(1) اخشى على مجلس التعاون الخليجي ان يتحول إلى اداة غير فاعلة في الشان العربي، اخشى ان يتحول إلى منظومة تهب عليها عواصف السياسات الدولية ويتهم بانه مسيّر لصالح الدول الكبرى ينفذ سياساتها ويحقق اهدافها.
قلت منذ زمن ليس بعيدا عن زماننا 'ان مجلس التعاون انتهت صلاحيته' بالصيغة التي قام من اجلها وعليه ان يعيد ترتيب اوضاعه انطلاقا مع ثورة الاصلاح التي تجتاح الوطن العربي. والحق ان افعال مجلس التعاون الخليجي لم تكن محمودة عند الشعب العربي منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي ولا اريد التذكير بوقائع تلك الحقبة السوداء في تاريخنا المعاصر. اليوم يجدّ مجلس التعاون الخليجي لايجاد مخارج سياسية لبعض الحكام العرب الذين يواجهون غضب شعبهم المطالب برحيلهم عن السلطة. في اليمن الشعب أجمع على اسقاط نظام علي عبد الله لفساده واستبداده وظلمه وتسييد جماعة على جماعة اخرى بغير حق، ولكن مع الاسف أعطى مجلس التعاون لعلي عبد الله كل الحصانات وحماه من مساءلته عن ما فعل باليمن منذ اكثر من ثلاثين .
بعض دول مجلس التعاون تعتقد وهي ظالمة في اعتقادها ان علي عبد الله ما برح صالحا لادارة اليمن، وان اختار قبل الرحيل عن السلطة ثلة من العسكر ومن بينهم ابناؤه واقاربه وتسليمهم القيادة والزعامة على اليمنيين هي الضمانة الوحيدة لاستقرار اليمن وجواره امر في غاية الخطورة وترتكب دول المجلس جريمة كبرى في حق الشعب اليمني ان قبلت بذلك الحل .
ان الحل المطلوب في اليمن العمل على تجميد كل اموال الرئيس وعائلته المالية والعينية في الداخل والخارج واجباره على الرحيل عن السلطة قبل ان يستفحل الامر، ان المبادرات الخليجية مدت في عمر النظام وفتكت بارواح الشعب اليمني وانهيار اقتصاده، ان الشعب اليمني لن ينسى تأييد بعض دول الخليج العربي لبقاء عبد الله صالح في السلطة وحمايتهم له وتقديم كامل الضمانات له ولافراد نظامه من اجل البقاء في الحكم.
من حرصنا الشديد على بياض صفحة مجلس التعاون الخليجي تجاه اليمن ان يتخلوا عن مبادراتهم غير المجدية وان يكفوا على المطالبة بتوقيع عبدالله صالح على تلك الوثيقة سيئة السمعة والصياغة والاهداف وان يبلغوا مجلس الامن الدولى بان مبادرتهم لم تعد ذات قيمة ولا يجوز استخدامها من قبل المجلس في صياغة اي مشروع قرار بشأن النظام القائم في صنعاء، وبذلك يكون مجلس التعاون برأ ذمته امام الشعب اليمني الثائر على نظام الاستبداد والفساد في اليمن .
( 2 )
اجتمع مجلس جامعة الدول العربية في القاهرة بالامس لنظر الحال في سورية الحبيبة بموجب دعوة من وزير خارجية دولة الامارات العربية المتحدة، وكأن الدعوة صدرت عن دول مجلس التعاون الخليجي الامر الذي دفع بالكثير من المهتمين بالشأن العربي إلى الشك في نوايا دول مجلس التعاون تجاه سورية، تقول بعض وسائل الاعلام ان هناك طلبا تقدمت به مجموعة دول التعاون مؤداه ' تعليق عضوية سورية في جامعة الدول العربية ' تمهيدا لتعليق عضويتها في المنظمات الدولية وخاصة الجمعية العامة ووكالاتها المتخصصة ومن ثم تطبيق السيناريو الذي طبق في الشأن الليبي واذا صدقت هذه التسريبات أو التفسيرات لنوايا الداعين لاجتماع مجلس جامعة الدول العربية فان الامر في غاية الخطورة ، ونحتاج إلى جهود خليجية واضحة تبين حسن النوايا عندهم.
ما يثير الاهتمام هو لماذا اجتماع وزراء خارجية الدوال العربية للنظر في الشأن السوري ولا تجتمع من اجل اليمن بعد ان تعثرت كل الجهود العربية والدولية (مجلس الامن) في ارغام عبدالله صالح للاستجابة لمطالب الشعب اليمني؟
النظامان يرتكبان ابشع الجرائم في حق الشعبين السوري واليمني، وان اجتماع الوزراء في القاهرة لم يجد حلا لأوضاع سورية الدامية وان اقتراحهم على القيادة السورية بالاجتماع مع المجلس الانتقالي السوري المشكل من قبل معارضي النظام يعلمون استحالته لان ذلك يؤدي إلى الاعتراف بشرعية هذا المجلس المتشكل في خارج سورية ويقيني بان اجتماع السادة الوزراء في القاهرة لم يضف شيئا غير الشبهات وتفسير نوايا الداعين إلى ذلك الاجتماع. كما انه لم يتناول الشأن اليمني وهو ليس اقل خطورة من الشأن السوري .
اخر القول: ان القيادتين السورية واليمنية مصممتان على البقاء في الحكم ولو على جماجم الشعبين، نعرف ان معظم القيادات العربية لن تتجرأ على اتخاذ قرارات حاسمة تجاه النظامين لان معظم هذه الانظمة ستواجه المصير ذاته عاجلا ام اجلا ما لم تسارع إلى اتباع طريق الاصلاح الفعلي وهو اعلان الحرب على الفساد والمفسدين والظلم والظالمين والاستبداد والمستبدين واعطاء الشعب حق المشاركة في القرارات السياسية والاقتصادية واليقين بان الشبيحة والبلطجية والبلاطجة والجيوش السرية التي تعدها الانظمة ليست الضامنة لبقاء الحاكم في كرسيه مهما قويت شوكته وزادت قوته واجرامه لان البقاء للشعوب وليس للحاكم المستبد وزبانيته.