آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

زاد الماء على الطحين!

ازدادت في الآونة الأخيرة حدة تصريحات السلطةوالتي رافقتها بعض التطبيقات الفعلية لها بالمضي قدما في إدارة دفة البلاد بشكل فردي.. ففي اللحظة التي انتظر كثيرون عودة الرئيس اليمني وحزبه العتيد إلى الحوار الجاد وخاصة بعد نشوة الانتصار في خليجي عشرين في اليمن فوجئ أكثر المتفائلين منا بعنجهية لا مكان لها من الإعراب وبإصرار اقرب لعناد الأطفال منه لحكمة الرجال.

وبدلا من السعي لتطبيق تجربة تأمين عدن تدريجيا على ربوع البلاد.. واستغلال هذا النجاح للدعوة للم الشمل والإتحاد جاءت حدة التصريحات وسخونة القرارات لتتبخر معها كل يقظة أحلامنا وسراب أمالنا.. وتأكد لنا أن أي نجاح لأي حاكم إنما هو بمثابة سبب يجعله يزداد عجبا وتعاليا ويفتح شهيته لمزيد من التمدد والانبساط على أرض الوطن.. وكأن لسان حاله يقول : لقد آن لأبي أحمد أن يمد رجليه.. وكنا نتمنى أن يمد لنا يديه ويضعنا تحت رمش عينيه..

ولكن جاء التصريح الصريح بأن الحزب الحاكم سيدخل الانتخابات منفردا غير عابئ بكل من يبحر معه على ظهر السفينة المتهالكة وأنه سيعدل قانون تحديد فترة الرئاسة وهي خطوة صريحة نحو فردية المسار أو هي رسالة واضحة المعالم أن المؤشر يتجه نحو ملكية الحكم وديكتاتورية القرار.. معلنا بقوة أن الوطن أنا والمؤتمر فقط وما دون ذلك حمل زائد عن الحد عليه أن يرضى بموقعه أو ليكونن مصيره إلى السجون والمعتقلات.. وبعد ساعات من اعتقال القيادي في اللقاء المشترك محمد غالب بتهمة دعم قوى الحراك قال مصدر مسئول في الداخلية إنه في حال تأكد ذلك "فإن قيادة المشترك ستخضع للمساءلة القانونية إزاء التواطؤ على زعزعة الأمن والاستقرار والسكينة العامة ومخالفة الدستور والقوانين النافذة في البلاد"..!!

ولا أدري أي استقرار سيزعزعه المشترك لأنه ببساطة لا وجود له من اجل زعزعته فكم أخبار تنهال يوميا عن قتل ونهب وتقطع ولا حراك للداخلية ضده.. وكم إثباتات من أجهزة متخصصة عن فساد مدعوم ومقنن ولا حراك من الدولة لضبطه.. وكم أنباء عن تجاوزات حكومية وقبلية أدت إلى إلحاق أضرار جسيمة وخسائر فادحة بحقوق وطنية أو أملاك مواطنين لا حول لهم ولا قوة ولم نسمع عن حراك من القصر الجمهوري للردع والمحاسبة.. ومسكين أنت أيها الدستور ومنبوذ أنت أيها القانون فأنتما غير مفيدين للأمة المغلوبة على أمرها وإنما أنتما خادمان للسلطة وأعوانها.. فكم خالفتموه انتم أيها الحكام بسلطة الهوى وقانون المزاج ودستور المصلحة وحب الذات.. ولم نر مسئولا منكم خضع للمسألة أو المحاسبة فعن أي قانون ودستور تتحدثون...

وفي عدن قال الرئيس أثناء تدشينه الحملة الانتخابية : (علينا تجاوز الصغائر والارتفاع إلى مستوى وطن 22 مايو الذي هو ملك كل أبناء اليمن رجالا ونساء كما دعا الجميع إلى الابتعاد عن المكايدة والمكابرة والتمترس وراء بعض قيادات شاخت ولم تعد تعطي لهذا الوطن شيئا إلا بضاعة الكلام).. وضع خطوطا تحت عبارات : علينا تجاوز الصغائر المكابرة قيادات شاخت بضاعة الكلام.

واترك لك حرية التعليق.. ولكن من المؤكد عدم وجود مرآة أمام رئيسنا الغالي حين قال ما قاله
وأثناء حضوره الجلسة الختامية للمؤتمر العاشر لقادة القوات البحرية قال : "كما تعلمون فإن دخلنا معتمد على النفط ، الذي يوجد بكميات قليلة جدا، في حين أن علينا مسئوليات للتربية والتعليم والجيش والأمن والتنمية عموما". كما حث مصلحة الضرائب على محاسبة المتهربين عن دفع الضرائب فقال إن "المواطنة ينبغي أن ترتبط بتسديد ما على الشخص من ضريبة، فالتهرب يعني أنك لست مواطنا يمنيا وإنما زائر أو عابر "..

قلت : ما يُهرب من النفط والديزل يكاد يغطي موازنة عدد من أجهزة الدولة كالتعليم والصحة وثانيا أين بقية مصادر الدخل الأخرى والتي عليها اعتماد في تسيير عجلة التنمية في البلاد كالمنافذ البحرية والثروة السمكية والسياحة.. العلة سيدي الرمز ليست في قلة الدخل ولكن أين يذهب هذا الدخل فان أجبت عليه صدقا وحقا فستعلم مكمن الخلل.. وأما الضرائب فليس الملام التاجر العادي أو المواطن ولكن هل تعلم كم ضريبة القات التي يتهرب من دفعها تجاره أو يمتنع عن توريدها المحصلون.. هل تعلم أنها توزع حصصا على من أوكلت لهم مسئولية لبلاد وحفظ أمن ومكتسبات الوطن!..

ثم تريد أن تحمل الشعب مسئولية العجز والتقصير.. هل تدفع المؤسسات الضخمة والشركات العملاقة ضريبتها بالتمام والكمال دون تلاعب أو تنسيق مع رأس كبيرة.. هل يدفع كل مسئول بما فيهم المقربون منك ضرائبهم المستحقة للوطن والكل يعلم أن لهم أسهما كبيرة في شركات الاتصالات والعمران والبنوك وغيرها.. والسؤال موصول للوزراء والوجهاء وكل الكبار الذين أكدت يوما أنهم بعيدون عن يد القانون ولا يستطيع أحد أن يمسك بهم.. فينصب الاتهام على المواطن المسكين الذي هو سبب تأخر البلاد وفقرها.. وذلك والله من الاستخفاف بنا كشعب لم يعد يخفى عليه شيء من الأمور..

ولكننا نستبشر خيرا بقولك : "بأن التهرب الضريبي يعني أنك لست مواطنا يمنيا وإنما زائر أو عابر " فتلك بشارة خير سننتظر تحققها.. فالزائر حتما سيرحل.. وعابر السبيل إذا قضى حاجته ارتحل.. وأضاف "عندما تسمعون ضجيجا إعلاميا من قبل عناصر غير مسئولة تتحدث عن الثروة وتقسيمها، متناسيين إن عدن كانت قرية وأصبحت اليوم مدينة كبيرة..

قلت أما أن عدن كانت قرية فاسمح لي هذه إحدى كبوات جوادك وزلات لسانك.. نعم شهدت عدن تطورا وعمرانا وحركة.. لكن لفظ قرية لا يناسب عدن البهية مطلقا. كما أن أهلها هم عنوان تطورها ورقيها وليست مبانيها ولا سعة شوارعها..

وما زالت عدن وأهلها الذين سكنوها قبل الوحدة ينتظرون اعتذارا ممن وصفهم بالقروية والتخلف والعشوائية لأنه حتما لا يقصد نقاء القرية وصفاء أهل القرى. وانتقد سعي اليمنيين لتقليد دول الجوار قائلاً "أصبح الآن الهاتف في كل بيت فإذا كان أفراد الأسرة عشرة نجد أن لديهم عشرة جوالات، فنحن نقلد الدول الغنية. في الوقت الذي نصيح فيه من الفساد وكيف نحاربه، فهذا هو الفساد ، ونحن بهذا لسنا ضد الإنجاب وإنما مع تنظيم الأسرة وإنجاب مابين اثنين إلى أربعة أطفال حتى نستطيع تربيتهم التربية السليمة وضمان عدم انحرافهم"..

ولكن هل تعلم أن وزرائك ومسئولين في أجهزة الدولة لديهم وأبنائهم عشرات من الهواتف وإذا كان المواطن يسدده من جيبه فمسئولنا حسب حجمه يسددها من بند حكومي احتيالا وقس على ذلك كهرباء منازلهم وغيرها ففي شبوة مثلا وصلت ديون الكهرباء لدى مرافق الدولة ومنازل القيادات الأمنية وغيرها بالملايين لأن البند المخصص يسرق أو يذهب لتسديد حسابات أخرى. فالمواطن ليس هو السبب في فقر البلاد وتخلفها وإنما هو ببساطة يريد أن يعيش حياة الرقي والتطور وأن يفرح أهله بتوفير حياة عزيزة غير منكسرة لهم..

خاصة وهو يرى بعضا من أبناء الوطن يتمتعون بخيره من غير حق لهم.. كما أن مصروفات علاج أحد أبناء مسئوليكم في الخارج من مرض الزكام ستكفي حاجة مئات الأطفال من الطعام والشراب والملبس لمدة عام على أقل تقدير.. فالداء معروف ولكن أين الدواء..

وأخيرا كم عدد أولادك سيدي الرئيس.. وكم جوالا لديهم.. وكم .. وكم..؟

زر الذهاب إلى الأعلى