[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

الانعكاس السلبي لثورة مصر

يمكن اعتبار توكل كرمان وخالد الآنسي بمثابة التجسيد الأمثل للإنعكاس السلبي المتأتي من سحر ثورتي مصر وتونس. وكنت تناولت التأثيرات غير المرغوبة لهاتين الثورتين على الحركة الاحتجاجية في اليمن، بنوع من التفصيل. كان هذا قبل شهرين تقريبا، وقدمت مقترحات أولية لبرنامج عمل ميداني يتألف من عدة نقاط تشدد على خصوصية النموذج اليمني واختلاف مساراته، ويهدف إلى محاصرة أعراض الحالة والمتمثلة حينها في وقوع الكثير من شباب الساحات تحت وطأة الاحساس بطول المدة ومعاناتهم مزيج قاتل من مشاعر الصدمة والخذلان وخيبة الامل.

وكنت اتوقع أن يؤدي اللقاء المشترك هذه المهمة، بكل شجاعة وحنكة، على اعتبار انه حافظ في مستواه القيادي على حس موضوعي نسبيا بالواقع وحقائقه ومقتضياته وممكناته، على الرغم من ممارسة المتحمسين في الساحات دورا ضاغطا كان له مفعول مزدوج على أداءات المشترك، فمن جهة كان هذا التطرف والتصعيد يعزز الأوراق التفاوضية للمشترك ويترك النظام أعزل، لكن من جهة أخرى ساهم في ارباك تحركات المشترك ومناوراته ونال من ثقته بنفسه، ناهيك عن أنه جعله عرضة احيانا للتخوين والانتقاد الساخط والتعنيف. بمعنى ان المشترك اصبح، في لحظة ما، رهينة لهذا المزاج المتعالي على الواقع.

حتى هذه اللحظة هناك من لا يريد تصديق أننا كنا نطارد أوهاما متوهجة تتسم بالتعقيد والرومانسية المفرطة، لقد كانت يوتوبيا ترفض الاعتراف بالواقع أو حتى القاء نظرة على محتوياته، والتعاطي معه ووضعه في الحسبان عند كل خطوة وحلم.

اولئك الذين سمحوا لانفسهم بالتحليق بعيدا متأثرين بخيال شخصي مخادع أو من كانوا فريسة لدعايتهم، يحتاجون بالفعل لمن يساعدهم لجعل احلامهم اكثر واقعية. الامر يشبه إعادة التأهيل عبر الجلسات العلاجية لشخص محطم الفؤاد يحمل على كتفيه عبء الخسارة والانكسار.

لقد حققوا باندفاعتهم الرائعة ما لم يكن ليخطر على بال أحد قبل فبراير، ولقد حان الوقت لاستخلاص الدروس والتحلي بالحكمة والرشد والتواضع والمسؤولية.

لا تزال الفرصة مواتية وإلا سنجد انفسنا وجها لوجه مع كتائب موت جديدة جامحة.

زر الذهاب إلى الأعلى