يحتفل شعبنا العربي في اليمن تشاركه الشعوب العربية والمحبة للحرية بالذكري الثامنة والاربعين لقيام الثورة اليمنية التي انطلقت مساء السادس والعشرين من أيلول/ سبتمبر 1962.
ويأتي احتفال اليمنيين في هذا العام والبلاد تشهد مع الاسف احداثا خطيرة كان وما يزال اليمن يتعرض اليها منذ قيام الثورة، وازدادت تلك الاحداث خطورة منذ اعلان الوحدة اليمنية في أيار/مايو 1990. تمثلت هذه الاحداث المؤسفة في التمرد الحوثي ونشاطات القاعدة وعملياتها المسلحة والحراك الجنوبي. وكل طرف من هذه الاطراف الثلاثة له اهداف واجندات تختلف عن الاخري وتتعارض بل وتتناقض معها كليا.
بالرغم من انها تلتقي علي هدف واحد هو اضعاف ليس النظام فقط بل وتفكيك المجتمع اليمني الذي ناضل طويلا وقدم التضحيات من اجل حريته واستقلال ووحدة بلاده التي يطالب الجنوبيون اليوم بالعودة الي التشطير اي الي ما قبل العشرين من أيار 1990..
إذ لم يعد خافيا أن هناك قوي يهمها عرقلة العمل الوحدوي، والغاء الاتفاقات، وتأجيج نار الحقد بين الاطراف اليمنية وتوصيل القضية الي حرب ثانية وثالثة ورابعة والي ما لانهاية بين أبناء الوطن الواحد. ولم يعد خافيا أن هذه القوي تعمل علي الدس وزرع الحقد بين أبناء الشطرين عن طريق الهزيمة أو النصر لهذا الطرف أو ذاك من الوطن، أو عن طريق خلق أضرار نفسية من خلال دعايتهم من أن الشمال قد هزم الجنوب،أو العكس، وبالتالي تهدف هذه القوي الي انهاء شعار الوحدة ودفنه الي الأبد.
ورغم المحاولات اليمنية التي استمرت لانتشال العمل الوحدوي وتفويت الفرصة علي الاعداء بالاتصالات المباشرة وتوقيع الاتفاقيات، فاننا نجد أحيانا أنها تصدم بعرقلة التنفيذ.
شطري اليمن برغم ما يجمعهما من روابط عميقة مشتركة بنوع من التوتر الذي وصل حد استخدام العنف أحيانا، وعقب كل صدام بينهما يصل الطرفان الي اتفاق للوحدة أو علي الاعداد لها.
لقد خاض اليمنيون حروبا أهلية دامية غبية ضد مصالحهم بل خدمة لمصالح اعداء الشعب اليمني. واليمنيون وحدهم يدفعون الثمن من دمائهم وأقواتهم ووحدتهم ومن احتمالات تقدمهم وانفتاحهم. هذه الحروب جاءت نتيجة تراكم عوامل كثيرة ظلت تتفاعل ثم تتصارع بلا جهود للتسوية وبلا قنوات للتواصل والحوار حتي تنفجر بعد أن اسقط اطراف الصراع اليمني حجة المنطق ورجاحة العقل لصالح اشهار الخناجراليمانية (الجنبية) ذات الشهرة التاريخية صناعة ورمزا وشعارا للشجاعة يتمنطق به الجميع.
إن فكرة وحدة اليمن وبناء دولة قوية في الركن الاستراتيجي المهم للجزيرة العربية لم تكن مقبولة من كثيرين خاصة اولئك الخائفين من مجرد شعارها باعتبارها تهدد وجودهم فاتحدوا منذ اللحظة الاولي ضدها وعملوا علي تلغيمها أو مواجهتها بالترغيب والترهيب معا وبالخديعة والمخاتلة ايضا فاستخدموا السلاح القديم الجديد، سلاح تأليب أطراف الوحدة ضد بعضهم البعض، سلاح رشوة بعض المسؤولين وشراء ولاء بعض القبائل؟ وكلها قبائل مسلحة؟ تعتبر السلاح خنجرا أو رشاشا رمزا للرجولة وعنوانا للشجاعة العربية الاصيلة. غير أن الازمات التي واجهت وحدة اليمن هو عجزها عن التحول السلمي السريع من سيطرة روح القبيلة وولاءاتها الشخصية وعداواتها المتعددة الي هيمنة مؤسسة الدولة وقانونها ونظامها وهيبتها.
فرغم الانقلابات والانقلابات المضادة في شمال اليمن وتتابع التصفيات السياسية التي اتسمت احيانا بالدموية في الجنوب اليمني، الا أن حنين الوحدة ظل يراود اليمنيين بقدر ما ظل يقلق غيرهم. اذ أن مجرد قيام دولة موحدة قوية في هذا الركن الاستراتيجي الهام من شبه الجزيرة العربية المتحكم في المدخل الجنوبي للبحر الاحمر هاجس لابد أن يثير قلق الكثيرين من اصحاب المصالح والمطامع علي كل لون وشكل ومن أي زاوية واتجاه.
ففي 25 و26/11/1970 عقدت اجتماعات بين زعيمي الشطرين اتفقا علي اتخاذ الاجراءات الاولية اللازمة لاقامة اتحاد فيدرالي بين شطري البلدين. ثم أخذت العلاقات بينهما في التدهور في عام 1971 ثم وصلت الي حد الصدام المسلح علي الحدود في شباط/فبراير 1972أسفرت عن توقيق اتفاق القاهرة في تشرين الاول/ اكتوبر 1972 وقعه عن الشطر الشمالي رئيس الوزراء آنذاك محسن العيني وعن الشطر الجنوبي نظيره علي ناصر محمد تضمن وضع أسس ومبادئ الوحدة اليمنية. ثم عقد لقاء قمة بين رئيسي الشطرين في تشرين الثاني/نوفمبر 1972 في طرابلس بليبيا وهما الرئيس الشمالي القاضي الارياني والجنوبي سالم ربيع علي،أكدا فيه تمسكهما باتفاق القاهرة. وبدأت لجان الوحدة، وهي اللجان المشتركة التي تم تشكيلها بين البلدين بموجب اتفاق القاهرة وبدأت أعمالها
وفي فترة تولي المقدم احمد حسين الغشمي رئاسة الشطر الشمالي بعد الحمدي، بدأت العلاقات في التحسن بين البلدين. غير أن الغشمي اغتيل في 24/6/1978 بواسطة شحنة ناسفة كان يحملها مبعوث يمني جنوبي. وأعقبت ذلك اطاحة الرئيس سالم ربيع علي في 26/6/1978 أي بعد يومين من اغتيال الغشمي..
واستمرت العلاقات بين شطري اليمن في حالة توتر شديد بعد اغتيال الغشمي حتي اشتعلت الحدود بين البلدين في صدام مسلح بين قواتهما وذلك في شباط/فبراير 1979، اضافة الي أن كل حكومة تحتضن القوي المناوئة لنظام الحكم في الشطر الآخر. فتتعاون حكومة صنعاء مع الجبهة الوطنية اليمنية بقيادة عبد القوي مكاوي الذي يناهض حكومة عدن. وتدعم حكومة عدن الجبهة الوطنية الديمقراطية بقيادة سلطان أحمد عمر المناوئ لحكومة صنعاء.
وقد نتج عن ذلك تغذية عمليات التسلل والتخريب علي جانبي الحدود بين شطري اليمن والتي ازدادت بعد اغتيال الغشمي وتصفية سالم ربيع علي.
ففي تموز/يوليو 1978 أعلنت عدن ان قوات الشمال قصفت منطقة بيحان في المحافظة الرابعة، وبرزت رغبة عربية عامة في ضرورة التغلب علي الازمة، كما عكس رغبة كل من شطري اليمن في ايضاح موقفه ووجهة نظره في الاحداث لباقي الدول العربية. وقد اسفرت هذه الجهود عن التوصل الي وقف اطلاق النار بين الشطرين اعتبارا من الساعة الثامنة من صباح يوم 3/3/1979 واتخذ مجلس جامعة الدول العربية من جانبه قرارا مناسبا لحل الخلافات بين الشطرين والدعوة الي عقد مؤتمر قمة بين رئيسي الشطرين.
الصدامات الأولي بين الشطرين عام 1972
وفي عدن اعلن عبد الفتاح اسماعيل الامين العام للحزب الاشتراكي اليمني رئيس هيئة رئاسة مجلس الشعب الاعلي في اليمن الديمقراطية في أول حديث له في 17/3/1979 منذ بدء الصدام المسلح أنه يامل في ان يكون مؤتمر القمة المقبل الذي سيعقد بين رئيسي الشطرين بمثابة الخطوة الاولي نحو توحيد الدولتين، واشار الي أن تسوية النزاع القائم بين الشطرين تكمن في تحقيق الوحدة بين الجانبين علي اساس قرارات مؤتمر القاهرة عام 1972.
مقتل الشيخ ناجي الغادر.. وتوتر العلاقات بين الشطرين في الثاني والعشرين من شباط/فبراير 1972 أصدر مجلس الدفاع الوطني في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بيانا جاء فيه" اليوم من جديد تشهد الثورة اليمنية في الشطر الجنوبي من الوطن مؤامرة من أخطر المؤامرات المتسلسلة ضدها، حيث رمت الدوائر الرجعية والامبريالية بآخر رصيد لها في هجوم عسكري شنته مجموعة من المرتزقة صباح يوم 22 شباط/فبراير 1972 علي الخطوط الامامية في المديرية الشمالية من المحافظة الرابعة يقدر عدد أفرادها بما يزيد علي الفي مرتزق يقودهم العميل الشيخ ناجي بن علي الغادر والشيخ الهيال والشيخ حنتش، ولقد تصدت لها قواتنا المسلحة والمليشيا الشعبية والشرطة وجماهير شعبنا في بيحان وانزلت بهم خسائر جسيمة وفادحة بالارواح والمعدات. وقد استمرت المعركة بين قواتنا وقوات المرتزقة التي يقودها العميل الشيخ ناجي الغادر، ومنذ الصباح الباكر وحتي ظهر اليوم نفسه. وكانت نتائج المعركة كما يلي:
الاستيلاء علي عدد كبير من السيارات الأمريكية الصنع وعدد كبير من الاسلحة الثقيلة والخفيفة ووثائق غاية في الخطورة، وقد استشهد من قواتنا أحد عشر شهيدا واصيب أربعة بجروح طفيفة".
اتفاقية القاهرة
واضاف البيان" أن الانتصار الرائع الذي حققته قواتنا المسلحة والشعبية في معركة اليوم هو انتصار اسطوري لا يتجلي في سحق الهجوم والاستيلاء علي اسلحة ومعدات المرتزقة بقدر ما يتجلي في سقوط أكبر رؤوس العمالة شيخ المرتزقة ناجي بن علي الغادر ثمنا لعمالته وخيانته وجراء لجرائمه التي اقترفها ضد الشعب اليمني والثورة اليمنية طيلة السنوات التسع الماضية منذ قيام ثورة 26 سبتمبر حتي انتهاء حياته ظهر هذا اليوم.
أما صنعاء فقد اصدر مجلس الوزراء اليمني بيانا حول علاقات اليمن مع عدن ردا علي بيان عدن حول مقتل الشيخ ناجي بن علي الغادر جاء فيه" في الثاني والعشرين من شباط/فبراير الماضي قطعت عدن اذاعتها واعلنت أن قواتها قد اشتبكت في معركة قاسية مع قوات معادية من المرتزقة، وانها قد احرزت نصرا عظيما فسحقت القوات المغيرة وقتلت الشيخ ناجي الغادر والشيخ صالح الهيال والشيخ علي حنتش وخمسة وستين شخصا آخرين، وتواضعت واعترفت بأنها خسرت عشرة أشخاص في هذه المعركة، ولم تمر ساعات حتي عرف اليمنيون في الشمال والجنوب أن مقتل هؤلاء التعساء قد تم فعلا ولكن ليس بمعركة. وأن قوات عدن لم تقتلهم في معركة وانما هم قد وصلوا بدعوة من كبار المسؤولين في عدن واستقبلوا في الحدود اكرم استقبال، واستضافتهم حكومة عدن ونزلوا في مخيم أعد خصيصا لهذه المناسبة خير اعداد وقدمت لهم القهوة العربية، وبينما هم يستعدون لتناول الغداء اذا بالمنطقة تسمع دويا هائلا، فقد نسف المخيم بمن فيه. وأكلت المتفجرات التي كانت قد زرعت خصيصا تحت الخيام أجساد هؤلاء الضيوف جميعا ومن بقي من سواقين ومرافقين خارج المخيم حصدهم رصاص الابطال من مضيفيهم".
من جهتها أصدرت حكومة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بيانا حول انهاء ازمة الحدود مع الجمهورية العربية اليمنية جاء فيه:" ان حكومة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، تاكيدا لمواقفها المبدئية الهادفة الي تخفيف حدة التوتر، وحلا للازمة المفتعلة بين الاشقاء، وحرصا منها علي دماء ومصير اليمن الواحد، فانها تعلن للرأي العام اليمني والعربي والعالمي بأن لديها الاستعداد الكامل والسريع لحل كافة الخلافات القائمة، كأساس لانهاء حالة التوتر وأي مشاكل قد تستجد مستقبلا وذلك استمرارا لمواقفها التي أوضحها وفدها برئاسة الاخ محمد صالح مطيع وزير الداخلية أثناء لقائه بالاخ محسن العيني رئيس وزراء الجمهورية العربية اليمنية في الجزائر بحضور الاخ هواري بو مدين رئيس مجلس قيادة الثورة الجزائرية والاخ عبد العزيز بوتفليقة وزير الخارجية الجزائرية. خلال اسبوع واحد تطورت محادثات الوفدين اليمنيين في القاهرة من لقاء علي مستوي وزيري الداخلية الي لقاء بين رئيس الدولتين. ومن مساع لايقاف القتال الدائر الي توقيع اتفاق الوحدة.
ولا شك أن الدهشة سوف تبقي مرسومة علي وجوه الكثيرين أمام هذا الانتقال من الشيء الي نقيضه، ولكن وقائع التشابك بين شطري اليمن تشكل الخلفية الواقعية التي يبدو أنها فرضت نفسها علي الوفدين المتحاربين متجاوزة الخلافات العقائدية بين النظامين من جهة ومراكز القوي المتأهبة والمعادية لكلا النظامين من جهة أخري. ولكن هذه الخلفية الواقعية التي دفعت الامور الي مستوي الوحدة من أجل تجنب الحرب ترتبط بجملة من الدوافع المباشرة والمصالح المتباينة لكلا الطرفين وهي التي توضح بجلاء أكثر طبيعة هذا التطور المفاجئ للاحداث.
بنود المشروع الوحدوي
نص الاتفاق الذي تم التوقيع عليه في الثامن والعشرين من تشريت أول/اكتوبر 1972 في مقر جامعة الدول العربية في القاهرة علي أن تذوب في الدولة اليمنية الواحدة الجديدة الشخصية الدولية للشطرين، وعلي أن يكون نظام الحكم في الدولة الجديدة، نظاما جمهوريا وطنيا ديمقراطيا ويضمن دستور الوحدة جميع الحريات الشخصية والسياسية والعامة للجماهير كافة. ولمختلف مؤسساتها وتنظيماتها الوطنية والمهنية والنقابية، وتتخذ جميع الوسائل الضرورية لكفالة ممارسة الحريات الديمقراطية. وتضمن دولة الوحدة حماية جميع المكاسب التي حققتها ثورتا أيلول في الشمال واكتوبر في الجنوب. وقد شكّل مؤتمر القمة للدولتين اللجان الفنية المشتركة من عدد متساوي من ممثلي الدولتين لتوحيد الانظمة والتشريعات القائمة في كل منهما. وحددت فترة زمنية لانتهاء اللجان من مهمتها. بعد اتفاقية القاهرة انقلبت اجهزة الاعلام التي كانت تدعو لتحقيق الوحدة فجأة واخذت تهاجم رئيس الوزراء محسن العيني حتي اتهمته بالخيانة وطالبت بتقديمه للمحاكمة، كما اتهمته مجلة( نداء الجنوب) الناطقة باسم القبائل اليمنية بأنه كان وراء المذبحة التي ذهب ضحيتها الشيخ ناجي الغادر التي فجرت الحرب بين عدن وصنعاء.
دينيا. أما بالنسبة للوحدة فنحن الذين نتبني الوحدة الوطنية ونؤمن بها ونكرس جهودنا ونضحي في سبيلها قبل الثورة وبعدها وحتي الآن".
قمة طرابلس
وفي 26 تشرين الثاني/نوفمبر 1972 بدأت في طرابلس بليبيا محادثات القمة بين دولتي اليمن للاتفاق علي الوسائل العملية لتنفيذ اتفاق الوحدة الذي عقد بين الدولتين في 28 تشرين اول/اكتوبر 1972 في القاهرة.
وحضر اجتماعات طرابلس العقيد معمر القذافي والقاضي عبد الرحمن الارياني رئيس المجلس الجمهوري في الجمهورية العربية اليمنية. وسالم ربيع علي رئيس هيئة رئاسة مجلس الشعب الاعلي في اليمن الديمقراطية. كما حضر المحادثات سليم اليافي رئيس لجنة المصالحة العربية والمساعد للامين العام للجامعة العربية.
وبعد يومين من المحادثات بين الرئيس الارياني وربيع علي بحضور الرئيس الليبي معمر القذافي وبالتحديد في الساعة العاشرة من مساء يوم الثامن والعشرين من تشرين الثاني عام 1972 تم التوقيع علي البيان المشترك. وتضمن نص الاتفاق الذي اوصل اليه الرئيسان الذي جاء في ديباجته أن" وفاءا لنضال الشعب اليمني وشهدائه لبناء يمن موحد مستقل وحرصا علي ازالة العراقيل التي تقف عقبة في طريق تحقيق وحدة اليمن،
لقد جاءت اتفاقية القاهرة لتعتبر أول ترسية قانونية مفصلة للوحدة اليمنية، ولعل أطرف ما يميز الطروحات الوحدوية اليمنية أنها كانت تأتي مباشرة عقب حرب أهلية جامحة اذ لم يجف حبر اتفاقية القاهرة لعام 1972 وهي الاساس لكل البيانات اللاحقة فوجيء الوحدويون والشعب اليمني باصوات عديدة استغلت مراكزها لترفض الاتفاق من أساسه، وتعددت أشكال المعارضة الانفصالية واتخذت صورا شتي، ابتداء من الاشكالات المسلحة الجزئية حتي الابطاء بعمل اللجان وادخالها في متاهات لا حصر لها نتجت عنها المأساة الدموية بين أبناء الشعب الواحد في شباط 1979 مما أعقب ذلك من اتفاقية الكويت في آذار 1979 التي وضعت برنامجا زمنيا محددا لتنفيذ اتفاقية القاهرة وما تبعها من بيانات. وأوكل الي السلطتين في الوطن الواحد. وخلال عام واحد من انهاء حالة التجزئة حسب خطة زمنية وضعت في البيان المشترك الذي صدر عقب لقاء الكويت.
ومن الواضح ان اتفاقية الوحدة هذه فجرت التناقضات القائمة في الشمال بين رجال القبائل والجيش ورجال الحكم، فمعظم رجال القبائل كانوا يدفعون للحرب لانها تعتبر بالنسبة لهم بابا واسعا للسلاح والمال، وقد اكد ذلك محمد أحمد النعمان الذي تعاون مع مشايخ القبائل بلأنه كان يقول أن مشكلة اليمن هي أن قبائلها لا تنتج وانما تعيش علي تجارة الحرب. وأكثر من ذلك فانها كانت تؤدي الي زيادة نفوذهم السياسي في صنعاء. أما رجال الحكم وعلي رأسهم القاضي عبد الرحمن الارياني ومحسن العيني رئيس الوزراء وبعض قادة الجيش فكانوا يتخوفون من نتائج الحرب علي السلطة في الشمال، فاندلاع الحرب يعني زيادة نفوذ زعماء القبائل، ويعني وقوع الشمال نهائيا تحت سيطرتهم.
ومن هنا كان خوف ضباط الجيش والمثقفين والموظفين وحكومة العيني من تزايد نفوذ القبائل العسكري والسياسي نتيجة لاعلان الحرب التي دفع بها مجلس الشوري فعلا.
ومن هنا ياتي اندفاع العيني بتشجيع من القاضي الارياني لعقد اتفاقية الوحدة مع اليمن الجنوبي. وكان العيني يتخوف كذلك من أن تتفاقم الامور والاشتباكات علي الحدود بضغط من زعماء القبائل ومن يمولهم من الخارج، وكان يطرح علنا بانه اذا لم يتم الاتفاق مع الجنوب بسرعة فان حكما متشددا سيستلم زمام الامور في صنعاء. وكان العيني يقصد بذلك مجيء حكم عسكري برئاسة الفريق حسن العمري الذي يعتبر مدعوما من قبل زعماء القبائل.
وللموضوع صلة