استضافة خليجي 20 في عدن وأبين والنجاح الذي تحقق بشهادة الجميع في الداخل والخارج سلطة ومعارضة، ضيوفا وكُتابا ومراقبين عن بعد، كل ذلك تحدث عنه ناس كثيرون وأمطرتنا الصحف والقنوات الفضائية بسيل جارف من كتابات الإشادة بنجاح البطولة ودقة التنظيم والإعداد.
ولم تخف تلك الكتابات والتعليقات والتقارير الصحفية محبة كتابها وقائليها ومعدوها لليمن وشعبه الطيب، وتغزل الجميع بمحبة اليمن وشعبة وأفاضوا في سرد محاسن عدن وجمالها الساحر بشواطئها التي جمعت بين البحر والجبل وناسها الطيبين وشذا وعبق بخورها وفلها ونسائم بحرها، قال الجميع إن كل ما تم خلال خليجي 20 في عدن وأبين أكثر من الجمال نفسه من حيث التنظيم وتفاعل الجماهير مع كل المباريات والفعاليات التي أقيمت على هامش البطولة والسهر حتى ساعات مبكرة من الصباح.
صحيح أن الأمر كان رياضياً بحتاً لكنه كشف أن لدى اليمنيين مخزونا كبيرا وقدرة هائلة لتحقيق النجاح في كل جوانب حياتهم وخلق الفرح وإشاعة الأمل والإلتزام بالنظام والقانون وإنعاش الذات اليمنية من بين براثن الإحباط والتشاؤم والتقدم خطوات لصناعة المستقبل بروح وثابة وهمة عالية اذا واجهوا قضاياهم بروح التحدي برغم فقرهم.
فالتجاوب والإنضباط الكبير مع قرار اللجنة المنظمة لخليجي 20 بعدم دخول القات مدينتي عدن وأبين ومظاهر الفرح والإبتهاج الذي غمرنا بها ضيوفنا في شواطىء عدن البهية والأمن والأمان الذي تحقق والإبتسامات التي تحدث عنها الضيوف وطيبة اليمني وفطرته وعفوية التي تغنى بها الأشقاء باعتبارها من الأشياء الساحرة التي أثرت فيهم..
كل ذلك جعلهم يقدمون لنا عبر صحافة وقنوات دول الخليج حملة إعلامية مكثفة وحملات علاقات عامة ترويجية لليمن وشعبه بكل تأكيد ستمحي الصورة السلبية عن اليمني الذي روجت عنه وسائل الإعلام خلال الفترة الماضية بأنه وحش كاسر ومختطف ماهر وفوضوي متمرد على النظام والقانون وفقير يحمل البندقية على كتفه ويبحث عن رزقه بأية وسيلة وإن كانت غير مشروعة، فجاء نجاح خليجي 20 لينفض ذلك من ذاكرة الأشقاء إلى الأبد –ان شاء الله- وغرس بدلاً عنه قيم الشهامة والطيبة والكرم والوسطية والإعتدال والإلتزام بالنظام والقانون وتحقيق الأمن والأمان..
وهو ما لفت نظر الأشقاء بشكل غير معتاد بالنسبة لهم خاصة تفاعل الجماهير اليمنية مع حلاوة لعبة كرة القدم وعدم تعصب اليمني لأي فريق حتى ولو كان فريقه وإنما عشقه لحلاوة الساحرة كرة القدم من أي لاعب أتت أو فريق لعب بحرفية ومهارة، فاستولى اليمنيون بسلوكهم الحضاري على قلوب وأفئدة الأشقاء، وهناك نماذج لسلوك انساني سوي ورفيع تميز به أبناء اليمن أثناء تعاملهم مع ضيوفهم في خليجي 20، وما تحدث به كفاح الكعبي الصحفي الإماراتي لمحلق صحيفة الجمهورية الرياضي عن اليمني وكرمه وشهامته وتعامله الفريد الذي لم يلاقه طوال عمره المهني في بلاط صاحبة الجلالة الصحافة الرياضية في عالم أصبح يقدس الماديات يحتاج إلى أكثر من قراءة عندما قال "ان سائق التأكسي اليمني الذي طلب منه توصيله مشوارا رفض استلام أجرة التاكسي عندما عرف أنه من ضيوف خليجي 20 رغم انها حقه المشروع"..
الأمر الذي أحدث زلزالا كبيراً في وعي وتفكير الصحفي الإماراتي كفاح الكعبي وهو بالمناسبة من الذي كانوا متحمسين لإقامة خليجي 20 في اليمن وغيرها من المواقف والنماذج التي تعرض لها الضيوف في عدن وأبين بعضها سردها الأشقاء وبعضها ستظل مخزونة في ذاكرتهم ومذكراتهم وستنعكس تعاملاً مع إخواننا المغتربين في دول الخليج أو مع قضايا اليمن بشكل عام.
وأثبت نجاح خليجي 20 أننا -كشعب حضاري- قادرون على تحقيق النجاحات في جوانب حياتنا الأخرى، وأن مشاكلنا الداخلية قابلة للحل وليست مستعصية، وهذا ما توصل إليه العديد من الكتاب والصحفيين الذين شاركوا في تغطية فعاليات خليجي 20 وأولئك الذين تابعوا الحدث عن بعد.. فهل نحن قادرون بعد انتهاء خليجي 20 على استثمار نجاحاته في جوانب حياتنا الأخرى خاصة فيما يتعلق باحترام النظام والقانون وحل قضايانا السياسية والإقتصادية والإجتماعية بروح التحدي الذي استضفنا به خليجي 20؟ أم ستعود حليمة لعادتها القديمة؟!
وللذين ذرفوا الدموع حول موضوع عسكرة عدن وأبين نقول: إذا كانت العسكرة ستجعلنا ننقاد للنظام والقانون لنعيش في سلام وأمان وستخلق فينا الفرح والبهجة، فهي لعمري عسكرة إيجابية، فأهلاً وسهلاً بالعسكرة الإيجابية التي معناها الانضباط والالتزام والصرامة وليست القمع والفوضى والاستبداد والقتل.
والله من وراء القصد