لم تشهد صنعاء ليلة أعنف من البارحة، أضاءت سماءها نيرانُ القصف الذي لم يتوقف طيلة ساعات ولا يزال مستمراً، من كافة معسكرات الحرس التابعة لنجل الرئيس صالح، والرابضة على الجبال المطلة على المدينة.. قصف جاء بعد اجتماع صالح بمن تبقى من قيادات في الداخلية والدفاع، وألقى فيهم خطابا كان بمثابة إعلان حرب..
تم، ولايزال، قصف الأحياء السكنية في أكثر من مكان، ووصلت قذائف المدفعية إلى ساحة التغيير المكتظة بعشرات الآلاف من المعتصمين السلميين، وتم إمطار الفرقة الأولى مدرع المؤيدة للثورة بقذائف الهاون وصواريخ الكاتيوشا.. ووصل إلى جامعة الإيمان وحدها 17 صاروخاً.. وانطلقت النداءات من مستشفى التغيير مهيبة التبرع بالدم لجرحى بالعشرات.
وبلغ عدد الضحايا الذين الإبلاغ عنهم حتى الفجر 8 شهداء، زهقت أرواحهم ضريبة تمسك النظام الغشوم بكرسي "التسلط" وتمسك الشعب بمستقبل نظيف..
أثناء القصف، كانت ساحة التغيير بصنعاء تلهج تلهج بالدعاء لله الواحد الأحد، ثم رددت بصوت واحد، الزامل التالي:
بلِّغوا قحطان والشيخ صادق.. واللواء محسن وكل القيادة
شعبنا جاهز لحمل البنادق.. في سبيل الله ما أحلى الشهادة
وعلى هول ما عشناه في هذه الساعات لم يستوقفني القصف والرعب، بقدر ما استوقفني هذا الزامل لأكتب هذه السطور.. محيياً في الشباب هذه الشجاعة ورباطة الجأش وداعياً إياهم إلى الحفاظ على سلميتهم مهما كان جنون النظام المودِّع.. ذلك أن سلمية الشباب هي السلاح النووي الذي حيّر الظالم وأفقده صوابه.. وهي التي أكسبت ثورة التغيير في اليمن احترام العالم أجمع، وهي البرهان الساطع على أن القادم أجمل بإذن الله.. أما الرد على الرصاصة بمثلها فهذا هو ما تريده العائلة الغاربة، أملاً في أن يؤدي ذلك إلى خلط الأوراق.. فعلى الشباب التنبُّه لهذا الفخ، والله نسأل أن يتغمد ضحايانا بواسع رحمته وأن يمنَّ علينا بالفرج القريب، وأن يجعل عاقبة الصبر فتحاً مبيناً.. إنه ولي ذلك.