آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

هذا ما حدث لي في ساحة التغيير

كنت "مخزّن" بعد المغرب في ساحة التغيير رفقة زملاء صحفيين وناشطين، تلقيت مكالمة من الزميلة غادة العبسي كان صوتها مخنوق بالبكاء، لم تستطع الحديث، بالكاد فهمت انها في ساحة التغيير بجوار الاكشاك، خرجت مهرولا مصدوما ذاهلا.

وصلت بدأت اسألها: ايش حدث؟ مالك؟ لم تجبني الا وشخصين يقتادوني قدموا انفسهم على انهم... من اللجنة الامنية، كانا يمسكاني من ذارعاي والزميلة غادة تتبعنا. ادخلونا خيمة صغيرة تؤدي إلى خيمة اخرى، كنت اتلعثم من الصدمة واسألهم بالحاح: ماالذي حدث؟ انا محمد العلائي، انا صحفي. كانوا يرددون انتم قتلة ودم الشهداء في اعناقكم. في الخيمة التي هي اشبه بمخفر شرطة متنقل وقاعة محكمة ايضا، يتم الفصل فيها سريعا.

حاولت اتصل بالزملاء الذي كنت معهم لكن شباب التغيير جردونا من تلفوناتنا بالقوة. واجلسوني بالقوة لم استطع توضيح شيء، ادهم شرع في الاعتداء على غادة، بدأت اشعر بالخوف. كانوا صلفين وغلاظ، اثنين منهم ملتحين ويبهررون بأعينهم.

بعد دقائق جاء اثنان يلتقطان صورا فوتوغرافية وآخر يصور بكاميرا فيديو، فهمت فيما بعد انهم يعرضونها في قناة سهيل ضمن قائمة ما يسمى ب"البلاطجة".

عرفت حينها طبعا ان سبب هذا الهتك والترويع والاهانات هو ان الزميلة غادة، التي تبحث عن وظيفة منذ سنوات، واعترضها قبل اسبوع عسكر من الحرس الرئاسي لانها سألتهم عن مكتب الرئيس تريد مقابلته لانها لم تحصل على وظيفة. كانت يائسة وقانطة وتريد اختبار صدق الاعلان الرئاسي بفتح مكتب صالح للمواطنين، فرد عليها الضابط متعجرفا: انت برغلية وتشتي تقابلي الرئيس؟!!!

قصدي ان سبب تصرف عسس الجامعة مع غادة هو انها جاءت لتوزيع استبيان عن القنوات الفضائية، كان بحوزتها مجموعة ورق لا غير، اعتبرها عسس ساحة التغيير مبتعثة من قبل "القتلة" لاختراق صف الثورة والتشويش عليه.
مشهد كابوسي، تذكرت جوزيف ك في رواية "المحاكمة" الذي يتم اقتياده إلى المشنقة دون ان يدري لم فعلوا ذلك.

مهما حاولت فأنا عاجز تماما عن وصف ما اشعر به، عن وصف ما حدث، لا زلت تحت تأثير الصدمة.

لم اتعرض لاهانة كهذه طيلة حياتي. لا اعتقد انه يمكنكم تخيل كيف ان الوجع والصدمة مضاعفة لانني تبهذلت على يد رجال التغيير الذين كنت اقاسمهم المصير. كتبت ضد السلطة وعارضت وانتقدت في شتى الصحف.

فليتلقوا شرحي للحادثة هكذا كيفما تلقوه، لكني اقسم لكم ان الفاشية تتخلق في ساحة التغيير في أجلى صورها. ما يزيدني قهر هو انني ذهبت متحمسا اليوم لمشاركة الشباب الذين ادهشتني عروضهم يوم السبت.

انا ضحية الثورة. والثورة هي المستقبل. اذن لن ينصفني أحد ولا زميلتنا غادة التي مارسوا ضدها ابشع انواع الارهاب والترويع.

Back to top button