بعد قرابة عقدين من العمل السياسي يعود وزير الخارجية د. أبوبكر القربي في اليمن (منذ 14 ابريل 2001) إلى تخصصه الأول: طب وجراحة.
الوزير الطبيب المتخصص (بدقة أكثر) في أمراض الجهاز الهضمي والغدد الصماء، والحاصل على عدة زمالات من كليات دولية، يجري منذ أشهر عمليات جراحة وتجميل لوجه نظام، يعاني من حالة موت سريري، وتشوهات جمة.
وكأحد قلة في حكومة "التكنوقراط" دخل الطبيب الجراح أبهة السلطة من بوابة جامعة صنعاء حيث كان أحد أكاديمييها، وجلس على كرسي وزير التربية والتعليم في 1993م، وبعد شغله وزيراً للخارجية اليمنية في 2001م أعيد تعيين القربي لثلاث مرات (2003- 2006- 2007) لذات الوزارة التي يرى مقربون رسميون إن دورها تضاءل كثيراً في ظل القربي الوزير، الذي غالباً ما يوكل إليه الرئيس صالح – حسب دبلوماسي بريطاني – المهام التي لا يفهمها؟ أو "قضايا ثانوية فقط" كما يرى محمد أبو لحوم القيادي المستقيل عن المؤتمر الشعبي العام، الذي يلفت إلى أن 90% من قرارات السياسة الخارجية تحصل خارج وزارة القربي، وأن الـ10% المتبقية تحت السيطرة لا علاقة لها بالسياسة الخارجية تجاه الولايات المتحدة ودول الخليج.
ويتفق شبه إجماع لدى عدد كبير من مصادر السفارة الأميركية في صنعاء على عدم وجود دور فعلي لوزارة الخارجية التي يترأسها الطبيب الجراح ويبدو من غير الواضح لدى الأميركيين ما إذا كان الضعف المؤسساتي يمتد إلى وزير الخارجية الذي يبدو لها تمتعه ببعض التأثير الشخصي على الرئيس وذلك بغض النظر عن موقف ليبيا المؤسف فقد تعرض القربي في القمة العربية الأخيرة لما طٍر من غضب الرئيس نقل على أثره الوزير الطبيب إلى العلاج في السعودية (مشفى النظام الكبير).
ومنذ غياب الطبيب الجراح عن بلده في مهمة سياسية، عابرة للقارات، ظل القربي محطَّ احتمالات إعلامية في عزمه تقديم استقالته، خاصة بعد طفو حديث عن خلاف بين جناحي (الحمائم والصقور) في الحزب الحاكم، الذي ينتمي القربي إلى جناحه الأول، لكن الأخير نفى وبشدة كل تلك الاحتمالات، التي استدعت عودته إلى صنعاء لاجراء عملية جراحة لحالته الطارئة.
غير أن العملية التي يجريها حالياً الوزير في وجه النظام، في دول الاتحاد الأوربي وبلدان الزمالة الطبية، لم ينجح أي منها في تحسين الوضع الصحي المتدهور تماماً في الجسم الذي يعد القربي أحد وظائفه وغدده الصماء ما استدعى رفض وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون مقابلته، غير مرة.
وأمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أطلق الوزير الجراح كلمة اتهم فيها المعارضة اليمنية بالتهديد باشعال حرب أهلية، ولم ينس تأكيده أن حكومته تدافع عن الديمقراطية وتحمي حقوق الإنسان وتشديده على أن المجموعات المعارضة غير قادرة على القبول بإعادة انتخاب الرئيس صالح في 2006، متهماً إياها بالقيام بأعمال تخريبية للاستيلاء على السلطة.
وفيما كان الوزير الجراح بصدد عمليته الأصعب، كانت موجة استياء يتسع صداها، بدءاً من أبناء الجالية اليمنية ب"نيويورك" الذين اعتصموا أمام مقر الأمم المتحدة ووصفوا القربي ب"سفير التضليل".
يهوى القربي الشعر والبلياردو ويصف نفسه بالديمقراطي وأن الاستبداد ليس من مقومات شخصيته "أبداً" وما تجمل الإشارة إليه هو أن القربي أكد في إحدى مقابلاته الصحفية أنه لا يوجد على صعيده الشخصي قرار ناجح سوى اختيار الزوجة.