تجد وأنت تطالع بعض الصحف والمواقع الإخبارية اليمنية تناولات كثيرة تتصل بالشأن اليمني، كلها تطغى عليها طابعيه المبالغة والتهويل والتضخيم..
وخصوصاً فيما يخص بالجانب الأمني، وأنت تطالع هذه الصحف أو تلك المواقع يسيطر على مخيلتك أن اليمن أصبحت دار حرب ودمار، وأن لا مكان للعيش في رحابة، تجدهم يغرقون في التفاصيل التي تثير الخوف والقلق بالنسبة للمتلقي والمتابع.
يتداول كثير من المتابعين والمهتمين بالشأن اليمني في الخارج والذين يتلقون الأخبار من تلك المواقع أو الصحف أن اليمن تحولت إلى مكان للحرب، وأوتاد للجريمة، وساحة للتفجير والخراب.
يظنون أن الناس في اليمن يذهبون للمساجد والأسواق وهم مدججون بالأسلحة وكلُ يحدق نحو الأخر ويده مستعدة للضغط على الزناد.. دول كثيرة حذرت رعاياها من السفر إلى اليمن خوفاً من القتل أو الاختطاف نتيجة رؤية مغلوطة عن أن اليمن ممتلئة بالشظايا، وقطاع الطرق.
أحد المغتربين يسأل عن الوضع في اليمن ويستفسر هل بالإمكان أن يأتي لزيارة أهله، كثير من الذين يتلقون أخبار عن اليمن وخصوصاً في الخارج يصيبهم نوع من الشعور بالخوف على أن اليمن تحولت إلى صومال أخر، وأن تجارة الأسلحة في اليمن تعتبر قوية بسبب أن الجميع من قبائل وأفراد يسعون للحصول على السلاح للدفاع عن أنفسهم حالما واجههم آخرون. شعور مؤسف ومخجل يسيطر على أذهان الكثير من أولئك وكأن اليمن تتقاطر في سماءها الطلاقات والشظايا.
يقولون عندكم متمردون في صعده وقاعدة وحراك في الجنوب وقبائل تتعارك على البقاء، ومتنفذون يشربون الدماء من أجل التراب.
سألني أحدهم في رسالة إلكترونية كيف تعيشون في ظل هذه الحروب والأوضاع الأمنية المخيفة؟ فأجبته بأن اليمن ليست كما تتصورون، ما زالت اليمن يكسوها الأمن، ويطفو عليها السلام.
لست هنا بصدد التهوين لتلك التحديات التي تواجه اليمن من تمرد في الجنوب وآخرون في الشمال وإرهاب متصاعد وأناس أرادوا السيطرة على حق الغير باستخدام التخويف وسفك الدماء، لكن هذا لا يعني بأن اليمن أصبحت صومال أخر.
نحن لا نريد مجال للمزايدة على هذا البلد حيال كل المشاكل التي تواجهها، لا نريد لليمن أن تصبح محطاً لأنظار العالم بأن لا مجال للسفر إليها والإستثما ر فيها. اليمن ما زالت قوية، ما زال حبل الحكمة مشدود على قلوب الكثير من اليمانيين، ما زال السيف في غمده ولو أنه ارتخى قليلا ً.
ليس من مصلحة اليمن أن نعطي للأخر نظرة قاتمة سيئة تجعله يبدأ لتحريك أجندته،وإبراز مخالبه الخبيثة لصنع التشويش والغوغائية وزرع الحناجر والقنابل في صدور اليمنيين لكي يهتك الستر، ويستبيح العرض، ويشرب الحليب، ويستظل بالخيمة.
اليمن ليست سهلة "للتأفغن" أو "التصومل" كما تريدون، ما زالت الحكمة سائدة والإيمان ينبع من أثدائها، اليمن ما زالت صامدة وستبقى كذلك وسيبقى شعبها عزيزا ً كريماً صلباً لا تهزه عواصف الشائعات، ولا رياح التحدي.
للذين يبنون توقعاتهم وتحليلاتهم على التخمين والمعلومة الخاطئة نقول أن لا داعي لتلك التوقعات والتحليلات المتسارعة، فاليمن بصمود شعبة وتماسك قواه وسيطرته على الكلمة ونبذ الصراع، وتقديم المصلحة الكبرى للوطن سيبقى شامخاًُ عالياً وسيلفظ الجثث النتنة بأمواجه العاتية.
ما زالت الفرصة سانحة لسد الخلل ورقع الشرخ، وضمد الجراح، وجمع الكلمة، ولم الأخوة. ما زالت الكلمة تقول أن التسامح والاعتدال ومصلحة الوطن هو ما يجب أن يكتب ويقال، ويمننا لا زال فيه الخير ينضح.