اشتعلت ليلا سماء عتق عاصمة م / شبوة بأعيرة نارية مسرجة .. روعت الأطفال والنساء .. وأتضح أنها عملية مبرمجة في توقيت زمني واحد في عدد من المحافظات ..
والسبب قيل بعد ذلك على لسان الممثل القدير عبده الجندي أنهم مجموعة من أبناء الوطن الطيبين طاروا فرحا بنجاح عملية الرئيس فوصل بهم الفرح إلى طيران طلقاتهم المسرجة في السماء .. هذه هي عقلية النفاق والعناد .. عقلية لا تمت للصلاح والصالح العام بأي صلة .. كيف تكون طلقات في السماء ترتد لتقتل بشرا وتصيب أبرياء من شعائر الفرح ؟! لو أن ثمنها جُمع لتم به رصف شارع أو بناء مدرسة أو غيرها من الخدمات المعطلة في البلاد .. ويأتي هذا في وقت يعاني فيه المواطن من أزمات خانقة تتمثل في انعدام كثير من الضروريات اللازمة للحياة .. فمن انقطاع البترول والديزل إلى عدم توفر الغاز ويصاحب ذلك انقطاع للكهرباء في عز أيام الحر .. وهذه كلها عمليات مخطط لها مسبقا وهي ما يعرف بفن صناعة الأزمات وتنفذها الحكومات وفق برنامج زمني محدد وبوسائل بشرية وإعلامية قوية لتحقق لهم أهدافا تكون نتيجتها الإضرار بالثورة وإطالة حكمهم إلى اجل محسوم ومنها :
تحميل الثورة أسباب هذه الأزمات من خلال أبواقهم البشرية في الطرقات والمجالس وأماكن التجمعات .. فتجد رجلا بجوار محطة بترول مزدحمة يصرخ فجأة : كل هذا بسبب ثورة الشباب رجعوا لنا عليا ويكفي .. فيرد عليه زميله في جوقة التمثيل : صحيح والله كنا عايشين تمام .. ويبدأ الناس المقهورون من الأزمة بترديد كلامهم مقتنعين بأن الثورة هي السبب الرئيس في هذه الأزمات متناسين تماما ظلم الحاكم وجبروته
التخويف والتهويل من القادم غدا وأنه سيكون أبشع وأشنع من هذا .. ففي ظل هذه الثورة سيكون القتل والدمار والتفجيرات وسيتم استباحة المحافظات من القاعدة أو غيرها ..مرددين : قد كان علي أفضل لكم من غيره .. قلتم لازم ثورة وفجرتموها فتحملوا ما سيحدث لكم من العقاب وما هذه الأزمات إلا بدايات .
إلهاء الناس بمتطلبات حياتهم وأسباب معيشتهم وتحريك كوامن القلق والخوف في نفوسهم على من يعيلونهم من الأبناء والأهل فيذهب الرجل أياما يصول ويجول وراء أحد هذه المفقودات أو يقف يوما كاملا في طابور طويل ليحصل على طلبه المأمول .. وربما صار شعاره الجديد الشعب يريد دبة غاز أو بترول .
اهتزاز ثقة بعض الشباب بقضيتهم وتحقيق هدفهم وخاصة حين يرون نفسية الناس المحطمة وتوجيه التهم لهم بأنهم سبب المصائب والأزمات .. فيتساءل : أهؤلاء هم الذين أدافع عنهم واتعب نفسي من اجل تحقيق مستقبل أفضل لهم .. إنهم يستحقون ما يجري لهم من ظلم الحكام .. فيفقد حماسته ويقل جهده ونشاطه .
الانتقال بهذه التضجرات والتأففات عبر أياديهم الخفية إلى مرحلة الثورة الكاذبة وذلك بالهجوم على تلك المؤسسات المسئولة عن هذه المواد وتدميرها أو نهبها .. وتتولد ثورة مزيفة في رحم الثورة الحقيقية تنافسها بين الناس في حجم التأثير وتضر بها بين الشباب في ساحات التغيير ..
والسبب الأهم في رأيي هو أن هذه الأزمات المفتعلة من قبل السلطة تعمل على تهيئة الشارع الثائر بشبابه وأحزابه وتكتلاته إلى القبول بأي اتفاق ينهي هذه الأزمة الخانقة مقابل نجاتهم من العقاب والحساب .. وعودة الحياة إلى طبيعتها أصبح مطلبا شعبيا ملحا اليوم فقد ضاق الحال بالناس ولم يعد يهمهم أن يُحاكم علي أو قيران !! المهم انتهاء الأزمات بأي طريقة وأي ميزان .. كما أن رمضان قد أقترب وكم من البشر لا يحتمل رمضان وحده فكيف به مع أزمات واعتصامات وسحور وفطور .. وقد ولت أيام بدر الكبرى وحرب العبور ..
إن هذه الأزمات تحمل بصمات فنية من إخراج القصر الجمهوري وأمنه القومي .. مما يضع أمام أهل الشأن تحديا في تفنيدها وكيفية الرد عليها وكشف أبعادها للناس .. فالسلطة وتوابعها برغم العسر والضيق الذي يعيشونه ما زالوا يبدعون في افتعال الأزمات وصنع عجائب المنكرات وقد يصل بهم الأمر إلى أبعد من ذلك بتفخيخ السيارات وزرع القنابل في الأسواق والطرقات وما ذلك ببعيد على من يظن أنه هالك لا محالة .. وهم يقومون بالترويج للأزمة من خلال أداء يستحق جوائز الأوسكار لممثلين بارعين دربهم على التزييف والكذب المخرج المبدع عبده الجندي .. يندسون بمهارة بين الجموع مرددين : كل هذا بسبب ثورة التغيير .. فيشعل كلامهم ضيق بسطاء الناس المتعبين من الوقوف والحر فينفلتون يهاجمون الثورة وما أوصلتهم إليه .. بينما يخرج صاحبنا من بين الجموع منتقلا إلى مكان أخر ينشر فيه عبارات جوفاء أصبحت عند كثير من الناس معتقدا لا تغيير له .. الثورة سبب كل بلاء .