آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

وهل أتاك حديث (التسعة) الذين يعبثون بالوطن؟

هزيمة منتخب (الطبة) في هذا الكرنفال الكروي الجميل على أرضه وبين جمهوره هي هزيمة مستحقة للعقليات المتبلدة القاصرة التي تدير الاتحاد بعقلية (المشيخة) في الديوان وليست هزيمة للوطن أو جمهور الرياضة الذين جاؤا بشوق العاشق وفرح ألوان الربيع ليشاهدوا وطنهم الممثل ب (11) لاعب على المستطيل الأخضر..

فوجدوا وطنا مغدورا به ومسجىّ وممثلا به على ارض الملعب من خلال أولئك الذين جاءت بأكثرهم المناطقية الرياضية والمحاصصة الشللية بين أندية النخبة على حساب بقية الأندية في اليمن وتم ترشيحهم للمدرب، بالإضافة إلى بعض الأمور الأخرى التي تعف اللسان عن ذكرها.. لذلك لا غرابة أن نسمع الكثير من النكات اللاذعة بطعم (العُشار) التي أبدعها الخيال الشعبي.. وأبناء (عدن) بالذات سلاحهم الأقوى يكمن في قوة النكات الساخر من الأوضاع المقلوبة حتى أثناء وبعد المجازر الدموية التي كان ينتجها الرفاق إبان الحكم الماركسي بين الفينة والأخرى..

فلا غرابة إذن أن نجد من يفرحون جدا في عموم الوطن عندما يهزم أي من منتخباتنا الوطنية لكرة القدم بحجة أن هذه المنتخبات في الغالب الأعمّ هي منتخبات تمثل الانتماءات الضيقة والولاءات الشخصية والعلاقات العامة (للمتنفذين) في اتحاد كرة القدم.. حيث ابتلي هذا الوطن بمجموعة (عيال) ظهروا فجأة وبدون سابق إنذار أو تهيئة إلى دائرة الضوء بشكل لافت للأنظار وفاقع للعين ومثير الاشمئزاز والغثيان.. تسعة من (العيال) في مواقع قيادية متعددة وذات مسئوليات وطنية كبيرة أكبر من حجمهم وتفكيرهم، شوهوا وجه الوطن بإقحام أنفسهم في كل هيئة أو لجنة أو احتفال أو أي مناسبة فيها أبوابا وطرقا مفتوحة للصرف بدون حساب والعبث بدون عقاب..

هؤلاء (التسعة) نجدهم أمام (رب البيت) أن ذنبهم مغفور وطيشهم مستور وكسرهم مجبور وخزينة الوطن (حرث لهم) يأتوها من أينما شاؤا ومتى ما شاؤا.. فأفسدوا الرياضة والاستثمار والاقتصاد والإعلام والبنوك والاحتفالات وحتى الأخلاق العامة والقيم والأعراف الاجتماعية السائدة.. و(إذا كان رب البيت بالدف ضارباً فشيمة أهل البيت كلهم الرقص)..

هؤلاء التسعة الرهط هم المسئولون مسؤولية مباشرة عن معظم المصائب والنكبات التي حلت وتحل وستحل بالرياضة اليمنية من تبديد ملايين الدولارات ومليارات الريالات باسم إعداد المنتخب الوطني لبطولة خليجي (20) ليشرّف اليمن بالحد الأدنى مستفيدا من عاملي الأرض والجمهور وأربع دورات سابقة من التجربة والاحتكاك..

لكن آخر الأخبار التي رشحت عن الاتحاد إلى الشارع الرياضي هي أن لاعبي المنتخب الوطني وقعوا ضحية (مسرحية)المباريات التحضيرية التي تم الاتفاق المسبق فيها على النتائج بين (عرّابي) الاتحاد وإدارات تلك الفرق المستقدمة مع لاعبيهم المستأجرين بالمصروف.. حيث تم الاتفاق بالفوز سلفا بغض النظر عن عدد الأهداف.. ودون علم لاعبي المنتخب الوطني الذين وجدوا أمامهم الطرق سالكة إلى المرمى في تلك المباريات..

ناهيك أن تلك المنتخبات (الوهمية) هي مجرد أندية درجة ثانية وليست منتخبات أصلا.. فكان اللعب الحقيقي لأول مرة للمنتخب الوطني هي المبارأه الأولى مع المنتخب السعودي ورغم ثقل النتيجة إلا انه كان مفيدا للاعبين الذين أدوا مباراة جيدة بعد ذلك مع المنتخب القطري، ولولا التهور والفرديات الزايدة لغرض لفت انتباه رؤساء الأندية الخليجية للتعاقد معهم، لكان المنتخب خرج بالتعادل الايجابي على أقل تقدير نظير ذلك الأداء المقبول الذي ظهر به اللاعبين خلافا عن مستواهم الهزيل مع منتخب السعودية.. أما المبارأه الثالثة مع المنتخب الكويتي وكونها مجرد تحصيل حاصل فان شعارها (يا بخت من تجمل والجميل أبقى)..

إن هؤلاء التسعة الرهط من (العيال) الذين ملؤا حياتنا هزائم وفضائح ونكسات يتحملون كامل المسئولية في الإخفاقات الرياضية بمختلف مستوياتها، وهم المسئولون عن اللعب بنتائج الدوري العام لإنقاذ أندية محسوبة على بعضهم على حساب أندية أخرى يتم التضحية بها لعدم وجود ظهر لها، وكذلك اللعب بتأجيل بعض المباريات خدمة لهذا النادي أو ذاك وشراء ذمم بعض الحكام للحصول على نتائج محددة تخدم بعض الأندية وإنقاذهم من الهبوط وبشكل فاضح دون حتى الأخذ بمقولة (إذا ابتليتم فاستتروا)..

لكن عندما تكون الفضائح بحجم الوطن فان الألم يعتصر قلوب الجميع بلا استثناء.. لقد كان منتخبنا يعرَف بين المنتخبات الخليجية انه (أبو نقطة) لكن في هذه البطولة ومع المدرب (العرطة) تحول اسمه إلى (أبو عود) والحليم تكفيه الإشارة.. فالتسعة الأهداف التي دخلت في مرمانا ستوزع بين عصابة (التسعة) بالتساوي ويكفي الوطن عزاء ذلك الهدف الجميل في مرمى (قطر).. تخيلوا لو كنا صرفنا تلك المبالغ المهولة على تأهيل وتجهيز مدارس ومراكز التدريب الفني والمهني للشباب الم يكن ذلك أجدى وانفع وأبقى للشباب وللوطن؟؟

انظروا إلى العدو الاسرئيلي لم يهتم بالكورة مطلقاً ولا بالرياضة ولكنه شديد الاهتمام بالعلم والتأهيل العلمي والفني للشباب.. وانظروا إلى (ماليزيا) ومعجزتها (مهاتير محمد) الذي لم يفكر بالرياضة كأولوية للشباب ولكنه فكر ببناء عقولهم أولا وليس أقدامهم، ذلك أن تغذية العقول بالعلم والمعرفة وفهم التقنية وأسرارها وحب العمل هو الأساس لبناء الإنسان والوطن معا..

فالاهتمام يكون بالعقول أولا وليس الأقدام عند الذين يريدون النهوض ببلدانهم، فيصرفون الأموال الطائلة للتعليم واستقدام الخبرات والمهارات وتجنيس العلماء الأفذاذ الذين سيعلمّون الأبناء فنون وعلوم الصناعة والتكنولوجيا والمعلومات وليس استئجار وتجنيس الأفارقة لتسجيل أهداف باسم الوطن!!

فلا يرتقي شعب إلى أوج العلا ما لم يكن بانوه من أبنائه.. فماذا يستفيد الوطن من استقدام مدربين (للكورة) بمرتبات فلكية في دولة يستجدي حكامها ويركعون في مؤتمرات الذل والعار وهم يتسولون طعامها ودوائها وكساءها وتنميتها من الآخرين.. ألا لعنة الله على كل مسئول عابث وفاسد وخائن على حساب شعب عريق وأمة كريمة أهانها وأذلها (الصغار) من أبنائها.. ماذا يعني أن ندفع مرتب سنوي يصل إلى (مليون ومأتي ألف دولار) بمتوسط شهري واحد وعشرين مليون وخمسمائة ألف ريال لمدرب كرة قدم!!!

وليس لخبراء وعلماء يعلمون شبابنا كيفية صناعة السيارات والآلات وبقية الصناعات الكهربائية والالكترونية المفيدة.. ماذا لو كنا دفعنا هذا المبلغ في استقدام خبراء لمراكز التدريب الفني والمهني الخاوية على عروشها في عواصم المحافظات وبعض ضواحي المدن الرئيسية في صنعاء ولحج وتعز والحديدة وحضرموت وغيرها؟؟

عصابة التسعة لم تكتف بما تهبره من ميزانية الرياضة الفلكية والاقتصاد والبنوك التي انحرفت عن مهامهما وتسميتها التي أنشئت من أجلها وصارت ستارا لغسيل الأموال وتهريبها والتستر على حسابات بعض الفاسدين بل وصل الأمر إلى التكسب بالدين ذاته عبر شركة مقاولات خارجية اسمها (رايت ستار) وهي لا تختلف كثيرا عن أي شركة تجارية..

لكن هذه الشركة ستعمل تحت اسم أكثر جاذبية يدغدغ العواطف الدينية الجياشة التي تخشع لها قلوب اليمنيين بالفطرة وبدون أي نقاش أو تمحيص، الوسطية والاعتدال تحت شعار آية قرآنية كريمة كعلامة تسهل قبولها وبلعها (بلدة طيبة) و(رب بيت) غفور لأخطائهم وخطاياهم ولا يسألهم عما يعملون..

فقد جاؤا لنا ب(ممثل أطفال ومراهقين) ليعظنا ويعلمنا معنى الوسطية والاعتدال في ديننا.. تصوروا يعلمنا الدين لأننا لا نعرف معنى الوسطية والاعتدال وهو من سيعطينا دروسا فيها بمبلغ (10 مليون دولار فقط) خلال سنة واحدة وبعد ذلك سيمشي كل الشعب اليمني(عدلْ) ولن تجد متطرفا واحدا في اليمن!!!

هل ناقصين وعاظ حتى نستورد من يعظ أحفاد الأنصار والفاتحين؟؟ إن ثقافة المحبة والتسامح والوسطية يا هؤلاء الرهط، ينشرها العدل في توزيع الثروة والمشاريع والتنمية والوظيفة العامة والقضاء على فسادكم وإفسادكم.. وينشرها المواطنة السوية والمتساوية في الحقوق والواجبات بوجود قضاء نزيه ومستقل الكل أمامه سواسية تحت سقف وظلال القانون..

ينشرها إعادة الحقوق ورفع المظالم ونشر الأمن بين الناس وعدم وجود عاطل بدون عمل ومريض بدون دواء ومظلوم بدون إنصاف ومقتول بدون قصاص من قاتل يحتمي بالقبيلة أو شيخ غشوم عديم المروءة وقليل الخير والدين.. ورحم الله شاعر اليمن العظيم البردوني حين قال:

الأباة الذين بالأمس ثاروا.. أيقظوا حولنا الذئاب وناموا
ربما أحسنوا البدايات لكن.. لم يحسوّا كيف ساء الختام

آخر السطور :
مرة أخرى نكرر شكرنا وتقديرنا لأبنائنا وإخواننا أبطال القوات المسلحة والأمن الساهرين على حماية هذا العرس الرياضي الكبير على الطرقات والتقاطعات والأودية بين عدن ولحج وأبين وعلى مدار الساعة للحفاظ على الأمن وضبط الفوضويين ومنعهم من تعكير أجواء الفرح في هذا الفرح الجماهيري الكبير..

نحييكم ونشد على أيديكم ونقبل رؤوسكم تقديرا وإجلالا ونطلب منكم المزيد من الحفاظ على روح اليقظة والاستعداد للتعامل مع أي طارئ.. وعلى الحكومة صرف المكافآت المجزية لهؤلاء الأبطال بدلا من صرفها سفها على أولئك الرهط في الغرف المكيفة والبوفيهات المفتوحة من أصحاب الليالي الحمراء والسهرات الزرقاء في فنادق (عدن) وشاليهاتها.. اصرفوها لأولئك الأبطال من الجنود تحت الشمس والبرد والرياح الشديدة والغبار وليس للمداومين على استلام المكافآت بدون أي عمل يقومون به سوى التصريحات الفارغة والكذب على الله والشعب والوطن.. ولا نامت أعين المفسدين.

زر الذهاب إلى الأعلى