[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

هستيريا الفرح بالأسلحة الثقيلة.. صنعاء نموذجاً!

في ليلة هادئة من ليالي صنعاء العامرة ، وفي منتصف الليل والنَّاس نيام ، مطمئنين بعد هدنة بين أولاد الشيخ الأحمر وقوات صالح ، وإذا بسكون الليل يشق سكونه إطلاق نار كثيف في مختلف أرجاء العاصمة وبعض المحافظات وبمختلف أنواع الأسلحة ، تتداعى الأسر ويسود الرعب من حرب شاملة قد نشبت وخاصة مع سماع دوي الأسلحة الثقيلة ، وعلى الرغم من تعود سكان صنعاء عاصمة اليمن السعيد على مغامرات طائشة بين الحين والآخر يسمع من خلالها إطلاق نار لصراع على أرض أو لخلاف بين مليشيا مسلحة أو لمواجهة عناصر كما يقال خارجة عن القانون ، إلاَّ أن الجديد في مأزق اليمن الراهن استخدام الأسلحة الثقيلة بشكل عنيف في مناطق سكنية غالبية مساكنها لا تحتمل أي نوع من تلك الأسلحة.

إن التحول الذي نحن بصدده الآن وسع من دائرة الخوف ، وأصبح السكان ينتقلون من حي إلى آخر بحثاً عن الأمان ،إلاّ أن الصراع جعل من أمانة العاصمة بكل حاراتها غير آمنة ، وإن قرروا الخروج من صنعاء قد لا يحالفهم الحظ بسبب الإقفال لأمانة العاصمة في بعض الأحيان ، وفي بعض الحالات إن سمح للسكان بالخروج فقد تكون الطريق غير آمنة في بعض المناطق خارج صنعاء.

أمام تلك الصورة من الرعب والخوف المسيطر على سكان أمانة العاصمة والذي شهدت الأيام الأخيرة انفراجة محدودة بعد التوصل إلى اتفاق يتم من خلاله وقف إطلاق النار مع أولاد الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر وتسليم المنشآت الحكومية التي تم السيطرة عليها ، على أمل تحقيق تسوية سياسية تحقق الانتقال السلمي للسلطة ، إلاَّ إن الغريب في الأمر أنه ومع حالة الأمل بعودة الهدوء ، يلاحظ على الأرض نشر المزيد من القوات العسكرية يقال أنها تتبع الحرس الجمهوري في الشوارع والتقاطعات الرئيسية ، كما يتردد أيضاً أن هناك توزيع للأسلحة والذخائر لبعض أنصار الحزب الحاكم بمبرر التجهيز لاستقبال الرئيس عند عودته من رحلته العلاجية ، إذن فمشهد الهدؤ في الأيام الأخيرة يحمل الكثير من علامات الاستفهام.

إن من غرائب هذه الأيام أيضاً ما تعرض له سكان أمانة العاصمة وبعض المناطق اليمنية ، وفي ساعة متأخرة من مساء يوم الأربعاء 8/6/2011م، والمتمثل في إطلاق نار كثيف وبمختلف أنواع الأسلحة بما فيها المدفعية والدبابات ، وهو ما أدى إلى نشر حالة من الرعب في الأحياء والحارات ، والأغرب من ذلك وتحت إطلاق النار الكثيف تسمع الزغاريد التي كانت تطلقها بعض النساء في المنازل ، وكون أجزاء واسعة من أمانة العاصمة في حالة ظلام دامس ، لم يكن يعرف غالبية السكان سبب ذلك الإطلاق وتلك الزغاريد باستثناء أنصار الحزب الحاكم والمتابعين لقنوات السلطة وبعض وسائل الاتصالات الأخرى التي كانت توجه رسائل خاصة إلى أنصار السلطة ، توجههم بمراحل إطلاق النار بشكل متزامن على مستوى الجمهورية ، والمؤسف أنه تبين فيما بعد أن أنصار الحزب الحاكم كانوا على علم مسبق بتوقيت إطلاق النار بل ومشاركين فيه ، بينما بقية السكان ساد في أوساطهم الرعب والخوف معتقدين أن الهدنة مع أولاد الشيخ عبد الله خرقت وأن الحرب أصبحت شاملة على مستوى كل أمانة العاصمة.

إن حالة إطلاق النار الكثيف ومن مختلف أنواع الأسلحة والتي هزت أمانة العاصمة ، بل وإطلاق بعض النساء للزغاريد وسط المئات من قذاف الدبابات والمدفعية و...الخ ، لا يمكن تفسيرها سوى أنها حالة هستيريا غير مسبوقة ، حالة الهستريا تلك أهدرت ملايين الدولارات من قوت الشعب الفقير، حيث تم شراء تلك الأسلحة بملايين الدولارات أغلبها لازال في هيئة قروض تسدد خلال عشرات السنين القادمة ، فما هو ذنب هذا الشعب الطيب أن يدير مقدراته ومستقبله مجموعة من المغامرين والحمقى، حالة الهستريا فعلاً أصابت كل من وجه أو أطلق المدفعية والدبابات والأسلحة المتوسطة والخفيفة في أحياء آمنة وفي منتصف الليل ، حالة الهستيريا فعلاً أصابت النساء المزغردات تحت وابل من القذائف ، حالة الهستريا أصابت من صدق إعلام السلطة المضلل وبدون يقين أو صوت و صورة ، حالة الهستيريا تلك للأسف أثبتت أن أكبر أعداء اليمن هو الجهل ، لأننا لو قمنا بتحليل بسيط لنوعية أولئك المغفلين لوجدنا أن غالبيتهم أن لم يكن جميعهم من الأميين ومحدودي الثقافة ، وإن وجد فيهم متعلمون فسوف نجدهم من المرتبطين بمصالح مباشرة مع السلطة وهم من يقودون المغفلين والأميين من البسطاء في لحظة من الغفلة والشك ، وعلى الرغم من ما كتب عن خطر الأمية والفقر في تدمير الشعوب في الأدبيات التنموية والسياسية ، إلاَّ أن ما نشاهده اليوم يفوق كثيراً تلك الكتابات والأوصاف، بل أنه يثبت أن اليمن بعد حوالي خمسة عقود من ثورتها لم تغير في وعي المجتمع ، فحادثة (القطران الشهيرة) التي اختبر بها الإمام وعي اليمنيين في القرن الماضي،وما حدث ليلة 8/6/2011م لا يختلف عنها كثيراً؟!!

أخيراً إن ما حدث مثَّل هستريا بكل معنى الكلمة ، لأننا لم نسمع أو نرى في التأريخ المعاصر على الأقل أن عاقلاً وفي وسط أحياء مكتضة بالسكان يفرح بإطلاق أعيرة الدبابات والمدفعية لساعات ، ونساء يزغردن وسط صخيب المدافع والدبابات وتلفاز يبث المشهد، ولأجل أحداث لم يعرف حتى الآن حقيقتها ولازالت في طي الكتمان ، لأن حالة الرئيس التي يحتفل بها لم يصدر أي بيان رسمي وموثق يوضح حالته وحقيقة ما جرى في جمعة القصر الرئاسي...فهل وصلت عقول الناس إلى أن يصدقوا الوهم ثم يفرحوا به!!! ، ثم انه في حال تبين صدق سلامة الرئيس وعودته للوطن ، هل يستدعي ذلك إرعاب السكان أم إفراحهم!!!، وهل يرضى الرئيس بإهدار ملايين الدولارات في الهواء ، في وضع اليمن قادم فيه على انهيار اقتصادي محقق!!! أما إن قالوا أننا قصدنا إيصال رسالة لقوى الثورة فإن ذلك لن يغير في الأمر شيء ، لأن ما هو مشاهد فعلاً أن كل المغامرات السابقة بما فيها الهجمات المباشرة على ساحات التغيير زادت الشباب ثباتاً ، بل وفي كل تصرف أهوج وارعن مثل هذا يزيد عدد المؤيدين للثورة ويضعف الحزب الحاكم ، أما إذا قيل هدف ذلك تعزيز الروح المعنوية لدى أنصار الرئيس صالح فذلك ممكن لساعات ، ولكنه لن يطول لأن الحقيقة لن تتأخر كثير وسيصاب أنصار صالح بخيبة أمل وأزمة نفسية شديدة الخطورة سيكتوي بنارها من غشوهم وغدروا بهم ، لذلك يمكن القول أن حالة الهستيريا تلك لا مبرر لها وتعد ضربا من الجنون ضررها أكثر من نفعها ، ونود أن نبعث رسالة أخيرة ونذكر كل من أرعب الناس وأنفق ملايين الدولارات في الهواء ومن قوت الشعب المغلوب على أمره ، ونقول إن الله عدل وجبار ومنتقم سيقضي بعدله على كل من أهدر أموال الشعب وأخاف الآمنين في أنصاف الليالي ، وختاماً نرجوه تع إلى أن يولي على اليمن خيارها ويدفع عنها شرارها..آمين.

موضوع متصل:
- مليشيا الحاكم في العاصمة.. خرق دستوري ونذير شؤم
https://nashwannews.com/news.php?action=view&id=11847
في صنعاء.. "تقطرَن" البعض! -
https://nashwannews.com/news.php?action=view&id=12354

زر الذهاب إلى الأعلى