[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

شعبٌ يثور.. يسقط فرعون!!

لا يختلف اثنان على أن الثورة التونسية فتحت عهداً جديداً ونقلت العرب إلى مرحلة متقدمة اختصرت السنوات، ودفعت العلاقة بين الشعوب والأنظمة العربية إلى المواجهة والمكاشفة والمحاسبة، وأثبتت هذه الثورة كم هي هذه الأنظمة هشة وواهية، وأنها أوهن من بيوت العنكبوت، وأن الدول العربية أصبحت على موعد مع التغيير والثورة والانتقال من مرحلة إلى أخرى، وأن هناك عملية تحول كامل وتغيير شامل، وجاءت انتفاضة الشعب المصري لتعزز هذا الاتجاه، وترسخ هذا لطريق.

وإذا كانت الثورة التونسية الأم هي ثورة الحرية بكل ما تحمل كلمة الحرية من معان ودلالات وإشارات، فإن الدولة المصرية هي ثورة الكرامة، كرامة الإنسان المصري الذي أذله النظام الأمني والبوليسي التابع لحسني مبارك، فقد عمدت الأجهزة الأمنية وعلى رأسها أمن الدولة إلى إذلال وإهانة المواطن المصري بأساليب "بلطجية" ووسائل غير إنسانية.

هذا القهر والذل بالإضافة إلى الأوضاع المعيشية الصعبة والفساد المالي والإداري والعبث بالاقتصاد المصري وهيمنة وتسلط الحزب الوطني الحاكم على الحياة السياسية بصورة شمولية، وتحول الانتخابات إلى مسرحية هزلية وممارسة شكلية.. كل هذا بالإضافة إلى ارتهان النظام المصري للأميركان والكيان الصهيوني، أدى إلى الانفجار وحالة الغضب الشعبي والسخط الجماهيري، وحصر مطالبه برحيل حسني مبارك وإسقاط نظامه.

ومع شدة الغضب الشعبي واتساع مساحة الثورة والانتفاضة ومشاركة العلماء والمفكرين والقضاة والمحامين والمعلمين والمهندسين والكتاب والصحفيين وغيرهم من شرائح المجتمع المصري، إلا أن الرئيس المكروه يراهن على الموقف الأميركي والصهيوني.

فقد أصبح واضحاً أن الإدارة الأميركية والرئيس أوباما يقف مع الرئيس مبارك واستمرار النظام المصري الحالي مع القيام ببعض الإصلاحات الشكلية والتغييرات الجزئية، وبهذا تكون أميركا قد وضعت نفسها في مواجهة الشعب المصري ومطالبه العادلة والمشروعة برحيل مبارك وسقوط نظامه، والانتقال نحو الحرية والمساواة والكرامة، واستعادة مصر لدورها الريادي والقيادي في العالم العربي والإسلامي، وباعتقادي أن مبارك قد يسقط ولم تعد له أي شرعية لا دستورية ولا شعبية، خاصة بعد أن ترك بلاده لمدة ثلاثة أيام بدون قيادة ولا سلطة ولا أمن، وبعد أن أطلق سراح السجناء ليفسدوا في الأرض ويزعزعوا الأمن والاستقرار وينشروا الخوف والهلع والفوضى، كل ذلك انتقاماً من الشعب الذي خرج ليقول للطاغية إرحل، هذا الشعب الحر الذي توجه نحو مراكز الشرطة التي أذلت المواطنين ونحو مقرات الحزب الحاكم الذي أفسد الحياة السياسية وقام بإقصاء الآخرين وإلغائهم.. لقد تحول حسني مبارك ونظامه إلى رئيس عصابة يقود مجاميع من المخربين والفاسدين واللصوص وقطاع الطرق، إن ما قام به النظام المصري خلال الثلاث الأيام الماضية من أعمال السلب والنهب وترك البلاد بلا أمن ولا حماية ولا شرطة، يساوي ما قام به من فساد واستبداد طوال الثلاثين عاماً من حكمه.

إن ما يحدث في مصر هو ثورة شعبية عارمة وانتفاضة جماهيرية شاملة، لقد أصبح لسان حال ومقال غالبية الشعب المصري تقول "خلي عندك دم إرحل عنا ياعم".. وإرادة الجماهير أصبحت غالبة –بعد الله عزوجل- وأصبح الشعب المصري أمام مفترق طرق إما أن يرحل الحاكم الطاغية ويحكم الشعب، وإما أن يحكم مبارك ويطحن الشعب.

والحقيقة أن عناد وغباء وتصلب حسني مبارك وصل درجة غير متصورة ولا متوقعة.. لدرجة أنه يريد أن يستمر في الرئاسة ويواصل القيادة في الوقت الذي لا يريد أن يقوم بأي إصلاحات حقيقية ولا تغييرات جذرية، والمضحك المبكي في آن واحد، أن الرئيس المصري – الهالك – يقوم بتعيين نائب للرئيس ويشكل حكومة جديدة – قديمة- ويركن إلى الأميركيين والصهاينة، ويتشبث بالحكم والسلطة بصورة درامية وطريقة مأساوية، والأدهى أن حسني مبارك بهذه الخطوات الهزيلة والإجراءات العقيمة، يعتقد أنه سيبقى في الحكم والسلطة، ولا يدري أن انسحاب قوات الأمن بتلك الصورة المقصودة والأهداف المشبوهة، يعني تخلي النظام عن دوره وهروبه من أداء مهامه، وهذا يعد خيانة عظمى وانسحاباً من المواجهة والمعركة.

وبالتالي فإن مبارك يضيف إلى قائمة جرائمه جريمة أخرى، تعتبر أم الجرائم وأكثرها وحشية ونذالة وهمجية، مما يجعلها جريمة ضد الإنسانية، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقبلون، "والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون".

وقفات :
* عودة الشيخ المجاهد/ راشد الغنوشي إلى بلده تونس تعتبر الخطوة الثانية في الثورة التونسية، وكانت الخطوة الأولى متمثلة بفرار الرئيس "زين الهاربين بن علي"، ومن الواضح أن هناك تآمراً داخلياً خارجياً على الإسلاميين في تونس، العلمانيون المتطرفون يسعون لإقصاء الإسلاميين بعد الثورة، كما فعلوا قبلها.
* والغريب أن الإخوان المسلمين في مصر يتعرضون لمؤامرة مماثلة، حيث يظهر في الأفق تعاون بين قوى التطرف العلماني في مصر مع الدول الغربية، بهدف تهميش الإخوان، سواء نجحت الثورة وسقط النظام أو تم إجهاضها والالتفاف عليها.. "ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين".

زر الذهاب إلى الأعلى