وثائق ويكيلكيس" هذه المجنونة لم تتعد المراسلات الدبلوماسية لجهاز وزارة الخارجية الأمريكية فقط ليس إلا؛ أتساءل ماذا لو تعدت هذه الوثائق المراسلات الدبلوماسية وتوغلت للكشف عن الجلسات السرية الغير دبلوماسية، والمقابلات الخاصة والمقايل، والطيرمانات المدججة، كم كانت ستكون أكثر بشاعة وفضحاً؟!
التسريبات كشفت لنا ببساطة هذا العالم، وسذاجته الموغلة بوحل الغطرسة والغرور.
هذه أول مرة يصاب الدبلوماسيون بالإحباط لأن مفهوم الوثائق هذه المرة تغير كثيراًُ عما كان عليه في السابق .
مفهوم الوثيقة التاريخية عند "أصحاب الجلالة " ورجالهم المعظمون : هي التي تسرد حياة الحاكم والوالي والأمير، وتشير إلى نسبهم العريق ومعاركهم الخالدة وإنجازاتهم التاريخية، لكنهم تقيئوا هذه المرة وثائق مختلفة تماما، وثائق ممارسات الأب والعيال ونشر ملفاتهم الشخصية، ولم تكتفي بالأب والعيال فقط، بل امتدت لتشمل أيضا ً المحظيات ربات الحجاب والستر والجمال .
في وثيقة تكشف أن الرئيس لا يهمه إن كان الوزير رشاد العليمي قد كذب على البرلمان - ومعنى ذلك أنه كذب على شعب بأكمله – بقدر ما يعنيه أن يضع ثمن الخدمات لأمريكا قبل أن يسألوها هم .
الكثير من الرؤساء العرب يريدون من أمريكا ثمناً لتعاونهم، هذا الثمن ليسوا هم الذين يقررونه ؛ بل هي صاحبة الفضل والعطاء هي التي تقرر، أما رئيسنا فهو من يشترط على أمريكا "النقود الخضراء" مقدماً .
يشترط عليهم لاستقبال سجناء "غوانتناموا" اليمنيين "عليكم دفع 11 مليون دولار لبناء مركز لإعادة تأهيل السجناء، ويرشدهم إلى الداعم الرسمي قائلاً: سوف نوفر لكم الأرض التي سيقام عليها المركز التأهيلي في عدن وسيوفر السعوديون المال " .
لا يهم الرئيس إن كان شخص "غريب" و"نكدي" عند الأمريكيين، وأنه متذبذب في مواقفه معهم – كما يثبت ذلك أقوال الدبلوماسيين الأمريكيين في الوثائق– بقدر ما يهمه المساعدات، التي قال عنها الأمير نايف أنها تنتقل مباشره إلى بنوك سويسرا – ويزيد "يفجعهم " كما "إحنا أنتصومل".
مرة يقول أنه سعيد ومرتاح للهجمات الجوية الأمريكية وأن اليمنيين يريدون استمرار الهجمات بدون توقف حتى تستأصل هذا الداء، ومرة أخرى يرفض أي وجود للقوات الأمريكية على الأراضي اليمنية .
أتساءل- فقط- لو أن إحدى الصحف اليمنية كشفت عن بعض الوثائق السرية اليمنية الفاضحة وأظهرتها للعالم ؛ هل ستسكت عنها المصادر المسئولة أم أنها ستسارع فوراُ إلى شن الهجوم والعدائية ضد تلك الصحيفة، وتصفها بالخيانة العظمى وتنعت أصحابها ب"الكلاب المسعورة "، والعمالة للكيانات الخارجية المجهولة، والتجسس لصالح الدول الأجنبية ؟ أما أن يكون مصدر هذه الوثائق من جهة لا حول لها ولا قوة عليها – سواء صدقت أو كذبت – تجدهم يقفون مبهورون، ويحاولون أن يغطوا " الفضائح " باختراع مشاكل سياسية تشغل الناس عن الوثائق التي أكدت أن المواطن لا قيمه له تذكر ؛ إنما يتخذ وسيلة لابتزاز الدول الغنية، وتنفيذ خطط وأهداف " الشلة " من المبتزين .
لست أدري هل ستساعد تلك التسريبات على التغيير المنشود في منطقتنا، أم أن أقفال الاستبداد الرسمي وضعف الوعي الشعبي وغياب القيادات الشعبية القادرة على القيادة نحو التغيير ما زالت مسيطرة، ولن تكسر "ويكيليكس" هذه الأقفال .
السياسيون في هذا البلد يريدون منا أن نكون أجهل الناس بهم على حد المثل ( أجهل الناس بعالم أهله)، ونحن فعلنا ذلك وتظاهرنا بأننا لا نعلم شيئا مما يفعلون، لكن ماذا نفعل إن كانت قد أصابتهم دعوة، فُأرسلت عليهم وثائق "ويكليكسية" ترميهم وتعصف بهم .
أما أولئك المغرر بهم والذين لم " تبح " أصواتهم بالنعيق، ولم تتعب أيديهم من التصفيق- لأولئك الجهلاء نقول لهم : يوما ما سيصعد الرئيس على المنبر ويقول لكم أنه يعمل لصالحكم، ولا أحد أرحم بكم منه حتى أمهاتكم، وسيقف العليمي في وجه البرلمان الذي اخترتموه بأيديكم ويقول أن أمريكا لم تقصف أبين وشبوه وستصدقون ما يقول، إنه زمن " الطبالين " وجلاديهم، ولا طوبى لهم .
حافظ معياد والمهمة الجديدة ..
الأستاذ حافظ معياد , الشخصية الوطنية المعروفة، الرجل الذي يبتعد كثيراً عن الأضواء، ويحب العمل خلف الكواليس، شغل العديد من المناصب منها الجمارك وإدارة بنك التسليف التعاوني والزراعي وقفز بهما قفزة كبيرة ورائعة، وخصوصاً البنك الذي أصبحت له الريادة بين البنوك في فترة وجيزة .
صُدر قرار مؤخراً بتعيين حافظ معياد مديراً عاماً للمؤسسة الاقتصادية اليمنية، خلفاً للعميد علي الكحلاني وكأن القرار جاء من أجل المضي قدماً في البداية الصحيحة لإعادة الأمور إلى نصابها وإلباس المؤسسة لردائها الطبيعي .
حافظ معياد في مهمة جديدة، وأمام مراهنات كبيرة وتساؤلات أكبر عن القادم الآتي . أعتقد أن بمقدوره صنع التغيير الشامل والنماء لهذه المؤسسة العملاقة، ونحن بانتظار أن يثبت قدرته على صنع النجاح والريادة وهذا الذي نأمل أن يحدث،
ولحافظ الريادة .. سلام