يعاني عالم اليوم من تزايد المشكلات البيئية بفعل التطور الصناعي والتقدم التكنولوجي المتسارع الذي شهدته المجتمعات المعاصرة إذ افضت هذه التطورات إلى تنامي الحاجة لزيادة استغلال الموارد الطبيعية بشكل غير متوازن مما ينذر لحدوث اخطار جسيمة تهدد البشرية باسرها .
ولاهمية المياه في حياة الانسان والكائنات الحية بصورة عامة بوصفها احد اهم المتطلبات الرئيسة لديمومة المجتمعات الحديثة وتطورها فان تعرضها إلى التلوث يسهم بفعاليتها في زيادة عدد الوفيات بسبب الامراض الخطيرة التي يمكن ان تنتقل من خلالها إلى الانسان.
وكحقيقة واقعة، فأن ابر ما يميز كثير من الامراض التي يكون الماء احد اوساطها الناقلة مثل التيفوئيد والكوليرا هو ظهور اوبئتها بصورة انفجارية فضلا عن قابليتها على الفتك بالغالبية العظمى من المجتمعات التي تحل بها.
وبصورة عامة يكون تلوث المياه على نوعين : اولهما التلوث البكتيري الذي يعد اكثر تاثيرا : لفعاليته في التسبب بحصول اصابات بامراض معدية والاخر هو التلوث الكيميائي الذي مرده إلى وجود مواد سامة كالرصاص والزرنيخ والمبيدات الحشرية وغيرها .
ويصح القول ان عملية انتقال الامراض إلى الانسان بوساطة الماء يمكن ان تحدث عبر وسائل عدة، من جملتها تلوث المياه المجهزة لاغراض الشرب، وتلوث الماء الخام والاستحمام في المياه الملوثة واعتماد الثلج الملوث في الانشطة الخاصة بتبريد المياه وصناعة المثلجات والمشروبات فضلا عن استخدام المياه الملوثة في عملية ري الفواكه والخضار التي يتناولها الانسان بدون معالجة أو معاملة حرارية.
وعلى الرغم من ان المياه السطحية تعد من اقدم المصادر المائية التي يعتمد عليها الانسان في تامين متطلبات حياته لاسيما مايتعلق منها باغراض الشرب والاستخدامات المنزلية فان تلوثها يعد من المشاكل الشائعة التي القت بظلال واسعة على واقع الصحة العامة ونظافة بيئة الحياة، حيث تتعرض المياه السطحية الملوثة بمياه المجاري ومخلفات المعامل الصناعية وغيرها إلى تغييرات عديدة منها عكرتها، وانحسار الحياة فيها على البكتريا اللاهوائية وترسب المواد العالقة، فضلا عن ظهور الغازات على هيئة فقاعات على سطح الماء بفعل عملية التعفن مع ظهور يرقات البعوض وبعض الديدان .
ومن المفيد الاشارة هنا ان الاوكسجين الموجود في المياه يمكن ان يكون كافيا لاكسدة المواد العضوية وتحويلها إلى مواد غير عضوية في حال كون التلوث خفيفا، وحينها ينعدم ظهور التغييرات السابقة ان مايخفف من وطاة ظهور هذه المشكلة، واعني بها تلوث المياه هو ظهور ثمة مايدعو إلى ضرورة استغلال الموارد الطبيعية باسلوب متزن وعقلاني خشية حدوث تناقضات مخيفة بين المجتمع وبيئته التي يعيش فيها .
وعلى وفق ماتقدم، فان المرحلة الحالية تستوجب من المختصين والباحثين في مجال بيئة الحياة ومخاطر تلوثها، ايجاد السبل الكفيلة باستغلال كل اشكال الموارد الطبيعية ومن ضمنها المياه، لالتأمين ضرورات التطور في المجتمع فحسب، بل وفي ذات الوقت لضمان حماية بيئتنا .ومن اجل ان تبقى للمجتمع عبر اجياله المتعاقبة قدرة التكيف مع البيئة رغم كل التغيرات التي قد تطرأ عليها .
وبصورة عامة تجاهل ادارات المياه في جميع البلدان لخطورة تلوث المياه وتجاهلها لما يتطلبه من سرعة في الاجراءات الحاسمة التي ينبغي القيام بها للسيطرة على مسبباته، سيفضي إلى تدهور خطير بواقع الصحة العامة وتنامي الاخطار المحدقة ببيئة الحياة.