مع تعود المواطنين في العاصمة صنعاء على أصوات الرصاص بمختلف أنواعها المدفعية والرشاشة ، ينام الناس على تلك الأصوات ويصحون عليها اعتادوا على أنها حرب بين طرفين ، فالكل يدعو ويبتهل إلى الله أن تتوقف مثل هذه الأصوات المشئومة التي هي إذا ما استمرت فإنها نذير لحرب شاملة ، ويكرر الناس القول اللهم اهلك الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين.
مساء الأربعاء كان هو الأعنف في ضرب الرصاص حيث أصيب الناس بالهلع والخوف الشديدين من جراء إطلاق الأعيرة النارية الثقيلة والخفيفة ومضادات الطائرات ، والغريب في الأمر أنها انطلقت من المعسكرات لم يعلم المواطن المسكين ما لذي جرى ، فالبعض عمل على جمع اغراضة من اجل أن يبتعد بعيداً عن تلك الفوضى وذلك الخوف.
كنا ضد إخواننا المعتصمين الذين ابتهجوا برحيل الرئيس إلى المملكة للعلاج ، حينها أقاموا الاحتفالات وقاموا بتوزيع اللحوم على المحتاجين ، ومع سؤالي لأكثر من شخص قالوا إن فرحتنا ليست في إصابة الرئيس واستهدافه ولكن الفرحة هي على رحيله خارج اليمن وبالتالي نأمل في تنفيذ المبادرة الخليجية.
ومع الليلة المرعبة التي عاشها المواطن اليمني في صنعاء وبعض محافظات الجمهورية تلك الليلة التي أخافت الناس ، كون البلد تمر بمرحلة عصيبة بل وغاية في الخطورة والتعقيد.
كنا نتمنى من أنصار الرئيس أن يذبحوا الثيران ، ويتركوا مذيعي قناة سبأ واليمنية أن يرقصوا ، وكنا نتمنى أن تقام المهرجانات ، بدلاً من استخدام أساليب الغوغائية والتعبير عن المقامره وليس الفرحة الحقيقية ، نريد الفرحة التي لا تخيف المواطن نريدها فرحة كاملة فرحة انتهاء الأزمة.
كيف لي كمواطن يمني أن أطلق الأعيرة النارية في الهواء وكيف لي أنا كقائد معسكر أن استنزف المال العام بأوامر عليا ، وكيف نبتهج ونفرح والناس يعانون اشد المعاناة ، لو يعرف القائد العسكري كم يعاني المواطن من اجل أن يلقى قيمة اسطوانة الغاز ، ولو يعرف القائد العسكري كم يعاني المواطن من التنقل بين الشوارع بسبب عدم وجود البترول والديزل ، ولو يعرف أن الناس بدون ماء ، ولو يعرف أن الناس يفتقدون للأمن ، لما أقدم على الضرب في الهواء بداعي الفرح، اعتقد أن الكل يعرف بهذا ، ولكن نلاحظ أن التاريخ يعود بنا إلى مرحلة حكم الإمام احمد عندما أمر الشعب آنذاك أن يتقطرن ، وهاهو التاريخ يعيد نفسه ونحن نلاحظ أن البعض بل الكثير يتقطرن بطريقة أو بأخرى.
الكارثة لا تكمن فيما ذهبت إليه وحسب ولكن الكارثة الحقيقية أن الكثير من إخواننا في الشوارع وفي أسطح المنازل في كل المحافظات أصابهم نصيب من ذلك العمل ، يتمثل في وفيات وإصابات في جميع المحافظات بسبب الأعيرة النارية التي امتلأت بها سماء اليمن في كل المحافظات.
إن الحرية والتعبير عن المشاعر لها حدود معينة ، وتتوقف حرية الفرد عندما تبدأ حرية الآخرين ، ويقال ( أنا حر لكن لا اضر) ، لو كان هناك تعبير عن فرحة حقيقية لكنا شاهدنا العاب نارية تضيء سماء جميع محافظات الجمهورية ، ولكننا لم نرى فرحة رأينا شيء آخر يعرفه من قام بذلك العمل ، كيف لي أن افرح وهناك أمهات وآباء يبكون ويشكون من ذلك العمل أولادهم يقطنون المستشفيات بسبب سقوط تلك الرصاصات على رؤوسهم ترى لأجل من يموت ويصاب هذا أو ذاك كل هذا بسبب غياب المسؤولية.