حين شارفت بطولة خليجي 20 على النهاية، كان صلاح الجعشني وهو نادل في أحد المقاهي الواقعة على كورنيش قحطان الشعبي بساحل أبين في عدن، يبدو حزيناً وهو يسمع الحديث يدور حول بدء الوفود المشاركة في البطولة بالرجوع إلى بلدانها.
كنا بمعية أصدقاء وزملاء من داخل وخارج اليمن وكان بمقدور الشاب صلاح الذي يتحرك بين طاولتنا ومكان صنع وتقديم الطلبات من شيش ومشروبات وغيرها في ذات المقهى، أن يسترق بعض ما يدور بيننا من حديث ودي لم تكن مشاعر الأسف والحزن على انتهاء بطولة خليجي 20 ومغادرة عدن، بعيدة أيضاً عن ذلك الحديث.
يبدو أن الشاب الودود صلاح وغيره الكثير من القائمين على المقاهي وكل المجالات الخدمية الأخر، سيفتقدون كثير من الزبائن في قادم الأيام لاسيما بعد انتهاء البطولة الخليجية التي جعلت الابتسامة تعود لعدن بعد غياب كبير. وبالطبع، الحديث هنا عن الابتسامة التنموية بمختلف المجالات. وقد تركزت كل التقارير الصحفية التي نشرت بالتزامن مع بدء فعاليات البطولة الخليجية الأخيرة التي أقيمت في عدن، حول الانتعاش الاقتصادي الذي رافق فعاليات خليجي20.. وأتذكر أني أنا أيضاً، اخترت "الابتسامة تعود إلى عدن بعد عقود من الغياب" عنوان لمادة صحفية نشرت في أسبوعية "رأي" المحلية قبل أيام حول ذات الموضوع.
في كل مكان كنت تتجه في عدن تجد الابتسامة مرتسمة على وجوه الجميع. وأي تفاؤل يشع من أعين الطفولة ومن مقل الكبار. كان الجميع من كبيرهم إلى صغيرهم ومن العامل البسيط إلى ملاك المقاهي والأندية والفنادق والمنتجعات، مبتهجون وسعداء بما حل بمدينتهم من انتعاش لحظي. ولطالما تمنوا كما نحن، أن تستمر تلك الانتعاشة في مدينة الدفء والحب والجمال؛ عدن. لا أدري صراحة لم وجدتني على موعد مصالحة مع التفاؤل وربما الأمنيات في زيارتي الأخيرة لعدن بأن تستمر تلك الابتسامة مشرقة في وجوه الناس في تلك المدينة وغيرها من مدن البلاد.
في أخيرة أسبوعية "توظيف" المتخصصة كنت قد نشرت مقالاً قبل انطلاق فعاليات البطولة بأيام ووصفت خليجي20 بأنه مولد الفرص.. ولم يكن ذلك الحديث التفاؤلي اعتباطي أو نوع من المبالغة أو المجازفة في تقدير الأفراح المؤجلة.. إنه كان مبنياً على مؤشرات وأرقام إذ انتشلت أعمال الإنشاءات والاستعدادات والتجهيزات للبطولة منذ حوالي عامين كم كبير من العاطلين ووفرت فرص كثيرة للناس للعمل في مختلف المجالات.
وخلال أيام البطولة لم يتوقف سوق بائعي اللعب والتحف والهدايا والأشكال الخاصة بالتشجيع والتي لأول مرة تدخل الملاعب اليمنية وسجلت إلى جانب الجمهور إعجاباً لدى المتابعين من الداخل والخارج حتى وصف الجمهور الشغوف بالكرة بأنه ملح البطولة وأن اليمن بسبه أيضاً، كانت هي الفائز الأول والأخير.
لن يألوا جهدا، أي من مسئولي البلاد في توفير فرص العمل وانتشال عدد كبير من البطالة في أي من مدن اليمن وذلك جراء إقامة فعاليات محلية أو إقليمية هامة تشبه خليجي20. الفرص مفتوحة أيضاً أمام مشاريع ومخططات لفعاليات ثقافية ورياضية واقتصادية وإعلامية وسينمائية كبيرة وهامة.. وهذا ما نرجوه أيضاً من مسئولي البلاد ومن رجال الأعمال ومراكز القوى الأخرى، أن لا يتوقفون في صنع وتنفيذ الأفكار الخالقة التي تسعد الجميع وتأخذ في اعتبارها رفع رأس اليمن عالياً قبل أن يجد البسطاء من الناس الذين يعيشون في الهامش الوظيفي أو الذين نجدهم في رصيف البطالة مرميون وما أكثرهم في بلادنا، حتى لا يبحثون عن شغل شاغل آخر يسبب الحرج للمسئولين أمام العالم. ولا نزال نؤمن أن التفاؤل إذا ما كان إشعاعه مرتبطاً بمدينة فعدن أحق وبجدارة، أن تكون الخلاقة الأولى للأمل والتفاؤل والحب. وأن تكن أيضاً، المثال الأبرز لكل مدينة تتفنن في إصدار إشعاعات الدفء والطيبة والحنين والفرح للجميع. ودامت كل ابتسامة على كل الشفاه.