في الوقت الذي لا تجد دولة الكيان الصهيوني أي حلّ أمامها غير التقلص والانكماش، بدأت إيران في التوسّع والتمطط، وفي حين لا تجد تل أبيب من يتعاطف معها سرا أو علنا في بلاد العرب،
أو يجاهر بدعم مشروعها العنصري في المنطقة، تجد طهران داعمين ومساندين لها وأذرعا ممدودة للدفاع عن أهدافها الإمبراطورية التوسعية التي تستهدف الوطن العربي والعالم الإسلامي.
وفي حين تعلن الحكومات والأنظمة العربية معاداتها لإسرائيل ودفاعها عن الحق السوري في استعادة الجولان، والحق اللبناني في استعادة مزارع شبعا وكفرشوبا إلى جانب الدفاع عن ضرورة إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وإعادة اللاجئين إلى أرضهم المغتصبة، يصمت العرب، شعوبا وأنظمة وجامعة وإعلاما ومثقفين، عن مأساة القطر الأحوازي المحتل منذ 85 عاما!! ولا يتحدثون إلا باستحياء عن الجزر الإماراتية المحتلة، ويقفون عاجزين أمام الاحتلال الفارسي المبطن للعراق، وأمام التدخل السافر في اليمن ولبنان وفلسطين، وأمام التغلغل الإيراني ثقافيا وإعلاميا في الوطن العربي، وعمليات التشييع التي يقودها الإيرانيون في الأقطار العربية وفي دول الجوار، وخاصة الجوار الإفريقي.
وفي حين لا يقبل اليهود بفكرة تهويد البشر ويكتفون بتهويد المواقع، يسعى نظام الملالي في طهران إلى تكفير أغلبية المسلمين من أتباع مذهب أهل السنة والجماعة، ويعتبرونهم ضالين إلى أن يعودوا إلى "رشدهم" بتبني مذهب الإمامية الإثني عشرية.
وتعمل السفارات والمراكز الثقافية الإيرانية في العواصم العربية، والفضائيات ووسائل الإعلام ودور النشر ومواقع الإنترنت الشيعية المتطرفة إلى اختراق العقل العربي والهيمنة عليه وتطويعه للسير في فلك المشروع الإمبراطوري الفارسي.
وإذا كان الكيان الصهيوني عدوا مكشوفا، فإن إيران اليوم عدو يحاول التخفي تحت شعارات الأخوة الإسلامية والجوار الإقليمي والدفاع عن القضايا العربية، غير أن مؤامراته المعلنة تثبت أن ما خفي كان أعظم، وأن الحقد الفارسي على القومية العربية وعلى تاريخ الأمة ورموزها وأبطالها وعقائدها أضحى مكشوفا؛ كما أن الأطماع الفارسية في الخليج العربي باتت سافرة، والتحكم الإيراني في مقاليد الوضع العراقي وتصفية رجال وقادة النظام الوطني في بغداد وضباط الجيش المنحل بأمر بريمر، والعلماء والأكاديميين وأبطال المقاومة في بلاد الرافدين، يؤكد أن دور طهران تخريبي بالدرجة الأولى، وأن هدفه هو اختراق الوطن الكبير عبر البوابة العراقية. أما الأطماع الإيرانية في البحرين فهي قديمة قدم التاريخ، وهي تتجدّد اليوم وتتسع لتشمل الجزيرة العربية والشام وشمال إفريقيا.
أما عن التكامل اليهودي– الصفوي، والصهيوني– الإيراني في ابتزاز العرب والهيمنة على الأمة وتخريب العقيدة والاستنقاص من شأن الجنس العربي فله من الدلائل ما يكفي للكشف عن حقيقته وخلفيته وأهدافه..