آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

إلى الصامتين: ألا ساءَ ما تحسبون!

بَسمِ اللهِ الرَّحمن الرَّحيم
(لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لاَّتَّبَعُوكَ وَلَكِن بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) صَدقَ اللهُ العَظِيم.*

إلى الصَّامِتِينَ القاعِدِين الذينَ يعتقدونَ أنَّ الصَّمتَ موقِفٌ حصِيفٌ وخيارٌ عاقِلٌ وابتعادٌ عنِ الفِتْنةِ. هَيْهاتَ إلَّا الصَّمتَ هُوَ الفتنةُ ذاتها وعينُها؛ وهوَ الشَّيطانُ الذي أخرسَ الحقَّ فيكُم أنْ تَرَوهُ جَهاراً نهَاراً؛ حيثُ قامتِ الثَّورةُ وبانَتْ الرَّزِيَّةُ عَلَى هذِهِ الأُسرةِ السَّاقطةِ وفُضحِتْ لهم كلُّ عَورة ؛ فقُلتُم ' مَالَنا وهؤلآءِ وَلِهذهِ الثَّورة '.. ألا سَاءَ ما تحسبون!

وصَمتُكم هوَ الفِتْنَةُ لَوْ تَعلمُون.. والله يعلمُ أنَّكم *لكاذِبون. هُوَ صِمتُكم الذي أرْجَأَ الغَيثَ ؛ ولكنَّهُ لنْ تَرْجعَ سَحائبُهُ ولنْ تَقِفَ مساربُهُ وستَحْلُو مَشارِبُهُ ؛ وسيحيا النَّاسُ مَرَّةً أخرى ؛ فابقُوا على صَمتِكم ولَنْ تضرُّوا النَّاسَ شيئاً وسَيجزِي اللهُ الثَّائرينَ على ثورتهم على فسادِ هذهِ العِصابةِ الفاسِقَةِ الظَّالمةِ ( والكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُون )! فلا تكونوا مِنَ الظَّالِمينَ أنفسَهُم ؛ فالْكُفْرُ هوِ الظَّلْمُ عَينُهُ ولا شيءَ سِواه!..

والصَّمْتُ عَنِ الظُّلمِ هوَ النِّفاقُ. وقُعُودكُم عَنِ الخروجِ على الحاكمِ الظَّالمِ هُوَ الفتنةُ. فبسُكوتِكم تفتِنونهُ في التمادي في قتلِهِ للناسِ *؛ والعَبَثَ بما بقِيَ مِنَ المَاسِ ؛ وأنْ يعِيثَ فسَادَاً ؛ ألَاْ فلْيتَّعظُوا - ولتَتَّعظوا - فأينَ ذهبَ الرَّأس؟.. ومَا حادِثَةُ المَسجِدِيين ببعيدةٍ ؛ أفلا تفقهون ( يا أشباهَ الرِّجَالِ ولا رِجال ؛ يا حُلُومَ الأطْفَالِ وعقُولَ ربَّاتِ الحجَال )!.وما أسقطَ الحَقَّ يومَ صِفِّينَ عَنْ يَدِ الإمامِ إلا الصَّامِتُونَ؛ حِينَ ماتتْ أوَّلُ تجربَةٍ للثُّوَّارِ في اختيارِ صادقٍ لوَلِيِّ الأمرِ مِنَّا (... وَأُوْلِيْ الأمْرِ * *مِنْكُم ) وليسَ ' أُوْلِيْ الأَمرِ ' عليكم. وشتان ما بينَ ' مِنْكُمْ ' و' علَيْكُمْ ' أَفلا تتدبَّرونَ الآياتِ!؟..

وَصَدَقَ ربُّ العَزَّةِ عَزَّ مِنْ قائِلٍ :(*لَقَدِ ابْتَغَوُاْ الْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُواْ لَكَ الأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ ).. وسيظهرُ أمرُ اللهِ عمَّا قريبٍ ، بِإذنِهِ .. وسيعلمُ الصَّامِتُون أيَّ مُنقَلَبٍ سينقلِبُون !..

ألا إنَّ المُؤمِنُ الحَقُّ لَاْ يستأذنُ مِنْ أحدٍ في الخروجِ على الحاكمِ الفاسِدِ والظَّالم*
( لَاْ يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ ).. وِلِكنَّهمُ المرتابون مِنَ النَّصْر هُمُ القاعدون المنافقون الصَّامتون عن نصرِ الحقَّ والإنتصار للنِّاس. ( إنّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ * يَتَرَدَّدُونَ ) ؛ لِأنَّهُم لو (*أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ ) .. ولكَأنَّمَا هي حِكمة ُ الله الباقية تنتقلُ مِن زمنٍ آخر . والسَّببُ هوَ أنَّهُ ( لَوْ*خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ). والحمدللهِ أنْ أوْرَثكمُ الصَّمتَ ؛ فأقْعدَكُم عنَّا.

والدَّعوةُ إلى الثَّورةِ والتَّغيير ، قَدِيمَةٌ يومَ هبطَ آدمُ إلى الأرضِ وكانَ لنا فيها مَتاعٌ ومستقرٌّ ؛ إلى حين يرثُ اللهُ الأرضَ وما عليها. وَمَا وَرَدَ عنِ الرَّسول القُدوَةِ ، والثَّائرِ الأوَّلِ في الأثَرِ * ( أنتمْ كَمَاْ يُوَلَّى عَليكُمْ ) أو ( كَمَا تَكُونوا يُوَلَّ عَليكُمْ ) هُوَ دَعوةٌ صَريحةّّ ، وصرخةٌ مُدَوِّيةٌ للثَّورةِ والتَّغيير والبناء. وتلك العبارةُ تعني ضِمْنَ ما تعنيهِ ' ثُوروا على أنفسِكم وتغيَّرُوا، واختاروا مِنْكُم القويَّ لا الضَّعيفَ ؛ المُصلِحَ لا المفسدَ ؛ العادلَ لا الظالمَ ؛ لتكونوا أقوياء غيرَ ضعفاء ومصلِحين غيرَ مفسدين ؛ وعادلين غيرَ ظالمين ' والعكسُ بالعكس. فالقلبُ إذا صلح صلح الجسدُ كله ،واذا فسدَ فسدَ الجسدُ كلُّهُ. وما هو الكيانُ المدني للأُمَّةِ غير جسدٍ ، وقلبها مَنْ يحكم هذا المجتمعُ بالإختيار مشروطاً بعقدٍ مدني تختارهُ أغلبيةُ الأمةِ.*

وللهِ درهُ مِنْ رَجُلٍ ، ودرهم مِنْ رجالٍ مُؤمنينَ.. ( صَدقُوا ما عَاْهَدُوا اللهَ عليهِ ) ، فِي نصرة المظلومِ على الظالمِ ، والوقوفِ في وجهِ عصابةِ الفساد ، والظلم ، *والكذب ، وفي وجهِ مَنْ بقيَ مِنْ ( أَدْممْ الدِّمْ ) ، وعفافيْشِهِ منَ السُّوقةِ والطَّفَيلّيين على النَّاسِ والأرضِ.. وإنَّا معهُمْ بانتظارِ الْمَنْدِيْ المُنْتَظَر.. وليسَ رمضانُ الفتح ببعيد!

والصَّلاة والسَّلام على قدوتِنا الثَّائرِ العربي الأوَّلِ مُحمَّدٍ الرَّسول والنبي والقائد والرَّئيس.

إنَّ اللهَ يأمرُ بالعدْلِ والإحسانِ، وينهى عنِ الفحشاء والمنكرِ والبغي والفساد، وقتل النَّاسِ ، وتجويعهم ، ولا يحبُ من لا يحبهم الناس.

قُوْمُوا إلى ثورتِكم فأتِمُّوا وضع الأدْمِمْ والفئران المتبقية من هذهِ الفلولِ الفاسقة في الجواني واقطعوا بواسيرَ هذهِ الأرض - فإنهم بواسيرها - وَبَسْبِسُوا أَبَائِبْ أبَتَهُمْ .. يرحمني ويرحمكم الله. وأقيموا صلاتكم تحت رايات النصرِ المبين إنْ شاء الله.
والسلام.*

خُطبة من
حزب البسباس (ح.ب)
عبدالكريم عبدالله عبدالوهاب نعمان
فرجينيا - الولايات المتحدة الإمريكية

زر الذهاب إلى الأعلى