واجه مستشار أمين عام الأمم المتحدة جمال بن عمر، حسب حديث جانبي عابر، ما وصفه ب"الأسئلة الصعبة" في لقائه المفتوح ببعض الإعلاميين والصحفيين اليمنيين لعرض نتائج مساعيه الحميدة لحل الأزمة الصعبة في بلد يصعب حل مشاكله المتوالدة بسهولة!
لم تك الإجابات الدبلوماسية من مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن سهلة هي الأخرى، إذ لم يدلِ بتفاصيل شاملة عن لقاءاته مع شخصيات سياسية يمنية، الشباب منهم والشيوخ، فوجد في الدبلوماسية، بدبلوماسية، منجاة من إعلاميي وصحفيي اليمن الذين قوّله بعضهم ما لم يقله، وكذا من الثنائية الصعبة: الأسئلة والأزمة.
بيد أنه بعودته الرابعة لاستطلاع الحالة يجد عناصرها وآثارها كما قال في لقاء سابق: "أكثر سلبية من ذي قبل".. فيقدم توصيفات دقيقة للحابل والنابل المختلطين، بأنها:
أزمة سياسية، وحركة شبابية، معاناة شعبية، تدهور اقتصادي، وضع إنساني خطير، تشرذم سياسي، بأطراف كثيرة ذات وجهات نظر متعددة، انهيار لسلطات الدولة في عدة مناطق باعتراف كثير من المسئولين، تهديد الأمن والسلم الإقليمي والدولي، قضايا عالقة ومعيقة لدخول المرحلة الانتقالية، اتساع دوائر الخلاف، والطريق السياسي المسدود تحت سماء ممطرة بالمشاكل من قبل وصول بعثة الأمم المتحدة من نيويورك مما يصعب مهمتها التي جاءت برئيسها من أجل حلها لرابع مرة.
ولرابع مرة جاء لأهل اليمن في سبيل الحوار، لبحث حل الأزمة السياسية مع أطرافها الكثيرة على الجانبين، حسب رؤية بن عمر، وهو ما عبر عنه ب"التشرذم السياسي".
وصدق فيهم قول الله عز وجل:
"وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ".
وكان ذاك مدعاةً لإبداء الأسف الأممي على تدهور الأوضاع في اليمن بفعل ما تطور وحدث ودار من تطورات أحداث وأحاديث، لم تغيب في نفس الوقت "تفاؤل" جمال بن عمر بانفراج الأزمة رغم كل ذلك.
و"كل ذلك" يتلخص في: "تباين أولويات كل طرف من أطراف الأزمة"، فمثلاً إذا أعلن واحد عن خارطة طريق، نفى الثاني علمه بها، ورفض ثالث قبولها، وامتنع رابع عن مناقشتها، وندد خامس برد الفعل تجاهها، وصمت سادس عما يحل بها، وهكذا دواليك.. وبدلاً عن تقارب وجهات النظر، التي اكتشف بن عمر أنها متعددة، لكثرة أطرافها المعنية، تباعدت وجهات النظر بتباعد الأسفار والأجندات بين أصحابها. وهكذا تبدد الفُرقةُ جهود ومساعي التقريب والالتقاء.
وإذا التقوا على "الرغبة في الحل" كما تلمس المبعوث الأممي، "تفرقت إرادات سبأ" في الخطو نحو الحل، إذ أن "أهل سبأ" بارعون في اختلاق المشاكل، عاجزون عن حل أي منها!
ولعل "افتراق الإرادات"، و"ابتعاد الخطوات" نحو الحل، و"تباين الأولويات" في خلق مناخ التهدئة، هو ما سيضيفه جمال بن عمر عن الحالة اليمنية في تقريره الرابع عن زيارته الأخيرة خلال شهر يوليو 2011م، باعتبارها آية نوايا غير حميدة تحبط كل المساعي الحميدة!