماعة صغيرة متمردة، وإنما كان عملا متكاملا قادته أجهزة استخباراتية لدول بعينها "تلاقت أهدافها الشيطانية" لتفجير الوضع في المنطقة ككل. كما ظلت إرادة المتطرفين في التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها القاعدة تتلاقى على الدوام مع رغبات العابثين بأمن المنطقة لتنفيذ مخطط يتعدى توتير منطقة صعدة وإحداث قلاقل بالجنوب.
إن المرحلة الحالية التي تمر بها اليمن والتي تخوض معارك شرسة ضد تنظيم القاعدة في أجزاء مختلفة من البلاد، إضافة إلى حالة الاحتقان التي تسود جنوب البلاد، تتطلب عملا كبيرا لتعزيز روابط الوحدة. كما تستوجب المرحلة من كافة الأحزاب والتنظيمات الاصطفاف لمواجهة المخاطر المحدقة بالوطن.
كذلك مطلوب من السلطات اليمنية تطويق تفلتات الحوثيين قبل أن تتطور وتدخل منعطفا قد يقود لحرب جديدة. وذلك من خلال تعزيز سيطرتها على كافة مناطق التّماس. ويبدو من محاولات الحوثيين الأخيرة للتمركز في المناطق القريبة من الحدود السعودية أنهم لم يعوا الدرس الماضي كاملا. ومن ثم يجب أن يدركوا ومن يقف خلفهم أن طموحاتهم الزائفة ستتكسر لا محالة على صخرة القوات السعودية، والتي لن تتوانى في دحر العدوان إذا امتد لشبر من أراضي المملكة، وحسمه بكل صلابة، كما سحقت فلولهم العام الماضي.