لقد شهد 22مايو1990م يوماً تحقق فيه حلم اليمنيين بقيام الوحدة اليمنية الخالدة بعد لقاءات واتفاقيات بدأت منذ 1972م وانتهت بتوقيع اتفاقية الوحدة في 1989م أي بعد حوالي 17عشرعام من الحوارات والحروب!!
تلك الوحدة التي كان لأبناء المحافظات الجنوبية نصيب الأسد في القبول بها ، ولكن مما يؤسف له أن تتحول أحلام اليمنيين في عام 1994م إلى حرب وجحيم خسر اليمن فيها عشرات الالآف بين شهيد وجريح ، ومليارات الدولارات من الخسائر المادية ، وقيل حينها أن تلك الحرب انتصارٌ للوحدة والشرعية ، وفعلاً كان العديد من أبناء المحافظات الجنوبية شركاء في تلك الحرب ، بل لا ننسى الفرحة الصادقة التي بدت على بعضهم في 7/7/1994م، ولكن ماذا بعد وما هو سر التحول في موقف أبناء المحافظات الجنوبية ، ولماذا تصاعدت الكراهية لكل ما هو شمالي ، حتى وصل الحال إلى إعلان الحراك الجنوبي السلمي في 7/7/2007م أي بعد حوالي 17 عام من قيام الوحدة !!!، بل ووصل الأمر حد وصف القوات الحكومية بالقوات المحتلة، ثم ارتفع سقف المطالب إلى فك الارتباط ، وشكلت حوادث القتل وإحراق المحلات التجارية ذروة الاعتداءات التي طالت أبناء المحافظات الشمالية ، وتطور الأمر قبل اندلاع الثورة الشبابية إلى مواجهات مسلحة في مع الجيش والأمن في بعض المحافظات ، إذن ردود الأفعال تلك لم تكن عفوية ، بل هي نتاج لممارسات أعقبت حرب صيف 1994م، وعلى رأس ذلك التجاوزات التي حملت ثقافة (الغنائم) وطالت أراضي وعقارات وثروات المحافظات الجنوبية ، ومن ذلك ما أوضحته لجنة حكومية مقربة من السلطة بما عرف (تقرير باصرة هلال)، وإذا كان ذلك من طرف مقربين من السلطة فما هو مستوى المخالفات إذا شكلت لجنة محايدة!!!إن من شملتهم قائمة تقرير باصرة هلال تمثل جزء من الحقيقة التي دفعت بعدد كبير من أبناء المحافظات الجنوبية إلى تغيير موقفهم من الوحدة.
من يتابع وسائل الإعلام منذ سنوات يدرك أن يوم)7/7(من كل عام أصبح يعني يوم الندم لدى العديد من أبناء المحافظات الجنوبية ، باستثناء المستفيدين من السلطة وهؤلاء غالبيتهم يعلن غير ما يخفي ، والدليل على ذلك أن العديد من هؤلاء ما إن خرجوا من السلطة حتى بينوا مواقفهم من الوحدة ، وغالبيتهم الآن يشكلون قوام المعارضة في الخارج.
إن موقف أبناء المحافظات الجنوبية لم يتغير إلاَّ بعد قيام ثورة الشباب ، وبدأت بعض قيادات الحراك الجنوبي تعلن إسقاطها لمطلب فك الارتباط ، واختفت الأعلام الشطرية ، أملاً في أن تعيد الثورة الشبابية الشعبية السلمية تصحيح مسار الوحدة سياسياً وتعالج كل مخلفات حرب صيف1994م ، بما في ذلك إعادة الأراضي المنهوبة إلى أصحابها سواء الأفراد أو الدولة ، كما اُسقط تراجعت خيارات مطالب الانفصال بعد إحساس أبناء المحافظات الجنوبية بأنهم أصبحوا شركاء مع إخوانهم من أبناء المحافظات الشمالية في مسيرة الثورة الشبابية السلمية.
على الرغم من ما ذكرناه سابقاً حول تخلي بعض قيادات الحراك عن خيار فك الارتباط ، إلاَّ أن ذلك مرهون بمدى تحقق مطالبهم من الثورة الشبابية الشعبية السلمية ، وغير ذلك فخيار فك الارتباط سيظل قائماً ، ولا يستبعد أن يعيد الحراك الجنوبي ترتيب أوراقه من جديد ويدخل آليات جديدة لتحقيق ذلك الهدف.
قد يقول قائل وما دخل ذلك بيوم 7/7/2011م، نقول إن ما حدث في هذا اليوم يمثل استفزازاً لمشاعر أبناء المحافظات الجنوبية وتعزيزاً للكراهية التي توارت عن الأنظار خلال أشهر من ثورة الشباب ، الاستفزاز جاء بعد أن سربت وسائل إعلامية أن فيديو خطاب الرئيس كان موجوداً في التلفزيون منذ أيام ، وأن تأخيره حتى)7/7(كان مقصوداً ،كما أن جزء من تصريح الرئيس تناول قضايا دستور دولة الوحدة و...الخ ،وقد عبر الأستاذ عيدروس النقيب في مقابلة إعلامية عن ردة فعل أبناء المحافظات الجنوبية تجاه ذلك الفيديو.
إن ما حدث يوم 7/7/2011م من جرح لمشاعر أبناء المحافظات الجنوبية يمثل استفزازاً مضراً بالوحدة اليمنية ، ومن خطط للتوقيت بالذات مارس سلوكاً انفصالياً، كما إن تغطية وسائل الإعلام المرافقة للحدث والتي نقلت إساءات وتحريض وشتائم موجهة من أنصار الحزب الحاكم إلى المعارضة ، إضافة إلى قيام أنصار الحزب بإطلاق النار بصورة هستيرية أدت إلى وفاة وجرح المئات من المواطنين ، كل ذلك يمثل دعوة واضحة للكراهية والتفرقة ،وكان الأحرى بالإعلام الرسمي أن يكون مروجاً للوحدة لا أداة للفتنة والتفرقة كونه يدار بأموال الشعب.
أخيراً نكتب ذلك ونحن ندرك مدى شعور أبناء المحافظات الجنوبية بتلك المعاني ، بل لقد كانت ردة الفعل واضحة برفع الأعلام الشطرية في بعض المدن وفي نفس تلك الليلة ، لذلك نقول مرة أخرى من دفع أبناء المحافظات الجنوبية لذلك السلوك هو انفصالي وعدو للوحدة ولكن في موقع آخر من الوطن هو عاصمة دولة الوحدة ، فالانفصال لا حزب ولا مكان ولا لون له ، بل هو ممارسات تناقض الوحدة والوطنية والعدالة الاجتماعية والحرية ومن قام بها يعد انفصاليا، نرجوه تع إلى أن يحفظ لوطننا الحبيب وحدته على قاعدة العدالة والحرية والكرامة إنه على ما يشاء قدير.