عشرون عاماً بالتمام والكمال مرت من عمر التجمع اليمني للإصلاح، الحزب الإسلامي، قبس من أقباس مدرسة الإخوان المسلمين العالمية، وبهذه المناسبة نخصص [رشفات 5] لوقفات بهذه المناسبة ونخصصها للمحاور الساخنة في مسيرة الإصلاح:
الأولى: الإصلاح والرئيس:
ارتبطت الحركة الإسلامية في اليمن (الإخوان المسلمين) بالرئيس علي عبدالله صالح منذ عام 1979 تحديداً برباط عنوانه الهوية والمصلحة الوطنية، علاقات لأجل سواد عيون اليمن وليس لأجل سواد عيون الرئيس، وعمّرت تلك العلاقة فترة طويلة من زمن الرئيس حتى بدأت هذه العلاقات في التراجع فتعرضت هذه العلاقة لأول الضربات في انتخابات ابريل 1997 النيابية التي سمح فيها الرئيس بتسخير مقدرات الدولة لصالح حزبه وضد الإصلاح، ثم جاء إغلاق المعاهد العلمية عام 2001 وهي المكسب الوطني الفذ الذي تأسس زمن الرئيس إبراهيم الحمدي ليؤدي إلى تراجع كبير في العلاقة ومما افقد الرئيس عصا المعاهد الغليظة التي يرفعها في وجه الإصلاح حين يلزم الأمر. وجاءت انتخابات 2006 الرئاسية لتنهي دفء العلاقة لاسيما وان الإصلاح ومعه المشترك قد خرج إلى الشارع وجهاً لوجه ضد الرئيس ومع مرشح المشترك المناضل فيصل بن شملان وحل محل الدفء الجليد، والمتبقي اليوم من تلك العلاقة هو فقط شعرة معاوية، ومع ذلك يبقى الإصلاح والرئيس في مركب الوطن الواحد الذي ينبغي الحفاظ عليه من الغرق.
الثانية: الإصلاح والسلطة:
السلطة من وجهة نظر الإصلاح هي وسيلة فقط للتغيير الذي تأسس التجمع اليمني للإصلاح من اجل انجازه، وليست السلطة عند الإصلاح غاية بأي حال من الأحوال، ومن يعتقد خلاف ذلك فهو مخطئ في اعتقاده وآن له ان يغادر ذلك الاعتقاد ان كان يريد الحقيقة، ومن يروج خلاف ذلك فإنما يحاول تضليل الجماهير أو أن يُسقط ما يسعى إليه من استمساك بالسلطة على الإصلاح، إنّ الإصلاح وهو يسعى إلى السلطة فإنما رائده قول عثمان بن عفان رضي الله عنه ((ان الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن)). إنّ السلطة عند الإصلاح هي قيام بوظيفة عمارة الأرض والخلافة فيها التي أراد الله تع إلى من الإنسان القيام بها والنهوض بها في ظلال الاستمساك المتين بنور الوحي والمنهج الذي اختاره للإنسان الله رب العالمين، وللإنسان إن قام بتلك الوظيفة واسهم فيها ما يفوق هذه الدنيا بحذافيرها من الأجر والثواب في الدار الآخرة. ان الإصلاح ورموزه لو كانوا طلاب مناصب وكراسي وتسلط لكان حظهم منه وافر وعروض الرئيس بذلك لم تتوقف منذ ابريل 1997.
الثالثة: الإصلاح في السلطة !!
لا زال البعض يعتقد أنّ الإصلاح جزء من السلطة، ويروج البعض لهذا الأمر لكي يُشرك الإصلاح في أوزار السلطة، وقد تحجج البعض في غابر الأيام بوجود الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر في رئاسة مجلس النواب سابقاً، ورئاسة المجلس لا تعني مشاركة في السلطة لان القرار في المجلس لا يملكه رئيس المجلس بتاتاً إنما يملكه الحزب صاحب الأغلبية وهو في بلادنا ومنذ ابريل 1997 المؤتمر الشعبي الحزب الحاكم وبالتالي فالسلطة كاملة في يد المؤتمر، حتى موقف الشيخ عبدالله رحمه الله المعارض وبشدة لإلغاء المعاهد العلمية لم يحل دون إلغائها، ذلك كان في حياة الشيخ عبدالله أما اليوم فيتحجج البعض لذلك بوجود أغلبية للإصلاح في بعض المجالس المحلية، والمجالس المحلية في الواقع أولاً معظم صلاحياتها في يد رئيسها الذي اختاره المؤتمر ورئيس المجلس إما مدير عام المديرية أو محافظ المحافظة في حال كونه مجلس محافظة، وثانياً المجالس المحلية هي سلطة محلية وليست مركزية واليمن اليوم لا تديره سلطة محلية وإنما سلطة مركزية مُغرقة تتدخل في كل التفاصيل حتى على مستوى المديريات.
الرابعة: الإصلاح والشيخ:
رحم الله الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر وتقبل منه ما قدم من اجل نما وطنه وسعادة بني وطنه ومن اجل إنجاح المشروع الإسلامي التي تبنته مدرسة الإخوان المسلمين في اليمن وكان الشيخ في صفه منذ شبابه الباكر، مُرجحاً كفة الخير في يمن الإيمان والحكمة، ورغم العلاقة المتينة غير المنفكة بين الشيخ والحركة ثم الشيخ والإصلاح إلا أنّ الخلاف في بعض وجهات النظر وارد، ولكل مجتهد نصيب، ولا يوجد احد في الإصلاح مهما علت مكانته وارتقت مكانته يعتبر رأيه الشخصي هو رأي الإصلاح، فرأي الإصلاح هو الصادر عن هيئاته التنظيمية: المؤتمر العام، مجلس الشورى، الهيئة العليا، الأمانة العامة، المكاتب التنفيذية في المحافظات، وما عدا ذلك هو رأي شخصي لا يلزم الإصلاح في شي، قد يقترب ويتطابق مع رأي الإصلاح وقد يبتعد، ومع هذا فان قيادات الإصلاح لا تتخذ موقفاً جزافاً إنما هو مبني على تجربة وممارسة ومعرفة واجتهاد سواء كان هذا الموقف جماعي أو فردي، والفرق أنّ رأي الجماعة يُلزمها وهو الأصوب من رأي الفرد.
الخامسة: الإصلاح والقضية الجنوبية:
التجمع اليمني للإصلاح هو تنظيم سياسي يقف ضد الظلم والفساد من أي كان وعلى أي كان من فرد أو جماعة وضد فرد أو جماعة، فلا تقل ما هو رأي الإصلاح إزاء ظلم وقع أو ظلم يقع أو فساد، إنّ الإصلاح ضد الظلم دائماً وأبداً..انه مع العدل والعدل فقط.. مع الرحمة والمرحمة..انه دعوة خير وخيرية لا يقف مع ظالم في ظلمه ولامع ظلمة في ظلمهم، انه حزب إسلامي يدور مع الإسلام حيث دار ويوجد في صفوفه العشرات من العلماء الثقات المتبحرين في علوم الشريعة و إلى جانبهم عشرات المتمكنين في الفقه السياسي النظري والميداني المدركين لإبعاد العملية السياسية المعقدة على المستوى المحلي والدولي وهذا من فضل الله على هذا التنظيم الرائد. ومن هذا المنطلق فان الإصلاح ضد الظلم أن يقع على فرد من أفراد المجتمع فكيف بكامل أبناء الوطن أو فئة منهم: جغرافية أو مهنية أو اجتماعية، أما ان يعمل الإصلاح من اجل رفع ذلك الظلم ودفعه فهذا منهج الإصلاح العملي وبقدر ما يستطيع وحدائه قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ((انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً)) ونصره ظالماً بان نبين له خطئه وندعوه لإقامة العدل والكف عن ظلمه وفساده ان كان فرداً، أو ظلمهم وفسادهم ان كانوا جماعة.
السادسة: الإصلاح والحزب الاشتراكي:
لازال البعض يستغرب وجود الإصلاح والحزب الاشتراكي في تكتل اللقاء المشترك، والبعض يحاول ان يثير البلبلة حول هذا الالتقاء بين الحزبين، وإمكانية أن يلتقي الإصلاح والاشتراكي هذا معناه من ناحية أخرى إمكانية أن يفترق الإصلاح والمؤتمر والبعض لازال لا يصدق هذا الافتراق، إنّ الإصلاح يقترب من أي مكوّن سياسي في اليمن ويبتعد بقدر قرب وبعد ذلك المكون من هوية ومصلحة الوطن حرصاً على الحفاظ عليها وتنميتها لا تبديدها،إنّ الإصلاح يدور مع هوية ومصلحة الوطن اليمني أينما دارت أدرك ذلك من أدرك وجهله وحاول تجاهله من جهل وحاول. كان الحزب الاشتراكي مؤمناً بالفكر الاشتراكي العلمي المناقض للأديان كلها فكيف الإسلام فكان الفراق بين التنظيمين حتماً لازماً، ولمّا اقر الاشتراكي تبديل منهجه الفكري ذاك بفكرة العدالة الاجتماعية في مؤتمره العام الرابع (1998) كان اقتراب التنظيمين من بعضهما من مقتضيات المصلحة الوطنية، وزال سد كان يحول دون ذلك، ولما وقف الحزب الاشتراكي ضد مصلحة الوطن في الوحدة والتوحد عام 1994 وقف الإصلاح ضده في خندق واحد مع المؤتمر الشعبي الذي وقف مع مصلحة الوطن في الوحدة والتوحد.
السابعة: الإصلاح وفتوى حرب 1994:
إنها اكبر فرية راجت ويحاول ان يجددها البعض ضد الإصلاح، إنّ الفتوى التي صدرت حينها لم تُكفر أبناء الجنوب ولم تهدر دمائهم ولا ممتلكاتهم ولاشي من ذلك، إنّ خلاصة تلك الفتوى التي استخدمت ولا تزال كحرب نفسية ضد أبناء شمال الوطن، خلاصتها أنّ من يخرج على الحاكم في البلد المسلم ويتحصّن.. ويتترس بأبرياء فان من يُقتل منهم كأمر حتمي للوصول إلى الخارج واستئصال خروجه فهو شهيد، هذه خلاصة الفتوى وهي مأخوذة من صميم الفقه الإسلامي وليست مجاملة لسلطة أو قياماً ضد فئة. هذا لمن أراد الحقيقة.
الثامنة: الإصلاح والمرأة:
يضع الإصلاح المرأة فكراً وممارسة في المكان الذي وضعها فيه الإسلام، إنه غاية الاحترام والتشريف والصيانة والمروءة، لقد نالت المرأة الإصلاحية ما لم تنله امرأة من تنظيمها المنضوية فيه، إنّ المرأة الإصلاحية ليست ضيف على الإصلاح إنها لبنة من لبناته، مدماك من مداميكه، إنها شريكة في الإصلاح المشروع الإسلامي الوطني تماماً مثل شقيقها الرجل، لها حقوقها وعليها واجباتها كعضوة مثلما هو للأعضاء.. لا فرق، لها حلقاتها التربوية الخاصة وأنشطتها التنظيمية والعامة في الوسط النسوي مثلما للرجل وفي وسط الرجال وبما يتناغم وقيم وثقافة المجتمع اليمني، عليها كشقيقها الرجل ان تبذل وسعها في سبيل التمكين لمشروع الإصلاح ألتغييري الذي يسعى إلى أن يصبح يوم اليمنيين خير من أمسهم وغدهم خير من يومهم، وسواء كان ذلك من خلال العمل الدعوي أم التنظيمي أم الاجتماعي أم السياسي، والإصلاح مشروع يستغرق من المرأة كالرجل كامل وقته وهمه واهتمامه ويستوعب كامل قدراته وإمكاناته وطاقاته ويطلب منهما فعل ذلك باستمرار طالما ارتضيا وجودهما في صفوف الإصلاح، واهتمام الإصلاح بشريحة النساء في المجتمع اليمني لا يقل عن اهتمامه بشريحة الرجال إنّ الإصلاح ينشد للجميع الحياة السعيدة الآمنة المطمئنة الكريمة ويبذل كامل جهده في سبيل تحقيق هذه الغاية الكبرى ولا صحة إطلاقاً لما يحاول أن يروج له بعض قادة المؤتمر الشعبي ومنهم رئيسه في مناسبات مختلفة أنّ الإصلاح لا يهمه من المرأة إلا صوتها زمن الانتخابات، ولو كان الإصلاح كذلك لاستراحت السلطة واستراح دعاة التبرج والسفور ونشر الفاحشة بين المسلمين، وهذا الطرح يأتي لتخذيل النساء عن مؤازرة الإصلاح دائماً، إنه يهدف إلى بث كراهية الإصلاح في الوسط النسوي الذي فشل المؤتمر في كسبه لمناصرته، ولو نظر قادة المؤتمر قليلاً لا نفسهم ولحزبهم لأدركوا أنّ مسألة الصوت زمن الانتخابات ليس ما يهم المؤتمر من النساء ولكن ما يهم متنفذو المؤتمر كله من الوطن كله رجاله ونسائه.
التاسعة: الإصلاح ومحاولات التشويه:
تعرض الإصلاح ولا زال يتعرض لمحاولات تشويه سمعته الحسنة وسجله النظيف فكراً وممارسة ممن يعتقدون أنّ بقاء صفحة الإصلاح بيضاء ناصعة نقية يهدد وجودهم في مراكزهم وأبراجهم العاجية كونهم لم يترددوا لحظة في ان يقترفوا الخطايا والسياسات والممارسات العقيمة من مواقعهم تجاه الشعب الذي يخشون سطوته زمن المواسم الانتخابية بشكل خاص، وما يتعرض له الإصلاح من محاولات تشويه هو ثمن لمبدئيته واختياره الفكري ورفعه للمصلحة العليا للوطن فوق كل الاعتبارات الشخصية والحزبية، الإصلاح ينظر إلى نفسه كجزء لا يتجزأ من هذا الوطن وليس فوقه بل انه خادماً للوطن، ويؤمن الإصلاح بأنّ مصلحة الوطن هي مصلحة الإصلاح ، كان بإمكان الإصلاح ان يتجنب حملات التشويه لو داهن وجامل وصمت على حساب مصلحة الشعب والوطن ولكن الإصلاح لم يفعل ذلك، ورغم حملات التشويه التي تعرض لها الإصلاح ويتعرض لها كحزب بشكل عام وكرموز له وقيادات أو مواقف معينة إلا أنّ نقاء ملف الإصلاح النظري على صعيد الفكر والممارسة عصيان على التشويه، قد يُصدّق البعض بعض ما يقال عن الإصلاح بسبب اطلاعهم المحدود وأحيانا المفقود أصلاً، أو جهلهم بحقيقة الأمور، والمعرفة الجزئية المبتورة لا تحول دون وقوع صاحبها في مصيدة التشكيك في مصداقية الآخرين ومبدئيتهم ونقاء سلوكهم، والشجرة المثمرة يرشقها الناس بالحجارة. وللأسف فان محاولات التشويه تلك لم تقتصر على الخصوم السياسيين بل تعدتهم لتشمل العديد من العاملين في حقل الدعوة الإسلامية، وكان لسان حال الإصلاح وقياداته ورموزه وهي تسمع لمحاولات التشويه تلك: ((إذا لم يتقوا الله فينا فلنتقي الله نحن فيهم)).
العاشرة: الإصلاح.. ماذا عمل ؟؟
يتساءل بعض الناس: ماذا عمل الإصلاح نحو الغلاء وانهيار العملة و.. و.. وباختلاف مواسم الأزمات.
و إجابة عن هذا التساؤل نقول: إنّ التجمع اليمني للإصلاح يعارض ولا يحكم وذلك منذ مايو 1990، يعارض فقط ولا يستطيع التصرف في مجريات الأمور العامة الخاضعة للدولة، فكل السلطات الثلاث بيد المؤتمر الشعبي العام [ السلطة التشريعية (مجلس النواب) والسلطة التنفيذية (رئيس الدولة + الحكومة)، والسلطة القضائية (المحاكم + النيابات) ] فأي سلطة بقيت للإصلاح ليعمل من خلالها على إصلاح الأوضاع المتردية ؟ لا شي.
لقد أعطت أغلبية الشعب المؤتمر الشعبي الأغلبية والسلطات الثلاث في انتخابات شابها من التزوير واستخدام المال العام لصالح المؤتمر الشي الكثير فأصبحت كل السلطة وإمكانياتها في يد المؤتمر يُحسن إدارتها أو يُسيء، وحرم التجمع اليمني للإصلاح ومعه بقية أحزاب اللقاء المشترك منها في المواسم الانتخابية منذ ابريل 1997، وأن يفوز واحد وإلا عشرة وإلا مئة في مجلس النواب من المشترك لا يعني انه أصبح في السلطة، وأن يفوز المشترك بأغلبية مجلس محلي لا يعني انه خلاص وصل إلى السلطة والقدرة على التغيير. إنّ المجالس المحلية سلطتها محدودة وأكثرها مركّزة في يد رئيس المجلس المحلي الذي هو كذلك على مستوى المديرية مدير عام المديرية وعلى مستوى المحافظة محافظ المحافظة والاثنين، المدير العام والمحافظ، معينان من قبل المؤتمر الشعبي، والمجالس المحلية جزء من كل ولا يصلح الجزء ما دام أنّ الكل غير صالح، وبالتالي اللوم ، كل اللوم هو على المؤتمر الشعبي الذي بيده كل السلطات المركزية والمحلية ولا ذرة لوم للتجمع اليمني للإصلاح ومعه بقية أحزاب اللقاء المشترك الذي ليس بيده حيلة إلا ان يتظاهر ويحتج ويرتج ويرفض ويعارض وفي الحقيقة المطلوب من المعارضة أن تعارض وأن توفر البديل للجماهير من حزب السلطة الحاكمة وهذا دورها بحيث تستطيع الجماهير انتخاب المعارضة لتصل إلى السلطة في حال قصّر الحزب الحاكم أو أساء التصرّف ولكن ديمقراطية العالم الثالث غالباً ديمقراطية منقوصة مهندسة بحيث يفوز الحزب الحاكم في كل المواسم الانتخابية ولو كان فاقد النزاهة والجماهيرية، إنّ الزعيم وحزبه في كل دول العالم يتحمّلان المسؤولية عن حسنات النظام وسيئاته ولا ينفك ذلك عنهما البتة، والغريب ان البعض يحاول ان يزحزح المسؤولية عن كاهل الزعيم وحزبه إلى من هم دونه في سُلّم السلطة بل ويصل الجهل أحياناً والتجهيل ومحاولة تزييف الوعي بالبعض لإشراك أحزاب اللقاء المشترك في المسؤولية ويصدّق البعض ذلك، إنّ هذا دليل ان الوعي العام لا زال بحاجة إلى عناية وتطوير، بل ان هذا النوع من التفكير هو عقبة في طريق التغيير المنشود لأنه يُخطئ ويتعمد الخطاء في تشخيص أسباب المرض الحقيقية وبالتالي يُخطئ في تحديد العلاج وهذا يعني استمرار الداء في الجسد بجهله أو تجهيله.
لقد رفع التجمع اليمني للإصلاح من أول يوم الآية الكريمة الواردة على لسان شعيب عليه السلام: (( إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ)) شعاراً عملياً له، ويقول الله تع إلى بعد ذلك: ((وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)) فليس المطلوب من المسلم كفرد ومن الجماعة المسلمة سوى بذل ما تستطيع من جهود، وهذا ما يقوم به التجمع اليمني للإصلاح طيلة العشرين عاماً التي خلت.
الحادية عشرة: الإصلاح و(الإرهاب):
حاول بعض المتنفذين في السلطة بشكل خاص إلصاق تهمة (الإرهاب) بالتجمع اليمني للإصلاح وبعض رموزه وذلك من اجل تشويه سمعة الإصلاح لدى الداخل ولدى الغربيين الذين انفتح عليهم الإصلاح في علاقاته العامة لتأثيرهم على القرار وصانعيه داخل اليمن، وهدفت تلك المحاولات تحريض الغربيين وبالذات الولايات المتحدة ضد الإصلاح ورموزه في إطار مسعى السلطة المترنح في بيدأ الفشل على كل الأصعدة ما خلا تنمية وتعزيز الفساد المالي والإداري لإضعاف الإصلاح كحزب معارض له ثقله الكبير في الساحة الوطنية، ولكن باءت كل تلك المحاولات بالفشل الذريع لافتقارها إلى الحجج التي تسندها فالإصلاح في كل ممارساته ومواقفه ينطلق من الوسطية الإسلامية التي ترفض لغة العنف مع المخالف في الفكر والتوجه إنما هو سلاح الإقناع والاقتناع والمحاورة والمجادلة بالتي هي أحسن وقد أثبتت الأيام أنّ لغة الإرهاب غير المبرر والتعرض للأبرياء لم تجر على الإسلام والمسلمين سوى الأذى والاستعداء والتشويه لولا رجال يُعلون الإسلام كدعوة للتسامح وللوسطية وللتعايش بين الشعوب والأمم وتبادل المصالح المشتركة وعدم الاعتداء وإزالة الضرر بما لا يضاعفه ولا يفاقمه، رجال يُحكمون الشريعة لا الأهوى والأمزجة في الأشخاص والمواقف والهيئات.
الثانية عشرة: الإصلاح وثقته الداخلية:
من مكامن القوة ومواطن التميّز في التجمع اليمني للإصلاح كتنظيم هو تلك الثقة الراسخة المتبادلة بين قيادات الإصلاح وقواعده، وهي مصدر أساسي للحضور الدائم وللفاعلية والحيوية المستمرة التي يحضى بها الإصلاح على الساحة الحزبية في بلادنا، ولما كان كل ذي نعمة محسود فقد حاولت العديد من القوى السياسية والتيارات الإسلامية النيل من تلك الثقة وهز ثقة الأعضاء في القيادة وهز ثقة قيادات الإصلاح في بعضها البعض وبمختلف الوسائل والأساليب وأبرزها الكتابات الصحفية والحديث الفردي والتأليف ممثلاً في كتاب(النصيحة) لمؤلف باسم مستعار يدّعي الصدق والأمانة، وبفضل الله عز وجل لم يحالف تلك المحاولات النجاح ((والله لا يصلح عمل المفسدين))
الثالثة عشرة: الإصلاح والإخوان المسلمين:
التجمع اليمني للإصلاح كما أسلفت هو قبس من أقباس مدرسة الإخوان المسلمين العالمية التي انطلقت من مصر على يد الإمام الشهيد حسن البنا وبتوفيق كبير من الله عز وجل الفتاح العليم وذلك عام 1928، ويحب الرئيس علي عبدالله صالح وصحف السلطة أن يسموا الإصلاح بغير اسمه فيطلقون عليه (الإخوان المسلمين) وكأن هذه التسمية البديلة سبة ومنقصة للإصلاح وهي في الواقع فخر للإصلاح أن تنطبق عليه.
إنّ منهج الإخوان المسلمين في الفكر والعمل اتسم بنظرته الشمولية للإسلام والأخذ به بشموله، كما اتصف الإخوان المسلمين بالتنظيم الدقيق والأخذ بناصية المؤسساتية والتراتبية التنظيمية المحكمة التي هي من أسباب النجاح والتوفيق في سائر الأعمال والوظائف الجماعية، ومما استفادة الإصلاح من مدرسة الإخوان التي هو وريثها على الساحة اليمنية تلك الميزتين: الأخذ بالإسلام بشموله فكراً وممارسة والتنظيم والتكوين الدقيق، ولذا نجد حضور الإصلاح القوي والفاعل على الساحات الدعوية والتعليمية والسياسية والخيرية وهذا فضل من الله وتوفيق.
الرابعة عشرة: الإصلاح وطريقته في التغيير:
مما اقتبسه الإصلاح من مدرسة الإخوان المسلمين أخذها بمبدأ التدرج في الخطوات سيراً نحو تحقيق التغيير الذي يرضاه الله ويطمح إليه الشعب صاحب المصلحة في السلطة والثروة، إنّ الإصلاح لا يؤمن بالفورات العاطفية ولا يستجيب للتطلعات الإستعجالية، وقد أثبتت التجارب أنّ الاستعجال من شانه الندامة وتفويت إمكانيات تحقيق الأهداف والغايات وإضاعة وسائلها وفرصها وقد قال المعصوم صلى الله عليه وسلم: ((إنّ المنبت لا أرض قطع ولا ظهر أبقى)) والمنبت هو المستعجل..
وسياسة حرق المراحل لم تُثبت الأيام والسنون إلا فشلها ولنا في تجربة جبهة الإنقاذ الجزائرية خير مثال، فرغم فوزهم بالأغلبية في الانتخابات النيابية إلا أنّ الفترة الزمنية التي خاضت جبهة الإنقاذ فيها تجربتها في العمل الإسلامي لم تكن كافية لإنضاج الظروف اللازمة لنجاح تجربة خوض تلك الانتخابات بتلك الكثافة في ظل تلك الشعبية التي كانت تتمتع بها، ولم تكن قيادة الجبهة حتى بالنضج السياسي المكافئ للشعبية الكبيرة للجبهة، كما إنّ من شأن التأني دائماً بلوغ الأهداف والغايات، فهذا النبي صلى الله عليه وسلم يصبر ويصبر ألصحابه معه على أذى قريش وصلفها وغرورها طوال الفترة المكية (13 عاماً) حتى أذن الله له بالانسحاب من مكة وليس مجابهة قريش، ولما نضجت القاعدة المؤمنة بفعل سنوات الصبر والمصابرة والتربية كان للمسلمين بزعامة الرسول صلى الله عليه وسلم مع المشركين المستكبرين شان آخر ولنا في رسول الله أسوة حسنة..
ولنا في التجربة التركية خير درس ومثال معاصر فهناك تم مراراً حل الحزب الإسلامي تماماً ومصادرة ممتلكاته في بعض الأحيان ولكن هذا لم يدفع بالإسلاميين إلى الشارع التركي وإنما إلى ضبط الأعصاب والتحلي برباطة الجأش وتأسيس حزب بديل وهكذا حتى نضجت الثمرة لقد أقر نظام التعددية الحزبية عام 1938 وتأخر تأسيس أول حزب إسلامي تركي إلى عام 1970 ليصل إلى المشاركة في الحكم أوقات غير طويلة بدءاً من عام 1974 حتى وصلها منفرداً 2002 وحافظ على هذا النجاح حتى الآن بل وبصورة يحقق فيها الإسلاميون نجاحات متتالية على كافة الأصعدة الدستورية والسياسية والاقتصادية وغيرها.
الخامسة عشرة: الإصلاح والمتخلفون عن المسير:
خلال السنوات العشرين من عمره حرص الإصلاح على التوسع الكمي والنوعي في صفوفه. وحرص الإصلاح، وهو حريص، على أن لا يفقد احد ممن ينتسب إليه ومع هذا تخلف عن ركب مسيرة الإصلاح البعض وهم قليل ومن بين أسباب ذلك النفس الإستعجالية التي تعتقد ببطء مسيرة الإصلاح وكأن الإصلاح قد آن له قطاف ثمرة حان قطافها ولم يفعل، ومن أسباب ذلك التخلف الحزازات الشخصية وهي واردة باستمرار وأن يستعصم العضو بما قاله احد المربين ((كدر الجماعة خير من صفو الفرد))، خير له في عاجل أمره وآجله، إنّ الصبر على ذلك الكدر خير له من الانسياق خلف العاطفة التي تحرمه الكثير من الأجور من الله تع إلى خاصة ان العمل المتعدي أكثر أجراً من العمل غير المتعدي ما كانت النية الصالحة وافرة في الحالتين، والعمل في صفوف الإصلاح هو عمل تعبدي يُرجى به مرضاة الله والفوز بموعوده لعباده الصالحين وذلك ما كانت النية سابقة لذلك العمل التعبدي ومواكبة ولاحقة، وقليل من المتخلفين تخلفوا لأسباب مادية دنيوية أو فكرية، وفي الوقت الذي يغادر القليل الإصلاح فان المئات يلتحقون بركب الإصلاح كل عام وتتواصل مسيرة التوسع الكمي والنوعي، ومع ذلك فان الإصلاح يرحب بمن يود العودة واللحاق بالقافلة ممن تخلف عنها.
السادسة عشرة: الإصلاح ومصداقيته:
منذ أن تأسس الإصلاح وهو ثابت على مصداقيته ومبدئيته مع بني وطنه جميعاً، وسواء كانوا في السلطة أو في المعارضة، إنّ الإصلاح يؤمن أنّ العمل السياسي يسبقه في الأولوية الخلق النبيل والكريم، إنّ الإصلاح يؤمن بانّ العمل السياسي الإسلامي لايجوز له ألبته التخلي عن الصدق في التعامل فلا غدر ولا تآمر ولا دسائس وسواء كان ذلك على المستوى الداخلي للتنظيم أو على مستوى التعامل مع الآخرين مادمنا في ساحات العمل السلمي فالصدق يهدي إلى البر والكذب يهدي إلى الفجور كما ورد في الحديث، والصدق هنا صدق القول وصدق الإرادة والكذب كذب القول وكذب الإرادة، قط لم يُظهر الإصلاح شيء وأبطن شيئاً آخر مخالف له ومناقض، وهو عند وعوده وعهوده واتفاقاته وقد منحه هذا ثقة القوى السياسية التي تعامل معها سواء في السلطة أو في المعارضة، انه وخلال مسيرته المباركة لم يعد بشي في وقت معين سينجزه وهو غير قادر على فعله، لم يدغدغ عواطف الجماهير في المواسم الانتخابية ليحظى بثقتهم وثم يتنصل عن كل وعوده كما يفعل الآخرون ويحاولون التستر على ذلك بالادعاءات العريضة واللجان التي تُكلف بتنفيذ ما وعد به الآخرين ليحملوها وزر عدم الإيفاء بالوعود الهلامية الزائفة، والإصلاح حزب منذ التأسيس يمضي ثابتاً على مبادئه وقيمه لا يتنازل عنها ولا يأكل بها، جاهداً لتحقيق الأهداف التي تأسس لأجلها، متوكلاً على الله، مستمداً منه العون والتوفيق، وكان نصيب الإصلاح من التوفيق كبيراً على الأصعدة السياسية والدعوية والخيرية والتنظيمية والتعليمية.
السابعة عشرة: الإصلاح وحصاده الانتخابي:
آمن الإصلاح بالتغيير السلمي والنضال السلمي منذ أن تأسس، وفي مقدمة أشكال ذلك النضال المشاركة في الانتخابات بأنواعها والعمل من اجل تثبيت الخيار الديمقراطي وتطويره، وقد خاض الإصلاح كل المواسم الانتخابية رغم ما اكتنفها من تزوير وتسخير الشقائق الخمس [ المال العام، الإعلام الرسمي، اللجنة العليا للانتخابات، الوظيفة العامة، الجيش والأمن ] لصالح المؤتمر الشعبي العام باستثناء الانتخابات النيابية الأولى التي كانت على قدر من النزاهة. وفي كل المواسم الانتخابية كان ما يحصل عليه الإصلاح من مقاعد في مجلس النواب أو المجالس المحلية لا يُعبر حقيقة عن شعبية الإصلاح وحضوره الميداني الواسع فرغم أنّ عدد المصوتين للإصلاح يتزايدون موسم بعد آخر إلا أنّ نصيبه من المقاعد في مجلس النواب يتناقص، ففي أول انتخابات نيابية في ابريل 1997 حصل الإصلاح على 461,141 صوتاً وكانت مقاعده 66 مقعد بنسبة 21% [ من مجموع 301]..
وفي ثاني انتخابات نيابية في ابريل 1997 حصل على 809,530 صوت و64 مقعد بزيادة 348,389 صوت عن عام 1993 وقد علق الشيخ عبدالله على هذه المقاعد التي حصل عليها الإصلاح بقوله الشهير ((انتزعناها من بين مخالب وحوش))، وفي ثالث موسم انتخابي نيابي في ابريل 2003 حصل الإصلاح على مليون و372 ألف صوت بزيادة 850 ألف صوت عن عام 1997 إضافة إلى 350 ألف صوت للمرشحين المستقلين الذين دعمهم الإصلاح ومن المقاعد حصل على 54 مقعد، وفي الانتخابات المحلية الأولى في 21 فبراير 2001 حصل الإصلاح على 25% من مقاعد المجالس المحلية في المحافظات وعلى 30 % من مقاعد المجالس المحلية في المديريات، والملاحظ أنّ شعبية الإصلاح تتضاعف ولكن مقاعده تتراجع لذا نجد الإصلاح اليوم في طليعة المنادين باعتماد نظام القائمة النسبية الذي يضمن عدم ضياع أصوات الناخبين إضافة إلى مزاياه العديدة الأخرى، وفي ذات الوقت يُصر الإصلاح إلى جانب بقية أحزاب اللقاء المشترك على إدخال تعديلات على قانون الانتخابات العامة والاستفتاء تضمن إجراء انتخابات حرة ونزيهة وقد تم تأجيل الانتخابات النيابية المقررة في ابريل 2009 لاعتراض المشترك على إجرائها بدون تلك التعديلات مع حياد بقية الشقائق الخمس وبالتالي عزمه على المقاطعة ولازال متنفذو السلطة الحاكمة يتلكئون في قبول مطالب المشترك والتي أقرها المراقبون الدوليون بُعيد انتخابات 2006 الرئاسة، ويقرها كل صاحب عقل سوي.
الثامنة عشرة: الإصلاح والوحدة:
الوحدة مبدأ إسلامي أصيل يقره ويسعى إليه صاحب كل عقل سليم ورؤية ناضجة، فتلك ألمانيا استعادت وحدتها، وهذه أوروبا تبني اتحاداً أوربياً متيناً، والإصلاح كان واحد من ابرز نتاجات الوحدة المباركة فلولا الوحدة لما تأسس الإصلاح أو لتأخر تأسيسه أعوام غير قليلة، وكان التيار العريض الذي أسس الإصلاح يسعى لأن يتوحد اليمن ويتمنى ذلك ولكن دون ان يعني ذلك تمدد سرطان الفكر الاشتراكي العلمي إلى باقي الجسد اليمني، فالحفاظ على الهوية الإسلامية سابق لغيره من الغايات والأهداف والأمنيات ولذا اتسم موقف التيار الذي تمخض عنه الإصلاح بشيء من التردد قبيل إعلان الوحدة، واتضح موقف ذلك التيار من الوحدة اليمنية حينما تعرضت للتآمر عام 1994وكان للإصلاح دور كبير جداً وفاعل في الحفاظ على الوحدة بالرغم من أنّ البعض أصبحت عندهم الوحدة التي زايدوا بها على الإصلاح فترة من الزمن وللأسف أصبح عندهم الحفاظ على الوحدة عام 1994 احتلالاً شمالياً للجنوب وهو كلام عار من الحقيقة دفعهم إليه خسارتهم المكانة السياسية التي كانوا ينعمون بها ويرفلون في حللها قبل حرب صيف ذلك العام، أما معاناة أبناء الجنوب ان كانت تهم أولئك المنادون بالانفصال، فإنها فعلاً تُهم كل صاحب ضمير وحدوي يمني حي، ومن صنع ويصنع معاناة الجنوب هم فئة من المرتزقة الجدد ومصاصي دماء أبناء وطنهم لتنتفخ أوداجهم وتزيد أرصدتهم في بنوك الدم، عفواً المال، في الغرب.
التاسعة عشرة: الإصلاح والعلاقة مع الآخر:
إنّ الإصلاح يؤمن بالمصالح المشتركة والقواسم المشتركة والتحالف على أساسها مالم يكن على حساب مبدأ من مبادئ الإصلاح ومصلحة مؤكدة من مصالح الوطن، إنّ الإصلاح يرحب بكل طرف في الداخل والخارج يشترك مع الإصلاح في مسعاه لتحقيق مصلحة أو مصالح من مصالح الشعب اليمني، ومن هذا المنطلق جاء إسهام الإصلاح الفاعل في تأسيس اللقاء المشترك القوة السياسية التي تعبر عن الوحدة الوطنية وتشكل الوريث الأمين لحركة التحرر والتطور الوطني اليمنية، ومن هذا المنطلق كذلك فإنّ الإصلاح يرحب بالعلاقة مع الدول الأجنبية والمؤسسات والمنظمات الدولية على أساس تبادل المصالح الاقتصادية والتنموية على الصعيد السياسي والبناء الديمقراطي الناضج والسليم الذي يضمن تحقيق الإرادة الشعبية الحرة.
العشرون: الإصلاح وأجنحته المتخيلة:
توهم البعض ولا يزال الإصلاح أجنحة وتيارات متصارعة، ويذهب البعض في تحليله وكتاباته عن الإصلاح هذا المذهب، وهذا في الواقع أمنية لهم لم تُسعدهم الأيام بتحقيقها، ولم تسعفهم القدرة المالية والفطنة السياسية التمزيقية والنفوذ العريض بانجازها لتخريب الإصلاح وتفجيره من داخله.
التجمع اليمني للإصلاح تيار واحد وموحد وهو عصي بفضل الله على التمزق والتشظي مهما ارجف المرجفون وحاول المتنفذون ، قد يختلف رجال الإصلاح ولكنه الخلاف المحتكم إلى الشريعة الغراء والعقل الراجح والحكمة اليمانية والرُشد البالغ، قد يختلف رجال الإصلاح على الوسائل ولكنهم قط لم يختلفوا على الغايات، وكان اختلاف رجال الإصلاح إن حصل هو من باب الحرص على التمام وبلوغ اكبر قدر ممكن من الكمال، انه الخلاف الذي يبني ولا يهدم، يُجمّع ولا يُشتت ولا يكوّن الجيوب التنظيمية، اختلاف يسفر في الأخير عن نهوض جديد بالتنظيم ليبلغ به آفاق جديدة على صعيد العمل والدعوة، وأمر الاختلاف أمر طبيعي قد يحدث على مستوى الأسرة الواحدة المتحابة المتوادة، وهذه هي أسرة التجمع اليمني للإصلاح: محبة ومودة.
إنّ من أسباب التصارع والتناحر وتكوين التيارات المتجابهة داخل الأحزاب والتنظيمات السياسية والفكرية على المستوى المحلي والخارجي هو الخلاف حول الزعامة والرياسة داخل الحزب أو التنظيم، ومن مزايا تنظيم الإخوان المسلمين والإصلاح قبس من أقباسه هو الانعدام التام لأي نوع من أنواع هذا الصراع، بل أنهم يعتقدون الرياسة تكليف ثقيل وحمل شاق يُسر احدهم أن يكون متخففاً من أعبائه وأثقاله وتبعاته الجسام، ولكن حين يختاره إخوانه وأحبابه لحمل هذا العبء فانه لا يتردد متوكلاً على الله مستمداً منه العون والتوفيق سائلاً أحبابه وإخوانه الدعاء والمعونة والمؤازرة والمناصحة، وهذا المرشد العام السابق للإخوان المسلمين محمد مهدي عاكف يقرر ترك الرياسة بعد إتمام فترته الأولى في منصب الإرشاد العام بالرغم من انه يجوز له الترشح لفترة ثانية ضارباً مثلاً كبيراً على الزهد في الرياسة.
وختاماً... مع مسيرة حافلة بالخيرات يحفها التوفيق، محروسة بعين الله التي لا تنام، لا يسع كل إصلاحي وكل إصلاحية وكل حريص على مصلحة اليمن إلا أن يقول: الحمد لله، وان يسأل الله المزيد من التوفيق لهذه المسيرة الربانية الوطنية التي يصب كل خيرها وكل نتاجها الحسن لصالح هذا الوطن وبنيه الذين يستحقون أوضاعاً أفضل وأحولاً أهنأ وعيش أصفا، معه يكون اليمن حقاً سعيداً.