عاجزة هي الديكتاتورية الارهابية الدينية الحاكمة في إيران عن التصدي للانتفاضة الشعبية العارمة المستمرة وحل أبسط متطلبات الشعب الإيراني، وتعيش في طور الاستنزاف والاضمحلال في ظل المحاصرة الدولية التي تطبق عليها وفق قرارات الشرعية الدولية. ولم تصب التناقضات الداخلية هذا النظام برمته فحسب بل وصلت إلي داخل تيار الخامنئي الولي الفقيه أيضا.
وفي موقف كهذا يرى النظام الحاكم انه بحاجة إلى حملة تنكيل ومساس بسمعة منظمة مجاهدي خلق الإيرانية أو ما يسمى بالانكليزية"demonization" وبالفرنسية "diabolisation" أي جعل عدوه شيطانا في مختلف الجوانب والأطر امام الاخرين وينفق لأجل ذلك اموالا طائلة ظنا منه انه قد يتمكن من ازالة الخطر الرئيس الذي يهدد حكمه..، وتجري هذه الحملة ضد البديل الذي أوصل هذه الديكتاتورية وفي كفاح بلاهوادة ضدها طوال 30 عاما إلى هذه النقطة أي إلى حافة السقوط والاضمحلال والزوال كيانا وفكرا.
شملت حملة المساس هذه بسمعة مجاهدي خلق طبع آلاف النسخ من الكتب وانشاء عشرات من الجمعيات الوهمية واللوبيات في البلدان المختلفة وخاصة العربية واستئجار عدد قليل جدا من كتاب ضعاف النفوس واطلاق المواقع الالكترونية المختلفة. ويستخدم نظام الملالي في هذه الحرب ضد معارضته أكثر الوسائل قذارة بدءا من ممارسة الضغوط على عوائل مجاهدي خلق ومرورا بارسال عملائه إلى مدخل مخيم أشرف مقر 3400 من اعضاء منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة المحاصرة منذ 21 شهرا من قبل النظام النظام الإيراني على ارض عراقية يفترض انها ذات سيادة ..ووصولا إلى بث تهديدات على مدى الساعة باستخدام اكثر من 40 مكبرة صوت كبيرة قوية حول مدخل اشرف يهددون بها السكان العزل بقلع السنتهم من حلقهم واضرام النار في أشرف ومن فيها.
وفي هذا الاطار قامت الاطلاعات الإيرانية بنشر مقالات من قبل بعض الكتاب الغافلين أو ضعاف النفوس الذين يجهلون الاسباب الحقيقية وراء كتابة هذه التخرصات في صحيفة أو صحيفتين حول تقديم كتاب بعنوان "الشهداء الضالون".
وتم نشر مقال مثلا في صفحة الثقافة في السفير البنانية. وعلينا القول بأن هذه الكتابات ليست تقديما لكتاب بل حلقة من حلقات مؤامرات وزارة الاستخبارات في النظام الإيراني ضد معارضته الرئيسة والتي قامت بتسريبها لبعض الصحف منها السفير اللبنانية والوسط البحرينية.
إن كاتبة هذا الكتاب السيدة كوديت نورينك وهي صحفية هولندية معروفة منذ سنوات طويلة بمعارضتها وعدائها لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة. وهي لا تتابع العمل الحرفي الصحفي بل ركزت عملها حول إيران وعلى معاداة مجاهدي خلق ومن الغرائب أنها لا تهتم بأي شكل من الأشكال بالانتهاكات الصارخة لحقوق الانسان في إيران واعمال التعذيب التي تمارس في السجون تحت حكم الملالي ولم تشر قط إلى مجزرة 30 ألفا من السجناء السياسيين من قبل نظام الملالي ولم تهتم أبدا بالاحداث المرعبة التي تم الكشف عنها العام الماضي في سجن كهريزيك بالقرب من طهران.
تتابع كاتبة الكتاب المذكور اجندة محددة. وجميع مصادر السيدة نورينك فيما يتعلق بمجاهدي خلق معروفة وهم من عملاء وزارة استخبارات الملالي الفاشية وتم الكشف عنهم في مناسبات عدة فمنهم الذين يعملون تحت اسم «الاعضاء السابقين لمجاهدي خلق». والذين نشروا اقوالهم في تقديم كتاب (الشهداء الضالون) جميعهم أيضا من العملاء المعروفين في وزارة استخبارات الملالي. كما وإن تكاليف نشر هذا الكتاب باللغة الهولندية تم تأمينها من قبل الاطلاعات الإيرانية أي (وزارة المخابرات الإيرانية) ثم تمت ترجمته باللغة العربية وسائر اللغات بتمويل من الوزارة نفسها. إن دراسة حول احد هذه «المصادر» تكفي للتعرف على الكتاب والشهود التي تم نشر اقوالهم في هذا الكتاب. فالمدعو «مسعود خدابندة» هو الشخص الذي يقدم نفسه زورا «المسئول الأمني والمستشار السابق لرجوي» وهو الشخص الذي يقول الكُتاب الذين قاموا بتقديم الكتاب ويذعنون بأن «مسعود خدابنده هو الراوي الأساسي الذي يُخبر الكاتبة بكل ما يتعلق بتاريخ مجاهدي خلق، وآليات عملها الميداني والعقائدي والدعائي، فإنها لا تدقق كثيراً في معلوماته، وإن ساورها أحياناً بعض الارتياب من الأرقام والأعداد التي يذكرها» (جريدة السفير 27/8/2010).
يكتب "ايف بونه" الرئيس الاسبق للاستخبارات والأمن الداخلي الفرنسية (د اس ت) في قسم من كتابه باللغة الفرنسية بعنوان "واواك في خدمة آيات الله" ويقول «إن مسعود بمرافقة اخيه ابراهيم كانا قد استقرا في لندن ودخلا منظمة مجاهدي خلق. وتزوج مسعود خدابنده مع مواطنة بريطانية وهي "آن سينغلتون".
وتم تجنيده من قبل ال "الواواك" يغادر المنظمة في اواسط العام 1990 ويقوم بعد هذا بالكشف عن اساليب منظمة مجاهدي خلق وتقديم شهادات مختلفة. وتم اعتقال إبراهيم في بداية العام 2003 من قبل الاجهزة السورية وسلمته بدورها إلى إيران وهذا الامر خير دليل على العلاقات الثنائية بين اجهزة هذين البلدين. ثم ثارت موجة من الاستنكار في بريطانيا دون أي رد فعل من قبل إيران. وبعد سنة يُسمح ل "فين غريفيت" النائب في البرلمان البريطاني من حزب العمال اللقاء ب "ابراهيم خدابنده" في سجن إيفين بطهران. وهذا البرلماني الوقور يشرح عند عودته من إيران استغرابه من مشاهدة «آن سينغلتون» زوجة مسعود خدابنده في سجن ايفين.
ويشرح غريفيت أنه كيف كانت سينغلتون تتردد وتخرج وتدخل وتسير حسب ارادتها داخل السجن وكانت هذه المواطنة البريطانية أي زوجة مسعود خدابنده تتحدث بحرية مع سلطات السجن ومنتسبيه. ووصل هذا البرلماني إلى نتيجة بأن مواطنته تعمل لصالح «واواك» ويقصد(الاطلاعات). والتحقيقات الاكثر عمقا لمنظمة مجاهدي خلق تصل إلى النتائج نفسها التي وصل اليها فين غريفيت. كما ويتم الحصول على معلومات ادق تفيد بأن مسعود خدابندة يقوم بلقاءات في سنغافورة وكوالالامبور مع السلطات الاعلى ل «واواك» بشكل متواصل. كما وأنه يشن حملاته من موقع في الانترنت باسم «إيران اينترلينك» بطلب من هذه السلطات» (نقلا عن كتاب «واواك في خدمة آيات الله» باللغة الفرنسية).
كما وان اللجنة البرلمانية البريطانية لإيران حرة والتي تحظى بتأييد اغلبية البرلمان البريطاني و150 من اعضاء مجلس اللوردات البريطاني، كشفت في تقريرها الذي نشرته في اكتوبر 2007 عن علاقة مسعود خدابنده الذي كما قلنا انه المصدر والشاهد الرئيس في كتاب الكاتبة الهولندية المذكورة وزوجته آن سينغلتون مع وزارة الاستخبارات الإيرانية والجلاوزة وممارسي التعذيب في سجن إيفين وتعاونهما مع هذه الاجهزة والاشخاص بشكل كامل اتاح لها ما لا يتاح لاشخاص عاديين.
وكتبت هذه اللجنة من ضمن ما كتبت: «إن مسعود وزوجته البريطانية "آن خدابنده" وعلى أساس استشهاد تم تسجيله في محكمة بريطانية من قبل اخيه ابراهيم خدابنده أنهما عميلان لوزارة الاستخبارات الإيرانية وينشطان في بريطانيا».
ومنعت الادارة الأمريكية دخول خدابنده إلى اراضي الولايات المتحدة بسبب ارتباطه مع وزارة الاستخبارات الإيرانية وقامت باعادته. وبعد الحصار الغير القانوني لمخيم أشرف مقر 3400 من اعضاء منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة في العراق منذ بداية العام 2009 من قبل الحكومة العراقية باملاءات نظام طهران رغم ان عناصر مجاهدي خلق سكان مخيم اشرف جميعهم محميون بموجب اتفاقية جنيف الرابعة، وقد قدم مسعود خدابنده نفسه كمستشار لموفق الربيعي الذي كان مسئولا عن تنفيذ نوايا ومخططات نظام الملالي للابادة الجماعية ضد سكان أشرف ويتردد (خدانبدة) بشكل متواصل إلى العراق لتقديم الخدمات في اطار قمع مجاهدي خلق المقيمين في أشرف. وقدم نفسه في حوارات مع الاعلام العراقي بصفة اخرى وهي«الخبير الفرنسي في شؤون الارهاب» وفي حوار آخر مع الاذاعة الأمريكية قدم نفسه «مستشارا للحكومة العراقية في شؤون مكافحة الارهاب»! ويتباهي مسعود خدابنده بدوره في هذه الحملة ضد مجاهدي خلق وتم كشف هذا الموضوع من قبل المؤسسات والمنظمات الانسانية العراقية واساتذة وطلاب في جامعات عراقية ومثقفين عراقيين في لقاءات مع صحف عربية عدة.
والحقيقة أن الموضوع الذي تطرحه السيدة نورينك ليس بجديد بل وكما أكدنا هو جانب من حملة المساس بسمعة مجاهدي خلق التي شنها نظام الملالي في العقدين الماضيين بشكل خاص ضد مجاهدي خلق بكل ما اوتي من قوة. ولما عجز هذا النظام عن تصفية مجاهدي خلق رغم مجزرة 30 ألفا من السجناء السياسيين في صيف عام 1988، تشبث ولغرض ازالة معارضته الرئيسة من أمامه وهرع إلى هذه الحملة أي حملة المساس بسمعة مجاهدي خلق. إن انتحال عناصر الاطلاعات (المخابرات) الإيرانية صفة اعضاء سابقين لمنظمة مجاهدي خلق الامر يشكل البؤرة المركزية لهذه الحملة.
والغريب في الأمر والمضحك المبكي ايضا أن هذه العناصر وقبل أن يتم غزو العراق من قبل الولايات المتحدة عام 2003 كانوا يبثون الادعاء بأن العراق قام باخفاء اسلحة الابادة الجماعية من ضمنها الاسلحة الكيمياوية والبايولوجية والنووية في معسكرات مجاهدي خلق الإيرانية ومعسكر أشرف بشكل خاص. وادى بث هذه الاكاذيب في نهاية المطاف إلى القصف الجوي لمعسكرات مجاهدي خلق الذي ترك ورائه عشرات من القتلى والجرحى. واتضح الامر وبعد فترة أنه لا توجد أي اسلحة للابادة الجماعية مخبأة في العراق كله وكيف سيكون الحال بالنسبة لداخل معسكرات مجاهدي خلق في هذا البلد؟ و قد حقنت هذه الاكاذيب وتم تزريقها وتسريبها تماما من قبل اطلاعات الملالي وعناصرها في البلدان الغربية. إن اكاذيب السيدة نورينك لا تتابع هدفا إلا تمهيدا لمجزرة جماعية بحق المقيمين العزل في أشرف الذين كانوا قد وقفوا طوال الاعوام السبع الماضية كسد منيع أمام تسلل الملالي وفكرهم العنصري في العراق. ومن الواضح تماما إنه لا يمكن استمرار مقاومة كهذه وبهذا الصمود الا بعقائدية صادقة وباختيار عميق مشرف مبني على علاقات ديمقراطية بين اعضاء مجاهدي خلق وعلاقات الاسرة الواحدة.
كشف «امانوئل لودو» الخبير القانوني الفرنسي والعضو في هيئة الدفاع عن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين في 27 سبتمبر 2005 في لقاء له مع قناة «آرت» المتلفزة الفرنسية عن حلقة أخرى من هذه المؤامرات ضد مجاهدي خلق قائلا: «إن السفير الإيراني في فرنسا قدم لي اقتراحا بأن أدعي بعد استلام آلاف من الدولارات بأن مجاهدي خلق كانت مسئولة عن مجزرة حلبجه وفي المقابل يُجنب كلا النظامين الإيراني والعراقي اتهمامها بعضهما البعض ويُنسب هذا الهجوم وهذا الجرم إلى مجاهدي خلق!».
وفي نموذج أخر كشف جان تامبسون رئيس مركز دراسات ماكنزي في كندا في البرلمان الكندي أن «جائني شخص تابع للسفارة الإيرانية في كندا اقترح علي أن استلم 80 ألفا من الدولار» وأضاف: «كانوا يريدون مني أن أقوم بدراسة ضد مجاهدي خلق. إن إيران تحاول جاهدة أن تجبر الدول الأخرى على أن تعتبر مجاهدي خلق فرقة ارهابية» (صحيفة كالغري سان 6 يوليو 2010) وبمعنى آخر يريد نظام طهران ان يملي فكره وارادته الموبوءة على الكون ويأبى الاحرار ذلك.
وجاء في التقرير السنوي لدائرة رعاية الدستور الآلماني حول نشاطات الجهاز السري الإيراني ضد المعارضة: «إن الهدف الرئيس من نشاطات العملاء الإيرانيين هو الفعالية ضد أنشط الجماعات المعارضة أي منظمة مجاهدي خلق الإيرانية وساعدها السياسي المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية. إن "واواك" وباستخدامه اعضاء نشطين أو سابقين من هذه المنظمات كعملاء له يحاول الحصول على معلومات حول نشاطات هذه المنظمات ضد هذا النظام».
وتسعى وزارة المخابرات الإيرانية في مواجهتها للمعارضة الإيرانية في المنفى للاستفادة من اغطية وواجهات لنشاطاتها السرية كاستخدامها لعناوين مؤسسات فكرية اضافة إلى تمويل ورعاية وبناء ونشر اصدارات ومطبوعات مضادة لمجاهدي خلق مستفيدة في ذلك ممن اسموهم بعناصر سابقة في المنظمة.
ول"دار النشر" التي قامت بنشر الكتاب المذكور بأمر وتكليف من وزارة استخبارات الملالي خلفيات وسوابق غير شفافة. فقد قامت ادارة المعرض الدولي للكتاب في الرياض باغلاق «دار الجمل للنشر» بسبب نقض تعهداتها .. وكذلك فقليلة هي دور النشر التي تتحلى بالضبط والتهذيب الرفيع.
كما أن معرض كتاب الاسد في دورته الـ26 طلب منع من مشاركة «دار الجمل للنشر» في هذا المعرض بارسال رسالة رسمية في يوليو الماضي وأوضح في رسالته بأن الكتب المعروضة من قبل دار الجمل ليست قابلة للعرض في المعرض والغى مشاركته في المعرض.
بعد انتفاضة الملايين من ابناء الشعب الإيراني وبعلو صرخاتهم «الموت للديكتاتور» و«الموت للخامنئي» و«الموت لمبدأ ولاية الفقيه» متحدية لنظام الملالي برمته معلنة الكراهية الكاملة لهذا النظام المكروه باسم الشعب الإيراني الذي قامر الملالي بقوته وكرامته وعقيدته وسمعته ومستقبله ..وتحت هذا الخناق الجماهيري الذي يعاني منه النظام اللاانساني الجائر في إيران لم يبقى أمامه أي مناص الا الامعان والاستمرار اكثر فاكثر في نهج الجريمة والعنف والارهاب وخاصة ضد منظمة مجاهدي الإيرانية وقواها وركائزها كمخرج له من معاناته وادراكه انه وصل إلى حافة الهاوية .، وصرح اعلى سلطات النظام الإيراني عدة مرات أن قوات مجاهدي خلق الذين يسمونهم ب«المحاربين» هم العامل الرئيس لاستمرار الانتفاضة وتصاعد ثورة ومطالب الشعب الإيراني واستهداف النظام برمته من قبل المواطنين الإيرانيين.
إن نشر هذا الكتاب وتسريبه كتقديم إما بشكل الإعلان أو على أي شكل آخر كالمقال لتقديم وعرض الكتاب هو قسم من مؤامرات استخبارات الملالي لتمهيد الارضية لتصفية عناصر منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المقيمين في أشرف والاعدام والقمع اكثر فاكثر بحق مناصري ومؤيدي المقاومة الإيرانية والمنتفضين داخل إيران.
* خبير في الشؤون الإيرانية
[email protected]