مازالت الأزمة اليمنية تراوح مكانها وما يزال الممسكون بخيوط اللعبة فيها لم يحزموا امرهم نحو الحسم ذلك ما يظهره الاضطراب الشديد في المواقف السياسية والاعلامية التي ما زالت تراوح مكانها وتدهش الجميع بتصريحاتها وتخرج بالجميع نحو البعد عن كل التوقعات.
وما زالت لعبة شد الحبل بين أطراف الأزمة هي السائدة حتى أن أقرب التوقعات حدوثا عند الكثير من المراقبين باتت أبعد التوقعات حدوثا في معطيات الأزمة المنية.
فالمتابع لمواقف أطراف الأزمة في اليمن يرى تذبذبا شديدا في مواقف السلطة من جهة ومواقف المعارضة من جهة أخرى فما تطرحه السلطة اليوم من مشروع لحلحلة الأزمة تكون المعارضة على النقيض منه حتى لا تمر فترة يسيرة الا وقد كانت ما تطرحه المعرضة هو مشروع السلطة بالأمس ومشروع السلطة بالأمس هو مشروع المعارضة اليوم.
وإزاء هذا السجال والذي يراد منه في استراتيجية بعض الأطراف إطالة امد الأزمة لتحقيق مكاسب على الأرض وفرض شروط على التفاوض بأنصاف حلول تؤول في النهاية إلى خروج جميع الأطراف ولو على سبيل الإجمال الظاهر تحت قاعدة لا غالب و لا مغلوب
وتحت هذا الغبار الثائر والمشهد الدراماتيكي المترنح وما يدور من تحت الطاولة ترتيب الأوراق للدفع بالأطراف الممكن الوصول إليها للمشاركة في أخذ دور في هذا الترتيب علها تخرج بأمور منها:
1- تفادي ما حدث في الثورتين السابقتين وما حققته من نجاح في أكبر مطالبها وهي إزاحة رؤوس الأنظمة الديكتاتورية.
2- إخراج نموذج مختلف عن النموذج الليبي الدموي والخروج بمكاسب تضمن لأطراف يهمها كثيرا أن يبقى اليمن مستقرا ولو لبعض الوقت حتى تستطيع التقاط أنفاسها والحفاظ على مصالحها وترتيب أوراقها
3- التأكد من وجود طرف كما يصفه الرئيس ( أيدي أمينة ) يستطيع الحفاظ على الملفات الشائكة للنظام البائد والالتزام بتبعات ما تحمله تلك الملفات لصالح القوى الفاعلة والمؤثرة في الأزمة اليمنية
4- استخدام طريقة المناورة علها أن تفت في صمود الشارع وبالتالي الوصول إلى تنازلات تفضي إلى تزحزح الشارع عن مواقفه المتصلبة أو التخفيف منها على أقل التقدير.
وعند التدقيق في المواقف المتضاربة سواء للسلطة أو المعارضة في جانب وثبات موقف الشارع في جانب آخر وإن كانت المعارضة تشكل جزء فاعلا فيه يبدوا أن مآل الأزمة اليمنية في الأيام القريبة القادمة لن تخرج عن أحد المسارات التالية للوصول نحو الانفراج وإنها ربما تشكل نموذجا مختلفا في صورته لا في نتائجه عن نماذج الثورات المشابهة في الدولات العربية والمسارات هي:
أولا: أن النظام سيبقى في حال المراوحة و المراوغة والبقاء على لعبة شد الحبل ومسك العصاء من الوسط وبالتالي تزداد الأزمة تعمقا على الصعيد السياسي والثوري والاجتماعي مما يزيد غضب الشارع والتهابه وينضاف إليه تحت طائلة هذا الغضب ممن لم يدفعهم غضبهم للخروج إلى الشارع وبالتالي يؤدي إلى تسريع حل الأزمة.
ثانيا: وصول القوى الخارجية والمتفاعلة إلى قناعة صادقة لضرورة التسريع من إزالة النظام وبالتالي الالتفات إلى الشارع بما في ذلك المعارضة ووضع يدها في يده باعتباره البديل الحقيقي عن النظام وهذا سيشكل أكبر ضغط على النظام مما يؤدي الانهيار السريع له.
ثالثا: بقاء النظام على التصلب والمماطلة ومحاولة شق صف الخصوم بأساليب مختلفة ومحاولة وإن كانت يائسة قد تؤدي إلى تغيير مهم في استراتيجية قوى الجيش المنضم للثورة وانتقاله من دور الحامي لها إلى دور الفاعل فيها. وهذا لا يؤمن منه الاحتكاك مع القوى المساندة للنظام و الحامية له مما يؤدي في نهاية الأمر إلى سفك الكثير من الدماء إذا لم يكن سريعا وحاسما وناجزا
رابعا: أن يستفرغ النظام جميع الاعيبه واساليبه ويحرق كل أوراقه التي يراهن عليها والتي خسر منها الكثير والمهم في المرحلة الماضية مما يؤدي به إلى الإفلاس أو الاستسلام أو الانسحاب متخليا بذلك عن أتباعه وهذا الاحتمال قد يكون مكلفا وعائما نظرا لأنه يترتب على وجود عقليات في النظام تعتقد أنها ما زالت لديها مساحة واسعة للمماطلة والمناورة
خامسا: أن تطور المعارضة بما في ذلك الشاب لأساليبها فتدفع بالنظام للمواجهة أو العكس بحيث يستعجل النظام ويسرع بالمواجهة الحقيقية مع المعارضة وبدون خطط مدروسة ومحسوبة فيؤدي إلى عواقب غير منضبطة وقد تكون كارثية ( كما يفزع بها النظام ) من إدخال البلاد في غياهب المجهول.
أخيرا: كل هذه الاحتمالات واحتمالات أخرى يضاف إليها عامل الوقت تجعل من اللاعبين في ساحة الآزمة اليمنية أن يجدوا لا نفسهم مساحة يستطيعون أن يجدوا فيها ولو على صورة عاجلة ترتيب بعض الأوراق وتقسيم الأدوار للمرحلة اللاحقة لانجلاء الأزمة اليمنية وتقسيم الأدوار لمرحلة ما بعد نظام صالح.