آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

اللعبة الإيرانية انتهت، اللعبة الصهيوأمريكية تأكدت (5)

3 – ان الأزمة المتصاعدة بصورة اصطناعية في لبنان، وبمبادرة مباشرة وعلنية من حزب الله، مستغلا هذه المرة ما قرب اعلان (القرار الظني) في قضية اغتيال الحريري، احد اهم اهدافها الاساسية ابعاد الانظار عما تقوم به إيران في العراق اثناء محاولة حسم عقدة الاحتلال وهي عقدة توريث أمريكا لإيران احتلال العراق..

فالأزمة الحالية التي بدات منذ ثمانية شهور حول تشكيل الوزارة ما هي الا عملية تحويل تدريجي ومدروس للسلطة في العراق من أمريكا إلى إيران وتثبيت هذه السلطة ودعمها وترسيخ كيانها لضمان سيطرتها على العراق.

وما تريده أمريكا هو اكمال المهمة الرئيسية لغزو العراق وهي تقسيمه وشرذمته، واذا فشلت هذه الخطة فعلى الاقل تقزيمه وتهميشه داخليا وخارجيا. وخير من قام ويقوم بذلك هو إيران لانها متداخلة طائفيا مع عراقيين وتستغل هذا التداخل لفرض الرابطة الطائفية واجتثاث الرابطة الوطنية والهوية القومية للعراقيين.

من هنا فان تصعيد الأزمة في لبنان المقترنة مع ارتفاع طبول الحرب بين أمريكا وإيران محاولة واضحة لتعزيز صورة إيران (المقاومة لأمريكا واسرائيل في لبنان)!!! واستغلال ذلك في العراق والمنطقة كلها لانجاح عملية وراثة إيران لأمريكا في العراق باقل اعتراض ممكن على الدور الإيراني.

4 – ما يجب الانتباه اليه منذ الان هو ان حزب الله مدعوما من إيران واطراف اخرى عربية واجنبية سيواصل لعبة غسل ادمغة بعض اللبنانيين عن طريق وضعهم امام تحديات ما ان ينطفأ احدها حتى يشتعل اخر بصورة مصطنعة ومحسوبة بدقة، والهدف الواضح هو وضع لبنان على حافة الحرب الاهلية باستمرار وجعل كل مواطن يتوقع اشتعالها في كل لحظة مذكرا اياه بتعمد واضح بمأسي الحرب الاهلية البنانية التي دامت حوالي 15 عاما واحرقت لبنان بجماله وتقدمه وعراقته ولطف شعبه العظيم، وهذه الحالة تجعل بعض اللبنانيين من اجل الحفاظ على الحياة مستعدين للهجرة أو لقبول التحول كعبيد لإيران.

ومن بين اهم تكتيكات إيران التي ينفذها حزب الله هو تكتيك جعل الأزمات منضبطة، فما ان تشتعل أزمة حتى تبدأ الوساطات الإقليمية والدولية لاطفاء نارها، ولكن بعد ان يحقق حزب الله هدفا محددا يحدث تغييرا جزئيا في سايكولوجيا بعض اللبنانيين ويقربهم من حالة الاستسلام للامر الواقع وهو ان إيران موجودة ويجب قبول وجودها، الم يحصل ذلك في فلسطين في الثلاثينيات من القرن الماضي مع الهجرة اليهودية التي ضبطت حركتها؟

والتدخل الخارجي لا يحسم الأمر ولا يحل المشكلة الجزئية بل يجمدها لان حزب الله له اهداف اخرى ينفذها واحدا بعد الاخر ببرود اعصاب ومعرفة تامة لضرورة عدم صدم اللبنانيين بهدف جعل لبنان قاعدة إيرانية صرفة بحركة واحدة. انها الأزمة المنضبطة والمسيطر عليها، والمستنسخة والمستلة من الفكر السياسي التآمري المخابراتي الصهيوني الأمريكي تماما، والتي وضع هدف واضح لها وهو اجبار ملايين اللبنانيين من مسيحيين وسنة ودروز وشيعة متمسكين بعروبتهم ولبنانيتهم ويرفضون استبدال العروبة بالولاء لفارس كما يعمل حسن نصرالله علنا الآن، على الهجرة الجماعية من لبنان واحلال اتباع إيران محلهم بما في ذلك جلب ملايين الإيرانيين للتوطين في لبنان اذا اقتضى الحال تماما كما حصل ويحصل في العراق في العراق.

انه ليس سيناريو بعيد التصديق لمجرد ان إيران هي التي تنفذه ضد العرب وليس أمريكا والصهيونية مباشرة كما كان يحصل، فقط تذكروا لو ان احدا قال لكم قبل حرب التأهيل في 2006 بان حزب الله سيقوم في يوم ما بتحويل سلاحه لاجبار اللبنانيين على الهجرة من اجل جعل لبنان وطنا للفرس واعوانهم لقال انك مجنون حزب الله حزب مقاومة ولا يمكن ان يستغل سلاح المقاومة لضرب اللبنانيين وتغيير هوية لبنان جذريا ولصالح إيران، فقط تذكروا لو ان احدا قال لكم في عام 2001 قبل غزو العراق بان حزب الله الذي قيل انه (حررالجنوب) سيكون الحليف الاستراتيجي الاهم لعملاء الاحتلال الإيراني – الأمريكي في العراق والذي يدربهم على الاغتيالات وتصفية رموز العروبة في العراق ومساعدة الاحتلال على استقرار حكومته التي شكلها اتباع إيران، لما قلنا له سوى اصمت انت تعيش كابوس تزخر به اوهام مريضة، ولكن الواقع وليس الامنيات يقول بان هذا ما حصل فعلا، فحسن نصر الله وبوقاحة عميل ايديولوجي متمرس وصلت الطائفية جيناته الوراثية تحدى كل العراقيين والعرب من انصار المقاومة حينما بعث برسالة تعزية بوفاة عبدالعزيز الحكيم وصفه فيها بانه كان مجاهدا وحسبه مع الانبياء في الجنة!

ومما يؤكد التواطؤ الأمريكي مع إيران حول هذا الهدف هو ان أمريكا والغرب الاستعماري رفض اعادة تسليح القوى اللبنانية الاخرى لخلق توازن مع قوة حزب الله التي دمرت التوازن التقليدي في لبنان واحدثت خللا خطيرا فيه لصالح طرف واحد هو التابع لإيران علنا ورسميا، وموقف الغرب وأمريكا غير الداعم للاطراف اللبنانية الاخرى بصورة جدية تتناسب مع حجم وقوة حزب الله يعود إلى وجود صفقة إقليمية هذه المرة إيران طرف اساسي فيها، وهذه الحقيقة هي التي تجعل الغرب والصهيونية تفكران بالاطار العام للصراع الإقليمي وليس بلبنان فقط. والغرب والصهيونية يريان ان لبنان الاكثر انقساما مما سبق والموزع الولاء طائفيا، وبخطوط فصل اكثر عدائية وعمقا، سيكون اكثر تأهيلا للتحول إلى مركز نشر اللبننة في الاقطار العربية الاخرى وهذا هو بالضبط المخطط الاستراتيجي الاعظم الذي يتحكم بالاستراتيجيات الفرعية التي قد تبدو متناقضة.

لاحظو بدقة ما يلي : في الوقت الذي تتدفق فيه الاسلحة المتطورة على حزب الله مع انظمة امنية متقدمة تجعله اقوى من الجيش اللبناني وكافة القوى اللبنانية مجتمعة، بما في ذلك امتلاكه امن الاتصالات وهو تطور خطير، والاف العسكريين والخبراء الإيرانيين الذين دخلوا من مطار بيروت الذي وضع تحت سيطرة حزب الله لهذا الغرض، والذين يوطنون في لبنان أو يقومون بتدريب انصارهم على كافة انواع القتال والمخابرات وغيرها، وفي الوقت الذي يستغل حزب الله تضاريس جنوب لبنان للتحكم فيه وجعله قاعدته الاساسية اذا واجه مشاكل مع لبنانيين اقوياء أو اذا حدث تطور إقليمي يسمح بتقديم دعم لقوى لبنانية ترفض غزو إيران للبنان، في نفس هذه الاوقات فان أمريكا واوربا تخلتا عمليا عن اللبنانيين وتركتهم يواجهون قدرهم مع قوة متفوقة عليهم بمراحل خطيرة جدا. هل حصل هذا صدفة؟ وهل حقا ان الاطراف الإقليمية والدولية الاخرى عاجزة دعم الاطراف اللبنانية التي ترفض غزو لبنان كما كانت تفعل في السابق؟

ان من اهم الاسئلة المغلزة سؤال جوهري : لم لم تدعم أمريكا وفرنسا الطرف الاخر في لبنان عسكريا؟ ان الجواب يذكرنا بالكيفية التي دخلت فيها إيران العراق وقيام أمريكا يتسليم الحكم لانصار إيران والدفاع عن التجديد للمالكي، وهو موقف مدروس بدقة من قبل أمريكا وليس خطئا أو نتيجة ضعف أمريكي في العراق، كما يروج لتبرير التنازل الأمريكي لإيران في العراق.

اننا نحذر اللبنانيين كافة من خطورة عملية التهجير المنظم والتدريجي للطوائف كافة في لبنان، وهي عملية ستحصل بكثافة ان عاجلا أو اجلا اذا بقي حزب الله ينفذ مخطط السيطرة المتدرجة على لبنان، من اجل ابقاء اتباع إيران متحكمين بلبنان حتى عدديا. ان تطابق الخطة التي تنفذ في لبنان مع الخطة التي نفذت وتنفذ في العراق من ناحية اعادة تشكيل القطر سكانيا تؤكد التوافق الأمريكي الإيراني على ذلك الاتجاه الخطير.

5 – ربما يتسائل البعض ومن حقه ذلك : كيف يمكن تصديق ان أمريكا تريد تسليم لبنان والعراق لإيران مع ان ذلك قد يهدد مصالحها؟ ان الجواب بسيط وواضح فأمريكا تتقاسم المنافع مع إيران نتيجة للدعم الإيراني والتنفيذ الإيراني لاهم الاهداف الأمريكية والصهيونية وهو اثارة الفتن الطائفية في الوطن العربي وانهاء تركيز العرب على مقاومة الكيان الصهيوني وأمريكا والانصراف الاضطراري لمقاومة إيران. وأمريكا من جهة اخرى ترى انها تستطيع اعطاء حصة لإيران من ثروات واراضي الاقطار العربية، لكنها حصة تقررها أمريكا وليس إيران، وهذا هو احد دوافع لعبة عض الاصابع بين أمريكا وإيران، مقابل اعتراف إيران العلني أو الضمني بحق أمريكا في مواصلة وتعزيز سيطرتها على النفط العربي.

والسبب، اولا، ان إيران ليست غريبة على أمريكا والكيان الصهيوني فهي احد اهم الاطراف في النظام الشرق اوسطي القادم، وأمريكا، ثانيا، تعتقد بانها قادرة على ردع إيران ومنعها من الاخلال ب(العقد) بينهما بقوتها العسكرية لفترة تتراوح بين 40 و50 عاما، وهي الفترة التي سينضب فيها النفط العربي وتكمل اسرائيل بناء قوتها واقتصادها وتصبح معتمدة على الذات وتملك الردع الشامل للعرب، وعندها وبعد هذه الفترة لن تعود للاقطار العربية النفطية قيمة بعد انتهاء عصر النفط، وسوف تكون اسرائيل معتمدة على الذات في كل شيء تقريبا، ويكون العرب عبارة امارات متناثرة لا صلة لها بالعروبة حتى صوتيا، يرعى حكامها بعران تسرح في مدن خالية من العرب ويتحكم بها هندي أو باكستاني أو إيراني أو أمريكي، تحت مظلة نظام شرق اوسطي قادم.

هذا ما سيحصل اذا بقي الحكام العرب يتأمرون على المقاومة العراقية الامل الاخير في انقاذ الامة كلها، ويفتخرون بسيوفهم وخناجرهم التي لا تستعمل الا للرقص والدبكة أو لذبح من يقاوم، ويموتون فرحا لتفوقهم المطلق في مهنة رعاية البعران وبحصولهم على جوائز لصنع اكبر تبولة!

في ضوء ما تقدم علينا وعلى الجميع الانتباه للقضايا الجوهرية التالية :

1– ان أمريكا وإيران، بنهجهما التوسعي الاستعماري على حساب الامة العربية، خط احمر يجب عدم تجاوزه من قبل اي طرف عربي والا وضع نفسه في خدمة هاتين القوتين الاستعماريتين. ان الطابع التوسعي لإيران تأكد مرتين خلال اقل من ثمانية اعوام ففي العراق اندفعت إيران بقوة لاستعماره والحلول محل أمريكا، وفي لبنان تفعل الشيء نفسه. وحينما تتغير الطبيعة التوسعية والاستعمارية لكل من أمريكا وإيران وتصبحان دولتين مسالمتين تحترمان الاخرين يمكن رفع الخط الاحمر. لذلك فان التعاون مع إيران ودعمها الان لا يترجم، وفي حالة احسان الظن، بغير المشاركة في ذبح الامة العربية والقضاء على هويتها القومية ومقاومتها الوطنية المسلحة والسلمية.

2– ان الكيان الصهيوني بكاملة خط احمر فكافة سياساته خط احمر، وهو كيان أقام تعاونا وتنسيقا مباشرا أو غير مباشر مع القوة الاستعمارية الإقليمية الاخرى وهي إيران من خلال التقاء الاستراتيجيات والاهداف. لا تفاوض ولا صلح ولا اعتراف بالكيان الصهيوني مهما تطور أو تبدلت حكوماته فهو كيان قام على الاغتصاب والتوسع، والخط الاحمر على الكيان الصهيوني ابدي ولا يزال.

3– ان ما حصل في لبنان منذ عام 2008 باحتلال بيروت من قبل حزب الله وسفك دماء اللبنانيين واعلان اصراره على تغيير القواعد التي قام عليها الكيان اللبناني، واهمها التوافق اللبناني، يقدم دليلا مضافا على ان الخطر الإيراني قاتل وان إيران الامبراطورية هي الوجه الاخر للعملة الصهيونية في الوطن العربي، وكل عربي يتجاهل هذه الحقيقة التي يراها الجميع في العراق ولبنان يضع نفسه في خانة المطبعين مع أمريكا والكيان الصهيوني لا محالة، فالاحتلال والتوسع واحد ولا فرق بين استعمار واحتلال اسرائيلي واحتلال واستعمار إيراني.

4 – ان الاعلان عن غزو إيران للبنان أثناء زيارة نجاد تم بعد ان اكمل حزب الله اعداد العدة العسكرية والامنية والاقتصادية والبشرية لتنفيذ الخطط الإيرانية القائمة على احكام قبضتها على لبنان، لذلك لم يهتم حسن نصر الله ولا إيران لتنظيم عملية استقبال استعراضي ضخمة لاحمدي نجاد بطريقة لم يسبق لها مثيل في تاريخ لبنان.

وهذه حالة تنطوي على تحد واضح، ومباشر ومتعمد، لكل الفرقاء اللبنانيين والعرب الذين تزداد قناعتهم يوما بعد اخر بان لإيران مطامع توسعية في الاراضي العربية يتضمنها مشروعها الامبراطوري التوسعي الذي اعلنه خميني صراحة واخفاه خامنئي بعد هزيمة المشروع القومي الإيراني امام العراق اثناء الحرب، وبروز مخاوف شديدة لدى العرب كلهم من طرح ما سمي ب (نشر الثورة الاسلامية)، فجاء خامنئي ووضع الشعار في الخلف لان الزعامات الإيرانية عرفت ان مواصلة رفع هذا الشعار وإيران ضعيفة يضر بالمصلحة القومية الإيرانية فاعلن عن التخلي عن نشر الثورة.

لكنه ما ان نجحت إيران في بناء قوة عسكرية ضخمة بمساعدة غربية واسرائيلية موثقة، وتزامن ذلك بمحاصرة العراق بعد شن العدوان الثلاثيني عليه (1991) وتحطيم امكاناته المالية والعسكرية واضعاف قدراته البشرية المؤهلة علميا وتكنولوجيا، حتى تنمرت إيران مجددا وشرعت بالتوسع الإقليمي على حساب العرب واعلنت تعاونها الرسمي مع أمريكا في غزو العراق وافغانستان، وتولت واجب اقامة حكومة في بغداد تتعاون مع الاحتلال وتحارب شعب العراق ومقامته الباسلة، ورفعت شعار ا علنيا وهو (نشر التشيع) الصفوي وتخلت عن الغطاء الاسلامي وسخرت اغلب طاقاتها المالية لشراء الضمائر في الاوساط العربية، بالاضافة لاستخدام سلاح الابادة والتصفيات الجماعية للعرب في العراق بعد الغزو.

ان تعزز قوة إيران من جهة، وافتضاح مخططاتها التوسعية الاستعمارية من جهة ثانية، جعلها لا تأبه برد فعل العرب في كافة اقطارهم. ولقد كانت حرب عام 2006 نقطة التحول الكبرى في الانتقال من سرية خطط إيران ومحاولة انكارها إلى مرحلة عدم التحفظ في الاعراب عن وجود مطامع توسعية امبريالية واستعمارية إيرانية تتطابق مع الخطط الصهيونية من حيث الاساليب والاهداف. وهذه الحقيقة تؤكد بان تلك الحرب كانت مصممة ليس لتحرير اسيرين لدى الكيان الصهيوني كما كان حسن نصر الله يقول بل كانت، في احد اهم اهدافها، تهيئة لمرحلة قادمة لا صلة لها بالكيان الصهيوني ولا بتحرير مزارع اسمها مزارع شبعا، وتتميز هذه المرحلة بتقبل غزوات إيران في لبنان والعراق وبقية الاقطار العربية وتسويقها تحت مظلة مقاومة الاحتلال الصهيوني لمزارع شبعا وقرية اخرى.

5 – لقد اكدت الاحداث في لبنان والعراق وغيرهما بان علنية إيران في غزو لبنان تم بفضل دعم اطراف عربية لها، وانتقال دعم إيران من التخفي وراء تبريرات معروفة إلى الدعم الكامل لإيران في كافة مشاريعها التوسعية المعادية للامة العربية، وهذا الأمر خطير جدا لانه ينسف اهم قواعد الانتماء للهوية القومية العربية وهي قاعدة الوقوف سوية ضد اي تهديد اجنبي.

6 – ان الاعلان عن غزو لبنان يعبر عن احتدام الصراع الإقليمي بدليل ان مرتزقة إيران في لبنان شرعوا منذ اسابيع في مهاجمة مصر والاردن في محاولة واضحة ومشبوهة بكل المعايير لاعادة انتاج سياسة المحاور العربية، ولكن الأمر الاكثر خطورة هذه المرة هو ان إيران تريد تزعم اطراف عربية لتواجه بها مصر والاردن وسياتي الدور على السعودية حتما. ولا تخفي عناصر التبعية لإيران القول بان (هناك معسكرا يتشكل من إيران وسوريا وحماس وحزب الله يقف ضد محور مصر والاردن) واوقف ايراد اسم السعودية مؤقتا لتحييدها والانفراد بمصر والاردن الان ثم ستنقلب إيران على السعودية لاحقا.

والمحور الذي تريد إيران انشاءه وتزعمه يرفع شعارات مطلوبة شعبيا في الوطن العربي من اجل عزل واضعاف مصر والاردن والسعودية وحشرهما في خانة التعاون مع أمريكا والكيان الصهيوني، مع ان المحور الإيراني لا يختلف من حيث الجوهر في موقفه من الصراع العربي الصهيوني عن مواقف مصر والاردن والسعودية لان القاسم المشترك بين كل هذه الاطراف هو الاعتراف باسرائيل أو تبني موقف الاستعداد للاعتراف مقابل ما يسمى ب (السلام العادل).

والهدف من وراء القيام باستفزازت إيرانية بالواسطة هو سحب البساط من تحت اقدام المقاومة الحقيقية في العراق والتي تخوض المعركة الرئيسية مع الامبريالية الأمريكية على ارض العراق، وكل المعارك الاخرى اما معارك خلبية كمعركة إيران مع أمريكا، أو انها معارك من اجل التسوية وتغيير حصص اطرافها كما هي حالة حماس التي اعترفت بالكيان الصهيوني ما ان قبلت بدويلة قزمة في الضفة والقطاع مقابل التخلي عن القسم الاكبر من الاراضي االفلسطينية.

ان العمل الإيراني على تجديد سياسة المحاور العربية يأخد شكلا مخابراتيا مدورسا لاجل تحقيق اكبر تضليل إيراني لبعض العرب أو اعطاء مبرر لهم لمواصلة دعم إيران مثل التركيز الإيراني على اعتبار سمير جعجع هو الطرف المقابل لإيران ولحزب الله ومن ثم ابتزاز كل عربي يريد انتقاد إيران أو حزب الله باتهامه بانه يقف مع سمير جعجع! والسؤال هنا في هذه الحالة : لم تتجنب إيران وحزب الله ومرتزقتها العرب الاشارة لمعارضة ورفض المقاومة الحقيقية في الوطن العربي لسياسة إيران ولتبعية حزب الله وهي المقاومة العراقية التي تدين بشدة مواقف إيران وتابعها حزب الله؟

الجواب واضح فاستخدام اسم سمير جعجع يسهل عزل من يرفض الاستعمار الإيراني اما ابراز المقاومة العراقية ورفضها للمشروع التوسعي الإيراني فانه يكشف الهوية الحقيقية لحزب الله بصفته اداة إيرانية وحزب مساومة وليس مقاومة منذ تحرر الجنوب.

7 – لا يجوز ابدا نسيان أو تجاهل حقيقة مدمرة وهي ان حماس انتقلت من موقف رفض اي كيان فلسطيني اقل من دولة على كامل التراب الفلسطيني إلى قبول دولة مقزمة وقزمة بتأثير صلتها بالمعسكر الإيراني بعد ان وضعت حماس كل بيضها في السلة الإيرانية. والسبب في ذلك هو ان إيران تريد بالموقف المتراجع لحماس التأكيد لأمريكا بان لديها تأثير على حماس وانها تمسك بورقة حماس وانه قادرة على تحديد مجرى الحلول الاستسلامية للصراع العربي الصهيوني من خلال تأثيراتها القوية والواضحة على حماس. لذلك ندعوا العناصر المتمسكة بتحرير فلسطين في حماس إلى رفض الوصاية الإيرانية العملية عليها ورفض تحويلها إلى اداة مساومة كما حصل لحزب الله.

8 – ان توقيت زيارة نجاد للبنان مهم جدا ايضا فهو تزامن مع تصاعد أزمة تشكيل الحكومة في العراق وتعقد هذه الأزمة، لذلك كانت إيران بحاجة ماسة لترويج فكرة ان إيران تمسك باوراق إقليمية كثيرة وانها تسجل انتصارات في اماكن عديدة منها لبنان، فيسهل ذلك تذليل بعض العقبات التي تعترض زيادة النفوذ الإيراني في العراق. وليس هناك ادنى شك بان الاستقبال الضخم لنجاد في لبنان، وهو نوع واضح من انواع استعراض القوة، سخر لاثبات قدرة إيران وتوسع نفوذها وضرورة تجنب الاصطدام بها، وهو انطباع اذا تبلور قد يخلخل أو يضعف معنويات معارضي إيران في العراق بشكل خاص.

9 – من بين اهم اهداف إيران في لبنان تحقيق اعلى قدر ممكن من ارهاب اللبنانيين ومنعهم من مواصلة فتح ملف التحقيق في اغتيال المرحوم الحريري ففي تلك الزيارة ابرزت إيران عضلاتها في لبنان من خلال الاستقبال الحاشد والتنظيم الرائع للاستقبال والدقة والانضباط الممتاز لاعضاء حزب الله، ومقابل ذلك نرى المعسكر الاخر مفككا وضعيفا ولا يتجاوز علاقات مكوناته التنسيق السائب، واكبر دليل هو انقلاب وليد جنبلاط على معسكر 14 اذار وانخراطه في معسكر إيران مع انه كان من اهم المحرضين ضد سوريا وإيران وكان يعد الزعيم الفعلي لذلك المعسكر. ان هذا الفرق مهم ومؤثر بالنسبة للمواطن العادي في لبنان وخارجه.

10 – لقد لوحظت ظاهرة خطيرة من الضروري عدم اهمالها وهي ان حسن نصرالله لم يحضر اللقاء الضخم لنجاد في بيروت والذي القى فيه كلمة نارية بل شارك في الاحتفال عبر التلفاز، والمؤشر الذي يقدمه هذا الموقف هو ان اهمية حسن نصر الله بالنسبة لإيران اكبر واخطر من احمدي نجاد لان عدم حضور حسن نصرالله كان لاسباب امنية صرفة هدفها حمايته من اي احتمال لتعرضه للاغتيال، لذلك فان السؤال الخاص بهذه الظاهرة هو الا يعني ذلك ان إيران تهتم بحماية نصرالله اكثر من حمايتها لرئيس جمهورية إيران؟ وهذا السؤال يفرخ سؤالا اخرا اكثر اهمية وهو اذا كانت إيران تعد نصرالله اهم بالنسبة لها من رئيس جمهوريتها فماهو الدور المنوط به من قبل إيران والذي يجعله اهم من رئيس الجمهورية؟

*كاتب وسياسي عراقي

مواضيع متعلقة:

اللعبة الإيرانية انتهت، اللعبة الصهيوامركية تأكدت
اللعبة الإيرانية انتهت، اللعبة الصهيوأمريكية تأكدت (2)
اللعبة الإيرانية انتهت، اللعبة الصهيوأمريكية تأكدت(3)
اللعبة الإيرانية انتهت، اللعبة الصهيوأمريكية تأكدت(4)

زر الذهاب إلى الأعلى