قبل أكثر من عامين كتبت مقالا بعنوان : ( رمضان للتصالح أيها الرئيس الصالح ) ويومها ناصحا تمنيت على الرئيس من أجل الوطن وشعبه الكريم أن بقدم دليلا للآخرين على صدق توجهه نحو الصلاح ولم الشمل وأن يقوم بخطوات ملموسة نحو التصحيح بتصفية الفساد ومحاربة المحسوبية وتقديمهم للقضاء والبدء في تحجيم مراكز القوى وعدم توريث الوظائف للأبناء , وأن يبدأ في تنفيذ ذلك بالقريبين منه من المسئولين والأسرة الكريمة ..
ومضت السنون وها نحن في رمضان جديد فماذا سنقول فيه للرئيس الصالح اسما وغير ذلك أفعالا وأقوالا .. النصح ولم يفد بل لم يجد له أذانا صاغية ولا قلوبا مطمئنة وربما كان يومها يعد ذلك النوع من القول عنوانا للجبن والخوف ودليلا على الضعف وعدم القدرة على المواجهة ! وتقديم التنازلات من قبل المعارضة والرضا بأقل القليل من المكتسبات لم يجد نفعا كذلك بل زاد من غرور الحاكم وبطانته الفاسدة وظنوا أنهم في موقع لا يسمح لهم بأي تنازل ولو كان من البقايا والفتات وليذهب الوطن إلى الخراب والدمار والمواطن إلى الفتنة والحرب .. والحوار لم يؤدِ إلى نتيجة إلا ما كان من زيادة المماطلة وكسب الوقت والتفنن في تفسيرات فحوى الخطاب ومضمون الجواب وكل ذلك كان يصب في تثبيت حكم الحاكم وإطالة مدة بقاءه على كرسي البلاد ورقاب العباد ! والصبر بلغ منتهاه فلم يعد المواطن قادرا على تحمل هذا الكم الضخم من الفساد وسوء الإدارة والظلم ونهب الخيرات وتدمير كل جميل قد تم بناءه في هذا الوطن الحبيب ..
لم يعد للصبر مجال ولا مكان فكيف يطيق المواطن صبرا وهو يرى كيف حولت هذه الأسرة الحاكمة وهذه البطانة الفاسدة حلم الوحدة الجميل إلى كابوس مخيف وكيف تحول حب الشقيق إلى عداء عميق بفعل ممارسات متعمدة وجرائم علنية ارتكبتها قيادات في هذا الوطن دون خوف من محاسبة ولا وجل من عقاب .. ولكن للأسف فقد تطورت القضية من مرحلة كره القيادة والمفسدين إلى كراهية الحدث الذي كان سببا في وجودهم .. صار المواطن المغلوب على أمره يكره أعظم منجز في تاريخ اليمن ويعتبر يوم 22 مايو هو يوم الاحتلال .. وهذه عينة واقعية تعيش معنا في ثنايا الوطن فلا مجال لإنكارها أو المزايدة عليها .. ولكن لماذا لم يتساءل الرئيس ومستشاروه الأشاوس حينها ما الذي أوصل شريحة من الشعب إلى هذا المستوى ؟! وما الذي جعلهم يرددون هكذا مطالب ؟ لماذا لم يفكر الصالح كيف الحل وأين المخرج ويبادر في عمليات الإصلاح وترميم البيت من الداخل .. لم يفعل ذلك لأنه حينها كان يعيش حلم التتويج ونشوة ما أريكم إلا ما أرى.
واليوم في خضم الثورة المباركة وشهر رمضان المبارك أي خطاب سنوجهه للرئيس وماذا سنطلب منه !!
ماذا سنقول له وفي حكمه القصف يطال الأسر والبيوت الآمنة في أرحب وزنجبار ونهم وعدن!
ماذا سنقول له وفي حكمه يعيش الناس أزمات مفتعلة من انقطاع الكهرباء وشح الماء وانعدام الغاز والبترول والديزل وقطع الطرقات بين المحافظات والترهيب من غد أشد سوءا من اليوم.
ماذا سنقول له وفي حكمه الوطن يتمزق وأهله يعيشون أسوأ لحظات حياتهم المعيشية والأمنية .. لحظات لم يشهدوها في حكم الإمامة ولا الاشتراكية .. لحظات فقدوا فيها الانتماء والأمان وضعف الإخاء وحب الإنسان.
ماذا سنقول له وفي حكمه صار الراكب يسير من صنعاء إلى عمران ومن شبوة إلى حضرموت ومن عدن إلى لحج ويتنقل من قرية إلى قرية ومن مديرية إلى أخرى وهو مدجج بالسلاح الخفيف والثقيل وكثير من الناس صار سلاحه زوجة ثانية له لا يفارق فراشه أبدا .. فلا آمن ولا دولة حقيقية تحمي الناس في الطرقات.
ماذا سنقول له وفي حكمه شهدنا أعتى أنواع الفساد والظلم في القضاء والأمن وفي الإدارة والتوظيف وفي كل مجال ومكان .. فساد مقنن وممنهج لكل شي ثمنه المعلوم ولو أتيت بكل مواد الدستور وبكل لوائح القانون لتقول لهم أن هذا غير قانوني ولا دستوري ولا شرعي ما تبعوا قولك وما كان لك إلا ما قرره قانونهم الفاسد.
ماذا سنقول له وفي حكمه انتفض الشعب قائلا له ( ارحل ) فبادلهم بالكلام خصام وبالسلام حطام وبالمسيرات السلمية هراوات البلطجية ورصاص القوات الأمنية والعسكرية .. وبدلا من حراسة الوطن والشعب صارت قواتنا تحرس العائلة الملكية ..
ماذا سنقول له والدماء تسفك في الشوارع وأرواح الشهداء تحلق في المواقع شاهدة على جبروت الحاكم وطغيانه ! بأي حبر ستكتب له وبأي لغة سنتفاهم معه ؟ لقد كثر الكلام وطال الحوار وتعددت المبادرات وتنوعت المخارج والحلول خليجية وعربية.. وانهالت الضغوطات أمريكية وأوربية .. وكلها تصب في دوامة لا مخرج منها .. وتسعى إلى وأد الثورة في مهدها .. ولها مآرب ومصالح أخرى .. وأما نحن الشعب الطيب المناضل فمطلبنا هذا العام واحد ولا بديل له : رمضان للتنحي والرحيل يا رئيس الخيل ..