حتى مساء أمس تجاوز عدد القراء الذين صوّتوا في استفتاء «العربية.نت» لهذا الأسبوع 137 ألف مشارك. وهو يعتبر رقماً قياسياً في تاريخ الاستفتاءات عربياً وعالمياً.
المثير في هذا الرقم الذي يعد سابقة، أن السؤال المطروح كان سؤالاً سياسياً عن «انضمام اليمن إلى مجلس التعاون لدول الخليج العربية»، وتضمن أربعة خيارات هي: سيدعم قوة المجلس، سيجر المجلس إلى أسفل، سيحمي اليمن من الانهيار، سيحمي المنطقة من الإرهاب. وصوّت المشاركون حتى مساء أمس بنسبة 80 في المئة لمصلحة الخيار الثاني، الذي يقول إن انضمام اليمن إلى مجلس التعاون سيجر المجلس إلى أسفل.
معروف ان النسبة الأكبر من قراء موقع «العربية نت» من منطقة الخليج، ما يعني أن انضمام اليمن إلى مجلس التعاون امر غير مرحب به شعبياً. ويعني أيضاً ان صورة اليمن في الشارع الخليجي ليست حسنة، فضلاً عن ان الناس حددوا موقفهم من زاوية ان اليمن، بتعداده السكاني الكبير وفقره، سيزاحمهم في مواردهم ولقمة عيشهم. ناهيك عن ان البطالة بين شباب اليمن تصل إلى 53 في المئة، ويعيش 48 في المئة من اليمنيين بدولارين في اليوم، إضافة إلى الأزمات السياسية والأمنية في بلدهم.
هذا الموقف الشعبي تكرّس بسبب الآراء الاقتصادية التي تنشر في صحافة الخليج، وتحذر من انضمام اليمن إلى مجلس التعاون. لكن هذه الرؤية تتجاهل أن وضع اليمن لم يعد شأناً سياسياً أو اقتصادياً، وأن الاعتناء به بات قضية محلية ذات أهمية وخطورة قصوى، فانهيار اليمن الوشيك يهدد استقرار دول الخليج، واليمن ربما انتقل إلى وضعٍ مشابه للوضع في الصومال، ولذلك فإن انضمامه يجب ألا يعالج بنظرة اقتصادية آحادية.
لا بد من إعطاء القضية بعدها الأمني والاستراتيجي، فدول الخليج تستقدم ملايين العمال من دول العالم، وتحوّل سنوياً ما يزيد على 100 بليون دولار لدول جنوب آسيا وشرقها. والحل العاجل هو إعطاء اليمن حصة لا تقل عن ربع هذه الأموال، عبر تسهيل استقدام العمال منه.
ومن دون حلول عاجلة على هذا المستوى فإن الأوضاع الاقتصادية والأمنية المتفاقمة في اليمن ستتحول خطراً كبيراً يصعب التعامل معه خلال السنوات الثلاث المقبلة.
الوضع في اليمن لم يعد مشكلة إقليمية، صار مشكلة خليجية بامتياز. علينا ان نعاود النظر في تحليل الموقف قبل فوات الفرصة، ويجب ان يكون الوضع المتدهور في اليمن حافزاً لتسريع ضمه إلى مجلس التعاون، وليس العكس.