آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

رأي القدس: يوم سعيد لليمن السعيد

ان تفوز ناشطة سياسية يمنية بجائزة نوبل للسلام، فهذا حدث غير مسبوق يؤكد على اهمية الدور الكبير الذي لعبته المرأة العربية، واليمنية بالذات، في فعاليات الربيع العربي، التي انطلقت للمطالبة بالتغيير الديمقراطي واسقاط انظمة القمع والفساد.

من حق الشعب اليمني ان يحتفل مرتين بهذه السابقة التاريخية، الاولى هذا الاعتراف العالمي بشرعية ثورته ودعمه لنضاله السلمي لتحقيق مطالبه العادلة في التغيير، والثانية وضع بلاده على الخريطة الاعلامية، وبالتالي السياسية ولاسباب حضارية مشرفة، بعد عقود من الغياب والاهمال.

ارتبط اسم اليمن في الاعوام الاخيرة باعمال العنف والارهاب والفلتان الامني، والحروب الداخلية وخطف السياح الاجانب، والتخطيط لهجمات ضد اهداف غربية وأمريكية على وجه الخصوص، بعد انشاء فرع رئيسي لتنظيم 'القاعدة' على ارضه، ولا بد ان فوز امرأة بجائزة هي الاشهر عالميا سيساهم في تغيير هذه الصورة، ليس عن اليمن فقط، وانما عن المرأة العربية بشكل عام.

السيدة توكل كرمان الام لثلاثة اطفال قدمت نموذجا في النضال السياسي، جنبا إلى جنب مع الرجال، لاصلاح دولتها ومجتمعها، استحقت عليه هذه الجائزة، وكانت مصيبة تماما عندما وصفت فوزها بها بانه تكريم لكل الشباب اليمني، وللمرأة اليمنية، بل والشعب اليمني كله الذي افترش ساحات الثورة منذ اكثر من ثمانية اشهر، وقدم اعدادا كبيرة من شهداء الحرية دون ان ترهبه آلة القمع الامني.

عانت المرأة العربية كثيرا من الاهمال والتهميش في مجتمع ذكوري حرمها من ابسط حقوقها في المشاركة في النهوض ببلادها، وها هي ثورات الربيع العربي تنصفها وتعيد لها الاعتبار، وتدفع بها إلى الواجهة، ففي هذه الثورات زالت الحواجز بين المرأة والرجل، وتعمقت المساواة في الحقوق والواجبات، واثبتت المرأة قدراتها الكبيرة في المشاركة في عملية التغيير من الصفوف الامامية.

هذا الفوز الكبير لهذه الشابة اليمنية سيشكل حافزا لكل النساء العربيات المضطهدات، ودعما معنويا كبيرا للثورات العربية من اجل التغيير، سواء القائمة حاليا، أو تلك التي ما زالت في رحم الخلق والنمو، وتنتظر لحظة الولادة من اجل الانطلاق.

السيدة توكل كرمان هي سفيرة كل النساء العربيات اللواتي شاركن في الثورات، وهي الوجه المشرق لهن، سواء في تونس أو مصر أو سورية أو البحرين أو المملكة العربية السعودية، حيث تتحدى النساء السعوديات كل العوائق التي تحول دون مشاركتهن السياسية ونيل حقوقهن كاملة دون نقصان.

ايام اليمن السعيد السعيدة قليلة بسبب تضخم المعاناة، وغياب الحريات، وانتشار الفساد، ومن المؤكد ان اليوم الذي اعلن فيه المسؤولون عن منح جائزة نوبل عن فوز الشابة كرمان بالجائزة مشاركة مع امرأتين ليبيريتين، هو من الايام السعيدة لليمن واليمنيين، بل هو عيد وطني يجب الاحتفال به كل عام.

زر الذهاب إلى الأعلى