فى اطار ايمان الدول العربية بوضعية مصر القيادية في دائرتها العربية , قّدّر لمصركأكبر الاقطار العربية نهضة وقوة ونفوذ أن تكون لها الريادة في قيادة النظام العربى ولهذا سّلمت الاقطار العربية بالدور القيادي لمصر في قيادة النظام الاقليمي العربي منذ بدايات الخمسينيات من القرن المنصرم , بالرغم من الحساسيات والتوترات التي سببها هذا الدور النشط لبعض النظم العربية التي رأت فيه تهديدا لوجودها ,.مماجعل مصر تدخل في عشرات المعارك السياسية من خلال لعبة التوازن ,غير ان حقبة السبيعينيات اقترنت بمجموعه من التطورات اهمها اعادة تشكيل القوى في المنطقة واعادة توزيع مصادر القوة والنفوذ وذلك نتيجة تأثير الثروة من جهة وانفراد مصر بأجراء تسوية مع اسرائيل من جهة اخرى مما ادى إلى اهتزاز دور الدولة القائد في النظام العربي , غير أن التنافس الخفى أستمر بين بعض الدول الطامحة لقيادة النظام العربى في ذلك الوقت وعلى رأسها العراق, ولقد شكل الاحتلال الانجلو-أمريكى للعراق ضربة اخرى للنظام العربى واعتبرت في نظر الكثير من المراقبين اهم محاولات انتهاء وتفكيك النظام العربى وما لحق به من التدخل الإيرانى بالعراق وابقاء المشكلة اللبنانية منطقة تجارب دوليه لتبقى الدولة اللبنانية غير قادرة على ضبط حالة التفكك التي تشهدها ساحتها مع اتساع نشاط جماعات التطرف والارهاب التي وجدت ملاذا خصبا في بعض اقطار الوطن العربي, ناهيك عن قضايا الاصلاح التي شكلت محور العديد من التفاعلات الاقليمية والتي اصبحت ضرورة حتمية لاصلاح البيت العربي الذى زحفت الية موجة ثورات الفيسبوك الجديدة من تونس ومصر. تأسيساُ على ذلك وجدت السعودية نفسها الطرف الاول والمراجع في قيادة النظام الاقليمي العربي بعد غياب مصر والعراق منذ عام 2004, حيث ادت الطفرة في اسعار النفط إلى تبدل مفهوم الثورة بالثروة بموجب الموارد التي تملكها دول النفط ,لذلك لعبت السعودية نتيجة لهذا العامل بالاضافة إلى العامل الديني دورا مهما في العديد من المواقف بين الدول العربية مما اكسبها دورا هاما في تعزيز نفوذها في النظام الاقليمى العربي ووقوفها كحكم ووسيط في النزاعات العربية رغم ما يؤخذ على السعودية انها تتاخر في لتدخل والتوسط إلى حين التأكد من فرص النجاح.
ما يلاحظ في الاوتة الاخيرة ان مصر اصبحت بالفعل غير قادرة على ممارسة دورها القيادي وعدم رغبتها في ذلك وخصوصا بعد الاحداث التي شهدتها مصر في اعقاب ثورة 25 يناير وانكفائها لتمّكين وضعها الامني الداخلى وتهدئة الشارع المصرى الذي يتم في كل يوم رفع سقف مطالب الناس والاحزاب وعدم وجود اي رغبة للمؤسسة العسكرية التي تقود مصر حاليا في التدخل في اي شأن داخلي للدول العربية الاخرى, كذلك لا توجد خريطة طريق واضحة امام هذه المؤسسة وبالتالي يمكن القول ان مصر تم فصلها عن المشرق العربي الذي كان تاريخيا ضمانة امنها ومصدر تهديده في الوقت نفسه لذلك فانه يترتب على السعودية دور عربي ومحوري وان عليها التصّدر لمعالجة الملفات العربية,لبنان العراق ,فلسطين,اليمن ليبيا ونشوء دولة جديدة في جنوب لسودان وسوريا حاليا في ضوء عزلتها الاقليمية والدولية التي تعيشها نظرا لتطور الاوضاع الداخلية فيها ,وعلى ضوء ذلك يمكن القول ان السعودية الان تضطلع بدور اقليمي يسمح لها اكثر من غيرها بالمبادرة إلى ألتأثير في الاحداث.
.
السعودية تسعى جاهدة منذ فترة طويلة لاحتواء الدور الإيراني وتحجيم مساحته في المنطقه هذا الدور الذى الذى يحاول القفز عن الحواجز من خلال محاولات إيران العبثية لكسر طوق التحفظ العربى على دورها في المنطقة, ولهذا يحسب للسعودية دورها الملحوظ والذى أدى إلى احتواء مخططات البنتاغون في توجية ضربة أمريكية لإيران بسبب ملفها النووى لما له من عواقب وخيمة على منطقة الخليج العربى والشرق الاوسط. السعودية كذلك كانت احد البؤر المستهدفة من ثورات الربيع العربي الذي لم ينتهي إلى الان وقد استطاعت السعودية بصلابة وحنكة قيادتها وسعة البصيرة والحاكمية الرشيدة التى هى أهم منطلقات النظام السعودى من الصمود ومواجهة التحديات من الجهات الاربع التى طوقتها كما أن التفاف ابناء الوطن السعودى خلف قيادته الرشيدة مكنت هذا البلد الشقيق والعزيز من تجاوز المحن, لقد اصبحت السعودية الان القوة التي تسيّدت في النظام الاقليمي العربي رغم عدم عمل مؤسسات النظام الاقليمي وعجزها شبه التام في مواجهة الملفات التى تم ذكرها . نأمل ان يسهم هذا الدور السعودى النشط على مختلف الصعد في التقليل من حدة الفوضى الخلاقة التي يتم تصديرها للوطن العربى من خلال ما يسمى ثورات الربيع ( الفيس بوكية) وظروف النظام الدولي, وذلك في اطار رؤيتها الاستراتيجية العربية والاسلامية, لهذا يسجّل للمملكة العربية السعودية الدور الهام لتحقيق التفاهم والتكافوء والتعاون بين الاقطار العربية ورعاية المصالحات من اجل تماسك البيت الداخلي العربي وذلك ضمن اطار سياستها الحيادية ودورها بوصفها وسيطا مقبولا من الاطراف العربية .والسؤال هل ينجح الدور الاقليمي السعودي في تحقيق اهدافه؟
الواقع والمعطيات تقول بأن هذا يعتمد على دول محورية على استعداد ان تشارك في دعم السعودية لكي تستطيع ان تواجه هذه الملفات والازمات الاقليمية الساخنة واعتقد ان الاردن وقطر هما الدولتان المرشحتان لتكونا الشريك الاساس في هذه المرحلة والمرحلة اللاحقة لاسباب تفرضها ظروف اللحظة من ناحية وظروف التغييرات السريعة التى تجتاح المنطقة مستقبلا من ناحية اخرى وعلى رأسها القضية الفلسطينية, فاسرائيل سوف تواجه تحديا دوليا صعبا في حالة تحرك الفلسطينين لاعلان دولتهم من جانب واحد وبالتالي لن تّسلم اسرائيل بهذا الامر بسهولة وبالت إلى ستّصدر أزماتها الداخلية لدول الجوار من خلال افتعال حروب وأزمات في المنطقة , ولكي نتحدث صراحة فان السعودية يجب ان تقود قاطرة العمل العربى اّلان والفرصة مهيأه امامها, فالولايات المتحدة تخلت عن حلفاءها التقليديين في استباق للحدث, وعلى ضوء ذلك على السعودية ان تاخد بزمام الامر للسيطرة من اجل المحافظة على الانظمة المحافظة واستقرارها وضمان استمرار أمنها كى تبقى خادمة لشعوبها وهذا ما يجعلنا نطمئن ان مصالح اخواننا في الخليج العربى تلتقي مع مصالح الاردن فالدعم اللوجستي الذي قدمته الاردن والدعم المالي الذي قدمته السعودية للمجلس الانتقالي في ليبيا وفرض النظام وحمايته في البحرين من قبل السعودية متمثلة في قوات درع الجزيرة والقوات الاردنية والمشاركة الفعالة من خلال خطة مجلس التعاون الخليجى لتهدئة البؤرة الملتهبة في اليمن والضغط السعودى باتجاة التهدئة في سوريا مما يجعلنا نؤكد القول ان السعودية بدأت تتبنى دورا اكثر جراءة ومقدرة على ادراك الصراعات وفق رؤية حكيمة لخادم الحرمين الشريفيين الملك عبدالله بن عبد العزيز ووفق ما تتطلبه المرحلة الحالية من البحث عن اّليات لتطوير النظام الاقليمي العربى لما يحقق التوازن في جميع عناصر التوازن الاستراتيجي.
يمكن القول أن المملكه العربية السعودية ستبقى محل تقدير واعجاب جميع الاشقاء في الوطن العربي من خلال ثبات سياستها الخارجية الامر الذي اكسبها حضورا متميزاً ودورا مؤثرا ايجابيا لصالح قضايا النظلم العربى مما يعطيها دفعة قوية لقيادة النظام العربى حاليا انطلاقا من قيادتها لدول التعاون الخليجى العربى مع الاردن كعضو جديد فاعل ومؤثر.