الاثنين الماضي، أي قبل أسبوع بالتحديد، كتبت تحت عنوان «الرئيس اليمني قبل الشريط الصوتي»، واليوم ها نحن ندخل مرحلة ما «بعد» الشريط الصوتي، حيث تعرض الرئيس صالح لمحاولة اغتيال نجا منها بأعجوبة، وغادر إلى السعودية من اجل العلاج، فهل هذا هو الخروج النهائي لصالح؟
كل الاحتمالات مفتوحة، وقد تكون مغادرة صالح للسعودية من أجل تلقي العلاج هي بداية انفراجة الازمة اليمنية، أو انفجارها اكثر، خصوصا بعدما انزلقت الأوضاع بصنعاء إلى مواجهات دامية. فقصف الرئيس صالح في مسجد القصر الرئاسي اثناء صلاة الجمعة يعني الكثير، وأول ما يعنيه أن هناك انشقاقا مؤكدا في الدوائر الامنية المقربة من دائرة الرئيس، فالواضح من عملية استهداف صالح أنها كانت دقيقة جدا، من ناحية التوقيت، وانتقاء الهدف، أي الصفوف التي كان فيها الرئيس ومن معه من القيادات.
وبالتالي فإن ذلك كله يعني عمليا ان حكم صالح قد انتهى، فطالما ان القصر الرئاسي يقصف، والمباني الحكومية تحتل، ناهيك عن المظاهرات المستمرة، ومنذ اشهر، فأي شرعية تبقى للنظام الحاكم في اليمن؟ ولذا فمع خروج صالح للعلاج في السعودية يكون اليمن قد دخل مرحلة جديدة وحساسة، فإما أن تكون هي الانفراجة، أو أنها لحظة الانفجار التي كان يخشاها الجميع، لا قدر الله.
ولذا فإن المتوقع اليوم هو إما أن يحسم الامر في صنعاء من خلال احتلال القصر الرئاسي وإعلان انتهاء حكم صالح رسميا، خصوصا أن انقسامات بدأت تستجد في صفوف رجاله بعد تعرضه لمحاولة الاغتيال، أو أننا سنرى اندلاع قتال عنيف في اليمن على السلطة، لا قدر الله، وهو أمر إن حدث فلا يعلم عواقبه إلا الله، وهذه هي الخطورة، وهذا ما نرجو ألا يحدث.
وقد يكون هناك احتمال ثالث وهو أن خروج الرئيس صالح من صنعاء لتلقي العلاج في السعودية ما هو إلا خطوة سيعلن بعدها صالح تنحيه عن السلطة لأسباب صحية، ويتنازل عنها لأحد الشخصيات الحكومية المقربة منه، وكلها احتمالات بالطبع، لكن المؤكد أننا اليوم أمام نقطة تحول حقيقية في سير الاحداث، قد تكون بداية النهاية، أو فتح أبواب الجحيم في اليمن، لا قدر الله. وعليه فإن المؤكد اليوم ايضا اننا امام رحيل الرئيس العربي الثالث، وبعد أن أصدر شريطا صوتيا، على غرار القذافي ومبارك وقبلهم صدام حسين، وهو أمر مؤسف عندما يصل الحال بالرؤساء إلى هذه المرحلة، حيث كان من الأولى حقن الدماء، وتجنب هدم الاوطان، والمغامرة بها. ورحيل الرئيس العربي الثالث يعني ايضا أننا اليوم امام مرحلة حاسمة قد تغير شكل التوتر الحاصل في المنطقة، ففي حال تحقق انتقال سلمي للسلطة في اليمن، وتم الخلاص من القذافي في ليبيا، وهو امر بات وشيك الوقوع، فعندها ستقترب ساعة نظام الاسد بدون شك.
ولذا فإنه يبدو، والله اعلم، أن الشريط اليمني سيكون اكثر الاشرطة تأثيرا في سوق السياسة العربية بالمنطقة، وعلى غرار الأشرطة الأكثر مبيعا!