آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

نحو يمن بلا صالح (2)

كنت قد كتبت قبل خمسة أشهر من الآن مقالة بعنوان (نحو يمن بلا صالح)، وربما كان يمن بلا صالح حينها حلم عزيز المنال، حلم شخصي تربيت عليه منذ صغري، وكم هي الحياة جديرة بالعيش إذا أصبح هذا الحلم واقعاً معاشا خرج فيه الشباب في كل ساحات الحرية في اليمن، مناديين برحيل هذا النظام الطاغية ورموز فساده، وبلاطجة حزبه الحاكم..

وإذا كنا نصرخ اليوم بحقنا في حياة كريمة وحرة ولائقة بعيداَ عن هذا النظام الذي صادر حياتنا على مدى أكثر من ثلاثيين عاما، إلا أن الشيء المثير للضحك هو عقلية الرئيس التي لاتتعاطى مع الواقع بشكل ايجابي، فمازال كعادته، وكما عودنا في ظروف تاريخية حرجة يتعامل بغرور ، ولا يفتح أذنيه لمطالب شعبه، معتقدا بغباء أنه يستطيع أن يتعامل معنا كالمشترك الذي كان يلعب معه لعبة شد الحبل، والتعالي، والتخوين، متناسيا أن إرادة الشعب هي أقوى من كل وسائل الترهيب والترغيب، ولا يمكن كسرها بتقديم مبادرات مضحكة من رئيس تعود على الكذب على معارضيه وعلى برلمانه وعلى شعبه، رئيس حاصر عدن وكسر عنفوان أبناءها وجعل من أي محاولة للتضامن مع هذه المدينة جناية يعاقب عليها القانون، بحيث أصبحت حتى أسمائنا معممة على المنافذ لمنعنا من دخول عدن.

الرئيس لم يفهم بعد أن مبادراته انتهى زمانها، وأنها تسلية نقولها لأطفالنا قبل أن يناموا" شفت آخر مبادرة للرئيس" ويتعب أطفالنا من العد، النظام البرلماني ، والكونفدرالي، وغيرها من المسميات التي اعتقد أن الرئيس لا يعيها أبداً، والتي طالب بها كثير من الشخصيات الوطنية قبل سنوات من الآن، والتي قوبلت بالرفض والتشويه من قبل جهاز إعلام اللوزي وشركاءه.

إني أعي أن مبادرة الرئيس وليس هذه آخرها، ستظل تنهل من الزمن القديم، ستظل ذكرى كنا نتمناها قديما، في حين أن اللافت في هذه المبادرات المتكاثرة بأنها لم تتطرق يوما ما إلى الجيش والمؤسسة العسكرية التي يلعب عليها والتي يمسك بها أبناءه وأبناء أخوته ، وابناء عمومته، بل للأسف أن خطابته المستفزة تحرض الجيش على أبناء الشعب ..

مازال في جعبة الرئيس كثير من الهدايا لنا، كثير من المبادرات، كثير من الخطب، وقليل من الحماسة والصدق، وأني أعي أن هذا الرئيس أصبح غير مؤهلا لتقديم المبادرات، أو لقيادة البلاد، لا من الناحية الدستورية ولا من الناحية الأخلاقية، فشرعيته الدستورية سقطت بخروج الشباب في ساحات الحرية مطالبين برحيله ومحاكمة رموز نظامه، وشرعيته الأخلاقية سقطت بسقوط الشهداء في المظاهرات السلمية في عدن وتعز واب وصنعاء وعمران والمكلا وغيرها، وكقناعة تخصني لم أؤمن يوماً بأن هذا الرئيس يمثلني، وان ذكرى حرب 94م مازالت ناراً تغذي مخيلتي كل يوم حتى أموت، ربما لا يعي هذا الرجل ما فعله في ذاكرتنا وفي قلوبنا، لا يعي القتل والحصار والتشريد والإرهاب النفسي والجسدي، والإخفاء القسري لكثير من الرموز الوطنية التي لا نعرف حتى الآن مصيرها..

شخصياً سأقول لهذا الرئيس كما قالت المناضلة العزيزة ابتسام القرشي ابنه المناضل سلطان القرشي المخفي قسريا منذ ثلاثة وثلاثين عاما..لقد سئمناك يا سيادة الرئيس.. سئمنا ظلمك، وكذبك، وإرهابك، سئمنا ادعائك الكاذب عن منجزات وهمية، سئمنا مجدك المزعوم عن تحقيق الوحدة التي كانت حصيلة ذاكرة الأدباء والشهداء منذ مئات السنين قبل مجيئك، وأنك لم تفعل شيء سوى إجهاض هذا الحلم وبث الكراهية والحقد بين أبناء الوطن الواحد، سئمنا مبادراتك، وخطاباتك، وصورك الجاثمة على قلوبنا في كل مكان نذهب إليه، سئمنا اسمك، واسم عائلتك، وأقربائك، وأصهارك وكل الناهبين لأموالنا وثروتنا وخيراتنا، سرتك وأبنائك، لن أقول إنه حلم عزيز المنال كما كتبت قديما وإنما واقع أراه الآن في عيون الشباب، وفي حماستهم، وفي بهجتهم وهم يصرخون مرددين: " ارحل".

هل تسمعنا؟؟ شخصياً لا أظن..

رابط الحلقة الأولى:

نحو يمن بلا صالح

زر الذهاب إلى الأعلى